الصراع الذي لا بد منه ؟!
إن منذ خلق الله تعالى الكون ودب فيه الحياة , قام الصراع الذي لا بد أن يكون بين كل شيئين متضادين في هذا الوجود الواسع.
- بين الحق والباطل
الصراع القائم والمعركة الشرسة والمستمرة بين الحق والمتمثل بالرسول محمد صلى الله عليه وآله وأهل بيته الطيبين الطاهرين وجميع الأنبياء والمرسلين وكل الأتقياء الصالحين ، وبين الباطل في الجهة المقابلة والمتمثل بإبليس الرجيم وكل من سار على نهجه السقيم وصار في ضلالٍ عميم ، قال تعالى :﴿لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ .(1) ليعلم الله تعالى من يتبع الحق ومن يتبع الباطل وحتى لو انتصر الباطل على الحق فلا بد في النهاية أن ترتفع راية الحق عالية وتحقيقاً لقول تعالى : لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ .﴾ (2)
- بين العلم والجهل
إن الإنسان عدوٌ لما يجهله كائناً ما كان هذا الشيء , سواء كان هذا لمصلحته الشخصية أو لمصلحة الشعب أو لمصلحة المجتمع.
قال أمير المؤمنين : وضد كل امرئ ما كان يجهله والجاهلون لأهل العلم أعداء
إن أفضل وأعلى عالم في الوجود رسول الله محمد صلى الله عليه وآله , وقد نقل علومه ومعارفه جميعها لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، فكان هو العالم بكل الأمور والقضايا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وانتقاله إلى جوار ربه تبارك وتعالى.
فتكلم الجاهل بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وأُسكت العالم , وهنا نسأل هل كان هذا الجاهل الذي تكلم لا يعلم شيئاً , وأنه كان يتكلم استفساراً ليضيف معلومة جديدة لجعبته ؟
الكل يعرف إن هذا الجاهل لم يكن جاهلاً بما للكلمة من معنى بل كان يمكر مكر الثعلب ويغدر غدر الذئب لغاية في نفس يعقوب !
ولقد حصل على مراده ووصل لغايته ولكن ليس على الوجه المطلوب بل كان دائماً يرجع إلى العالم ليخرجه من المصيبة والمشكلة التي أوقع نفسه فيها ! أو ليسأله عن مسائل الدين وقضايا المجتمع , وقد قال هذا الجاهل كلمة في حق الرجل العالم تبين مقدار معرفة العالم في كل القضايا وأنه أحق منه في كل شيء , ولو سكت الجاهل منذ البداية لما حصل الاختلاف بين الناس بعد وفاة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله إلى يومنا الحاضر , قال الإمام محمد الجواد : ( لو سكت الجاهل لما اختلف اثنان ) .
وينقسم الجهل إلى قسمين هما :
1. جهل عادي :
وهو أن يأتي الشخص ولا يعرف شيئاً ويقول إني جاهل فيتعلم .
2. جهل مركب :
وهو أن يكون الشخص متعلماً ولكنه يسأل عناداً وجحوداً واستهزاءً لا استفساراً عن الشيء ويعد من أشد أنواع البلاء على الناس.
ولتقريب الصورة للأذهان عن النوع الثاني نأتي بمثال :
قول الرسول : ( إني تركتُ فيكم الثقلين , أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله عز وجل حبل ممدود من السماء إلى الأرض , وعترتي أهل بيتي , ألا إنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض ) . (3) فيقول الجاهل المستهزئ : حسناً , إن القرآن خفيف وليس بثقيل مع معرفته بمعنى كلمة ( الثقل ) , وهل القرآن أكبر من عترة الرجل ؟ إن عترة الرجل أكثر من أربعين رجلاً والقرآن كتاب واحد , وأين هذا الحبل الممدود ؟ أريد أن أتسلق عليه . ثم يقول : أنا أحب الرسول واحترمه.
قال الشاعر : ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا