الارتباط بأهل البيت عليهم السلام

يجمع المسلمون على محبة أهل البيت ، وأن النبي قد أوصى بهم خيرا ، فقد جعل أجر الرسالة مودتهم كما يطبق على ذلك المفسرون عند تفسير قوله تعالى ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) ، كما يروي المحدثون عنه حديث الثقلين وننقله هنا بلفظ مستدرك الحاكم " تركت فيكم الثقلين ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما " ، وهذا الحديث صحيح ثابت أخرجه المحدثون من الفريقين ، وممن رواه مسلم في صحيحه كتاب فضائل علي بن أبي طالب ، والترمذي في صحيحه ، والنسائي في خصائصه ، وابن كثير في تفسيره .

وبعد هذا الإجماع يختلفون في أمرين :

الأول : من هم أهل البيت ؟

الثاني : طبيعة العلاقة معهم ؟

وعندنا نحن الإمامية أن أهل البيت هم الذين نزلت فيهم آية التطهير " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " فقد ذكر المفسرون في سبب نزولها أن النبي كان قد غطى نفسه بكساء ، فجاء الحسن والحسين وعلي والزهراء فاستأذنوه ودخلوا معه تحت الكساء ، وإذ ذاك نزل جبريل بهذه الآية .
فهؤلاء الخمسة مضافا إليهم الأئمة التسعة من ذرية الحسين هم أهل البيت في نظرنا ، وقد ورد عن النبي كما في صحيح مسلم ( لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا كلهم من قريش ) وفي ينابيع المودة( كلهم من بني هاشم ) .
فنحن نعتقد بإمامة اثني عشر إماما بعد رسول الله .

أما الأمر الثاني فهو عن طبيعة العلاقة معهم ، وهذا هو موضوع بحثنا .
وخلاصة الأمر أن الإمامية تنظر لأهل البيت كمصدر من مصادر التشريع ، فالتمسك بهم هو تمسك بالقرآن كما أوصى بذلك الرسول في حديث الثقلين ، ومن هنا ينبغي أن نفكر في كيفية زيادة ارتباطنا بهم تماما كما نفكر في كيفية زيادة ارتباطنا بالقرآن .

ويمكن أن نسرد بعض النقاط في هذا الصدد :

1- معرفة أهل البيت : فهذا أمر ضروري ، إذ لا يمكن لأحد أن يدعي حب من لا يعرف ، وبقدر المعرفة تكون المحبة ، فالمفسر الذي اطلع على معاني القرآن يدرك أهمية هذا الكتاب العزيز ومدى الحاجة إليه . ونفس الكلام يقال عن أهل البيت ، فمن قرأ سيرتهم العطرة وأخبارهم النيرة يدرك عظمتهم ، ويزداد تمسكا بهم .

2- معرفة مكانتهم ومنزلتهم في التشريع من خلال مطالعة الآيات النازلة والأحاديث الواردة فيهم .

3- مطالعة التراث الذي خلفوه لنا من أحاديث وروايات وأدعية وغيرها ، فهذا التراث الضخم الذي تحتاجه البشرية كافة ينبغي علينا أن نتعمق في فهمه ودراسته ، كما ينبغي علينا أن ننشره بين الناس كي يستفيدوا من أنوار أهل البيت

4- الاقتداء بسيرتهم عليم السلام ، وهذا أمر هام جدا ( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ) . فالمحبة التي لا تقترن بالاقتداء ادعاء فارغ . ولعل أبلغ طريق للدعوة لمنهجهم هو تمثل سيرتهم واتباع سبيلهم .

5- إدراك أن حبنا لهم هو لمصلحتنا ، وهذا مصداق قوله تعالى ( قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا على الله ) وإذا أدركنا هذه الحقيقة سنكون أكثر تمسكا وارتباطا بهم ، فهذه المحبة تعود علينا بالنفع في الدنيا والآخرة .

نسأل الله أن يوفقنا جميعا لمعرفة أهل البيت ومحبتهم والسير على طريقهم وهديهم.

كاتب ومؤلف ( السعودية )