المرجع المُدرّسي(دام ظله)يؤكد على دور الاحزاب والنقابات والمؤسسات الجماهيرية لبناء العراق:
لابد من تجمعات تعبرعن صوت ورأي الناس وتجسّر علاقتهم بهرم الدولة ومراكزالقرار والسلطة
اكد المرجع الديني سماحة اية الله العظمى السيد محمد تقي المُدرّسي (دام ظله) على ضرورة وجود التجمعات الفاعلة في المجتمع التي تقوم بدورها بشكل ايجابي مؤثر في خلق ارضية الاصلاح والبناء والنهوض بالبلاد. موضحا ان هناك اهداف عامة يشترك فيها كل الناس كأفراد، وان هناك اهداف لايمكن تحقيقها من دون التمحور وتوحيد الطاقات بشكل جماعي على هيئة احزاب او منظمات ومجالس او اي مسمى اخر، لان مايتمحور حوله التجمع يكون شي لايستطيع الفرد ان يقوم به من دون ان تتظافر له الجهود و تتعاون في اداءه وانجازه نفوس وعقول كثيرة.
واوضح سماحته ـ خلال استقباله ممثلي فعاليات ثقافية واجتماعية وحزبية في كربلاء المقدسة ـ انه ومن هذه المنطلق، ومن واقعنا اليوم، فان اي تجمع لابد ان يكون من بين اهدافه العمل على ردم الفجوة بين الدولة والسلطة وبين الامة، والعمل على اصلاح اي خلل او قصور في العلاقة، من خلال بناء جسور التواصل والتفاعل بين الهرم والقاعدة و بالتعبير عن رأي وصوت الجماهير وايصالها الى اصحاب ومراكز القرار والسلطة، لان السلطة مهما كانت كبيرة تبقى معزولة عن الامة بدون وجود روابط و وسائط، وهذه الفجوة يبدو للكثيرين الان في العراق انها اصبحت كبيرة، والسبب في ذلك ان السلطة الدكتاتورية السابقة تضخمت وانفجرت وردمت الفجوة ردما غير حقيقي عبر آليات ووجودات شكلية من الاجهزة والمنظمات والنقابات والاتحادات الي كانت سلطوية لانها من بناء واختراع ذات السلطة تلك، او انها كانت مجرد واجهة واداة صورية بيد السلطة، ولذا فحينما انهارت السلطة فإن هذه الهالة الكبيرة غير الحقيقية ايضا انهارت معها، فأصبحت السلطة مجردة عن اي ادوات ووسائط فاعلة...
واشار سماحته بهذا الخصوص الى ان الدولة والسلطة الجديدة لاتستطيع ان تحقق او تعمل ضمن ذلك النظام، ولايمكنها ان تردم تلك الفجوة، وليس من الصحيح ان تتبع ذات الاسلوب فتُنتج وتنشأ منظمات ونقابات وجمعيات وتجمعات تابعة لها لتكون روابط وجسور مع المجتمع، لان هذا غير ممكن وغير جيد، وانه ازاء هذا الواقع فأن الساحة والمجتمع والدولة بحاجة الى احزاب وتنظيمات وتجمعات ونقابات حرة منبثقة من المجتمع، تكون فاعلة ومؤثرة ومتنوعة، وهذا مالم يتحقق لحد الان بالصور المرجوة كما وكيفا، لان مجتمعنا للاسف لم يتسنى له ان توجد فيه اليات وثقافة واسعة وجدية في هذا الشأن لانه يفتقد منذ امد طويل لوجود ممارسات وثقافة وتقاليد ديمقراطية رصينة تتيح له القيام بهذا الدور....
مضيفا انه كانت ولاتزال هناك فجوات كبيرة والدليل على ذلك ماحصل ويحصل حتى الان في العراق من حالات الخلخلة و عدم الاستقرار وعدم وضوح الرؤية عند الناس، مشيرا بهذا الصدد الى الانتخابات التي حصلت في الفترة الماضية والتي حملت بعض العناصر الغير كفوءة ـ وباعتراف الجميع تقريبا ـ الى مراكز السلطة والقرار والادارة. وبين سماحته ان ذلك يدل على انه لم يكن في المجتمع وسائط وتجمعات كافية ومؤثرة لكي تشخص وتبرز العناصر الافضل والاكفىء والانزه وتتدفع بهم الى الواجهة والى مراكز القرار والادارة والسلطة في اي مستوى كانت في هذا البلد . واكد سماحته ان هذا الدورالذي يجب ان تلعبه التجمعات والاحزاب والمنظمات هو دور ضروري ومهم جدا وليس دورا هامشيا ولا هو دور من نافلة العمل، بل لابد ان يكون من فرائض العمل وجزءاً اساسيا منه .
وفي جانب اخر من حديثه اوضح سماحة المرجع المدرّسي(دام ظله) ان لدينا في المجتمع العراقي ذخائر سامية من الاخلاق، الا انها للاسف لم تُفعّل في السياسة بالذات ، فلانرى مايمكن ان نسميه بـ(التقوى السياسية)، ونضم الامر واصلاح ذات البين، موضحا ان هذه القيم والاخلاق هي التي أتت بالملايين مشيا الى كربلاء المقدسة، وابرزت التعاون والالفة والتلاحم ووحدة الهدف بين الجميع ، ولو كنّا بنفس هذه الروحية وهذه الاخلاق ندير السياسة وامور السلطة والادارة في البلاد لكان ولاصبح بلدنا بخير، لكننا للاسف لانتعاطى بهذه الاخلاق وهذه القيم والروح في حكم وادارة السياسة والسلطة، بل نمارسها بالاتهامات المتبادلة وبسوء الظن وفقدان الثقة بين الاخوان وبالتالي بالصراعات والنزاعات والتجاوزات على بعضنا البعض... مشيرا الى ان هذا الخلل وهذه الفجوات والاخطاء بين رأس الهرم والقاعدة والتي التي ورثت في جانب منها من ممارسات النظام السابق ومن ثم تداعيات انهياره، لابد من العمل الجدي على ترميمها وسدها عن طريق انشاء وتعزيز وتفعيل دور الوسائط، من المؤسسات المختلفة، الحزبية، والثقافية، والدينية والعشائرية والنقابية وغيرها.. وبالتخطيط المدروس لبناء علاقة مستقبلية قائمة على اسس قوية من التوازن والوضوح والفاعلية بين هرم واركان الدولة والسلطة وبين ابناء الشعب عبر هذه الوسائط ..