سماحة المرجع المُدرّسي(دام ظله) يشدد على ان تفكير كل طرف بإنهاء الاخر يهدد سلم المجتمع وحرمة الدماء
طالب سماحة المرجع الديني اية الله العظمى السيد محمد تقي المدرّسي(دام ظله) المسؤولين وجميع الاطراف المعنية في الساحة العمل على وقف اراقة مزيد من الدماء، و الى انتهاج سبل رشيدة ووضع حلول عقلانية للازمات والمشاكل.
واشار سماحته في محاضرة كان القاها الاسبوع الماضي بمكتبه في مدينة كربلاء المقدسة، الى الوعي والحذر من ان (استمرار الفتن والفوضى في البلاد قد تُخبّىء او تنتج مرة اخرى ـ لاسمح الله ـ طغيانا جديدا في العراق؛ وإذا لم ننتبه فإن هناك احد وراءها ومن وراءنا ووراء بلدنا .
وبين سماحته في جانب اخر من حديثه ان سيادة الأمن والاستقرار امر ضروري واساسي ويجب ان يكون مطلب الجميع لانه في صالح جميع الاطراف و اطياف المجتمع وبناء البلاد ، وان من بين اهم السبل لتحقيق ذلك انتهاج الحكمة وبعد النظر والحوار والتعاون الصادق بين الجميع، وليس بالضرورة استخدام القوة على الدوام والتي تحتاج هي ايضا الى الحذر والعقلانية في موارد استخدامها الملحة . مضيفا بهذا الخصوص:( اذا كان كل منّا يريد أن يقضي على او ينهي الطرف الآخر فأنه لن ينتهي، وإنما نتسبب بهذه العقلية والطريقة في إزدياد المشاكل وتعقيد وتشعب الازمات وتهديد سلم المجتمع وحرمة الدماء ، فأين الفكر والعقل والرشد في ذلك ، اذا كان فلان منّا يريد أن ينهي هذه الجماعة الفلانية مثلا او تلك، فيما هذه تريد بالمقابل أن تنهي فلان، وهو مالايمكن وما لا يجب ان يتصور احد انه يستطيع تحقيقه ،فضلا عن كونه اسلوب ونهج سقيم وخطير ايضا.
وتابع سماحته بالقول:( فلننظر إلى بغداد والبصرة والكوت وأماكن أخرى، وهنا نقول: وإلى متى؟ لذلك ـ وفي جميع اتصالاتنا واحاديثنا التي نجريها مع المسؤولين والاطراف في الساحة ـ نؤكد لهم ونقول: يكفي إراقة الدماء ويكفي خراب البلد وشماتة الأعداء، وكأن في كل شهر نصاب بهستيريا جماعية ونقع على بعضنا قتلاً، فتخرج الأزمات والفتن في الساحة بهذه الطريقة الخطرة، وكأننا صرنا للاسف كالذين يخربون بيوتهم بأيديهم. يجب علينا جميعا أن نصل إلى ارضية مشتركة وقناعة معينة ونتّفق و نتوجه إلى الأمام فلا ينظر أحدنا إلى الخلف و كل يتهم غيره، يكفي ذلك، ولنستقبل بوجوهنا المستقبل ونبني البلد ونستثمر خيرات الله فيه لصالح الناس وخدمتهم. والا فإننا إذا عشنا بالفتن وسمحنا لها بالاستشراء في حياتنا فأننا كمجتمع وامة لن نستطيع العيش وبناء المستقبل..).
واكد سماحته في هذا الشأن ان المجتمع والأمة الراشدة ذات الحيوية والوعي والتطلع حينما تصاب بآفة من الآفات كالفتنة أو التفرقة أو الحرب أو أي شيء آخر لا تلبث أن تتداعى لعلاج ازماتها وتتحرك وتستخرج من كنوز إمكاناتها المزيد من الطاقة ثم تعالج المشكلة وتمضي في طريقها إلى الأمام ومن ثم تتحول المشكلة إلى عبرة وإلى تاريخ. بينما الأمم والمجتمعات ذات الثقافة التواكلية الكسولة والمريضة يصعب تدارك الأمر عليها، فالفتنة إذا وقعت فيها تستمر والمشكلة إذا أصابتها لا تحل وجراحها لا تندمل، وهي تشبه بذلك مرض السكري الذي يصعب أندمال جراحه.. ، فأي شعب واي امة نريد ان نكون ؟... ان الأمة يجب أن تتعافى إذا أصيبت بفتنة وإلا كانت من الأمم التي يسهل انتصار عدوها عليها، ومن السهل تمزقها ، كما ان الأمة لا ينبغي لها أن تعيش في دوامة الماضي لأنها سوف تخسر المستقبل بل يجب أن تكون أمة ذات أفراد وجماعات فطنون مؤمنون ذووا وعي يعيشون عصرهم وينفتحون عليه وعلى المستقبل.وبخلاف ذلك فأن امتنا حين تصاب بفتنة تستشري هذه الفتنة فينا لأننا لا نجلس ونتبع الشرع لحل المشكلة، لأن من فوائد الأحكام الشرعية الأساسية هو إنهاء المشكلة وحسم الموقف.