برعاية الإمام المدرسي:مؤتمر العودة الى القرآن الكريم ينعقد في دورته الحادية عشرة
برعاية المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي وتحت إشراف حوزة الإمام القائم (عج) العلمية بالسيدة زينب أقيمت بقاعة المؤتمرات بفندق سفير السيدة زينب في الفترة من 2/4/ 2008 إلى 4/4/2008 الموافق 25 ربيع أول / 1429 هـ الدورة الحادية عشرة لمؤتمر العودة إلى القرآن الكريم وذلك تحت عنوان (فهم النص بين الحاضر وهيمنة التراث).
- اليوم الأول من أعمال المؤتمر
افتتح سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي أعمال المؤتمر في يومه الأول بكلمة ألقاها عبر الاقمار الصناعية ومن مدينة كربلاء المقدسة ووسط حضور جماهيري كبير غصت به قاعة المؤتمرات بفندق سفير السيدة زينب. وقد تركزت كلمة سماحته على السؤال التالي: كيف نعود إلى كتاب الله؟ مقدما في اجابته بجملة من التوصيات رأى سماحته أنها مقدمة أولى في طريق العودة إلى القرآن، و أولى هذه التوصيات هو دعوة سماحته للأهتمام بالنشئ وذلك من خلال تأسيس رياض القرآن للأطفال.
بعد ذلك أشار سماحته إلى أن ثقافة القرآن ليست ثقافة حزبية بل أممية مؤكداً على أهمية دور مراكز الإعلام وبالذات القنوات الفضائية في العمل على نشر ثقافة القرآن.
ورأى سماحته أن من الضروري أن تولي الحوزات العلمية اهتمامها البالغ بالقرآن الكريم، وذلك بأن يكون القرآن (فقهاً ودراسةً وتدبراً) مرافقا للطالب الحوزوي في مساره العلمي من بدء تحصيله ويستمر معه إلى النهاية.
ثم بدأت المشاركة الأولى بورقة قدمها سماحة الشيخ عباس الجابر مدير عام قناة الانوار الفضائية حملت عنوان: (علوم القرآن.. قراءة نقدية) مشيرا إلى أن الغرض من دراسته معرفة أثر علوم القرآن في فهم النص القرآني والحاجة إلى الاجتهاد والتجديد فيها، موضحاً أن علوم القرآن عبارة عن بحوث تخصصية، عرفت في القرن الرابع الهجري واصطلح عليها بعلوم القرآن. وهي بهذا لا تعدو كونها شرح وايضاح وربما لا تقرب العوام للقرآن لأنها جاءت متخصصة وقلما يستفيد منها العوام.
ثم تلى ذلك مشاركة الشيخ الأسعد بن علي الاستاذ في الجامعة الإسلامية اللبنانية فرع دمشق، واستاذ الدراسات العليا في حوزة الإمام الخميني وجاءت تحت عنوان: (نسبية المعرفة الدينية والمنهج التكاملي في تفسير القرآن) حيث أشار في مقدمته إلى أن المنهج (التكاملي في تفسير القرآن) هو الذي يحلق بالوعي الديني إلى افق أسمى ومدارات جديدة في علاقتنا بالنص للتخلص من هيمنة الشروح والحواشي ولتجدد القراءة عبر استجابة متكررة في سياقاتها الخاصة، وأكد على أن المنهج يحتاج إلى عدة فكرية، كما يحتاج إلى عدة معنوية.
وختمت فعاليات الليلة الأولى للمؤتمر بدراسة قدمها سماحة الشيخ حمزة اللامي الأمين العام لمؤسسة الطالب العراقي العلمية، مناقشا فيها: (القرآن بين التفسير والتأويل) موضحا أن التأويل من أخطر آليات التشويش على الحق إذا لم يمارس بطريقة موضوعية. <br>والجدير بالذكر أن المؤتمر صاحبته مجموعة من النشاطات منها معرض للكتاب ضم مؤلفات المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي راعي المؤتمر، كما أصدرت اللجنة المنظمة للمؤتمر صحيفة (رسالة المؤتمر) جاءت مضامينها توضيحية لرسالة الشعار العام للمؤتمر في دورته الحادية عشر.
-
اليوم الثاني من أعمال المؤتمر
تتواصلت فعاليات مؤتمر القرآن الكريم في اليوم الثاني من انعقاده بمشاركة ثلاث باحثين هم الشيخ معتصم سيد أحمد من السودان بدراسة تحت عنوان (المنهج التأويلي عند السيد المدرسي)، وسماحة السيد محمود الموسوي من البحرين بدارسة تحت عنوان( المحكم والمتشابه .وتوليد المعرفة. نموذج تطويري لعلوم القرآن )، وسماحة الشيخ مرتضى الفرج من الكويت بدراسة تحت عنوان(الفلسفة الغربية وقراءة النص).
وقد أشار الشيخ معتصم سيد أحمد في دراسته تحت عنوان (المنهج التأويلي عند السيد المدرسي) إلى التحديات التي تواجهها الأمة في كافة الأصعدة ومختلف المجالات وأن ذلك يستدعي السعي للكشف عن الشعار الذي تعيشه الأمة، مؤكداً على أن منهج السيد المدرسي قام بتأصيل حلول جذرية عندما فرق بين ما هو ثابت وما هو متغير في الفكر الديني، وإن المتغير هو المساحة التي نتقاطع فيها مع الآخرين ونتكامل بهم، كما أنه هو الحقل الذي ينشط فيه العقل بكل مكوناته، أما الثوابت فهي تلك القيم القابلة للانطباق على كل متغيرات الواقع، وبالتالي نتجاوز مشكلتنا مع الآخر مما يقلل من سلبيات المنافسة ففي الوقت الذي نفتح فيه الفرصة للجميع نطالبهم بالالتزام بتلك القيم.
وأكد أن منهجية السيد المدرسي انطلقت من حقيقة أساسية هي أن القيم تنتنظم بشكل هرمي في قمته قيمة رئيسية هي أم القيم تتجه كل القيم إلى تحقيقها، وقد استنبط من النصوص والعقل إن هذه القيمة هي قيمة التوحيد، ويعبر عنها بالإيمان باعتباره الرابط بين الخالق والمخلوق، وتنبثق من هذه القيمة مجموعة قيم، ومن خلال ترتبها نكتشف القيم الثابتة. وأشار إلى أن هذه المنهجية اعتمدت على القرآن بتطوير أسلوب الفهم ومنهج الاستنباط من القرآن الكريم، حيث أنها بعكس المناهج الأخرى لم تتجاهل الحكمة التي ترتبط بكل حكم شرعي مبثوث في آيات القرآن الكريم، كما أنها اعتمدت على التدبر في آيات الذكر الحكيم لتبين السنن والحكم فيها .
ثم تلى ذلك الباحث الثاني الشيخ الدكتور مرتضى الفرج من الكويت، والذي جاء بحثه تحت عنوان (الفلسفة الغربية وقراءة النص) وأشار إلى أن هدف دراسته هو استعراض المدارس الغربية في مجال قراءة النص لإعطاء المتلقي غير المتخصص مدخلا أو خريطة تعينه على التعمق في قراءة المناهج والآليات الغربية المقترحة لقراءة وتفسير النصوص. وأنه لا يستهدف من البحث نقد تلك المدارس. وأشار إلى أن إخضاع الكتب المقدسة (كالإنجيل والقرآن وغيرهما) لتلك الآليات ليس من أولويات الغرب، لا لأنهم ينظرون إليها على أنها مقدسة، وإنما لأنهم ينظرون إليها على أنها تقف في صف واحد مع كتب الأدب والقصص والشعر والأساطير.
وأشار سماحة السيد محمود الموسوي من البحرين في دراسته التي جاءت تحت عنوان (المحكم والمتشابه و توليد المعرفة ...نموذج تطويري لعلوم القرآن) إلى أهمية دراسة مفردات علوم القرآن ومنها المحكم والمتشابه، وذلك لأنها مدخل لفهم النص القرآني لكي تتولد لدينا معرفة من خلال الآيات المنتشرة في الآفاق والأنفس.
وقال سماحته: عندما نقرر أن بعد التوليد المعرفي هو البعد الأهم فإن بحوثنا في المحكم والمتشابه يمكنها أن تأخذ أشكالا مختلفة عن السائد في التعاطي مع علوم القرآن الكريم.
- المداخلات
بعد ذلك فتح المجال أمام المداخلات حيث تقدم الشيخ الخاقاني بمداخلة أولى شكر في مقدمتها حوزة الإمام القائم عج الشريف العلمية لاهتمامه بالقرآن الكريم خصوصا في هذه الظروف التي يتعرض المسلمون فيها للضغوط والاستفزاز من قبل الغرب المتمثل في الإساءات المتكررة للرسول الأعظم وللقرآن الكريم، ثم قال: إننا عندما نعود إلى القرآن يجب أن نفهم ما هو القرآن، وما الغرض من فهمه؟ وأضاف: إننا إنما نفهم القرآن لتحقيق الطاعة التي هي رضا الله ولأن فكرنا ليس فكر صافي قد يؤثر في فهمنا للقرآن فلابد لنا من ضابطة أساسية لمعرفة النص، وهذا الفهم لا يمكن أن ينفصل عن تؤم القرآن الذين هم أهل البيت إذ لا فهم بدون العترة.
ثم تقدم بعد ذلك الدكتور نزيه الحسني الأستاذ بكلية فلسفة بكل من جامعتي دمشق وأزاد فشكر في مقدمة مداخلته الحوزة الراعية لهذا المؤتمر؛ ثم علق على بحوث المشاركين في المؤتمر.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن الانطلاقة الأولى لمؤتمر العودة إلى القرآن الكريم كانت عام 1417 هـ وبرعاية كريمة من سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي. دامت بركاته