المرجع المدرّسي: المشاركة الصادقة في بناء المجتمع والوطن يعدّ جهاداً
دعا سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي ـ دام ظله ـ ابناء الشعب العراقي الى الجهاد في الميدان الاجتماعي والاقتصادي وباقي ميادين الحياة للتعويض عما فات في عقود الطغيان والسنوات الماضية.
واوضح سماحته ان " المشاركة في بناء الوطن يعّد جهاداً ومثال ذلك الموظف يدخل دائرة عمله مستهلاً عمله بنيّة طيبة لخدمة الناس وليس لتعطيل الاعمال وممارسة الفساد الاداري"،
وقال سماحته مذكرّاً "بأن المجتمع الاسلامي الذي بناه الرسول الاكرم كان مجتمعاً مجاهداً ، فالمرأة كانت في بيتها مجاهدة كما ان الفلاح في ارضه كان مجاهداً ايضاً.."، واردف سماحته بالقول: "نحن من هنا بحاجة لان يتحول الشعب العراقي كله الى مجاهدين".
واشار سماحته الى ان انجلاء ليل الارهاب والمآسي والكوارث ووضع نهاية لها سواء في العراق او غيره من البلدان الاسلامية هو رهن بأرادة الناس وعملهم وتوجههم الحقيقي نحو التغيير والاصلاح وتحمل المسؤولية. واضاف " يكاد الناس في كثير من الدول الاسلامية ومنها العراق ان يصلوا الى حافة الاحباط مع استمرار الظروف القاسية ويتساءلون ماذا نصنع حتى نحول هذه المآسي الى امال وهذه الاحباطات الى طموحات وهذا الوضع المتردي الى أمن ورفاه؟
وكيف نحقق ذلك و نحن لا زلنا نعيش الكوابيس الواحد تلو الاخر؟"، واوضح بهذا الخصوص :" نعم ان من الممكن جدا ان يتحول الوضع الى ما لا يخطر ببال شعوبنا في حال تحملت المسؤولية بوعي ومارست دورها الايجابي من خلال استلهامها الدروس والعبر والعودة الحقيقية الى هدى وبصائر القرآن الكريم والسيرة الوضاءة للنبي واهل البيت ومنهجهم في الحياة وبرنامجهم في التغيير والتطوير والاصلاح.
وفي محاضرته الاسبوعية اوضح سماحة المرجع المدرسي في هذا السياق وفي ضوء البصائر القرآنية بأن " الجهاد لا يعني بالضرورة القتال وخوض المعارك واستخدام السلاح فاذا كان كل قتال جهاداً فانه ليس كل جهاد هو قتالاً، واضاف سماحتة مشيراً الى الاوضاع الجارية في العراق بأن "الجهاد قد يتمثل في الكلمة الطيبة ومعارضة الطاغوت"، واورد الحديث الشريف: "افضل الجهاد كلمة حق عند إمام جائر"، وسلّط سماحته الضوء على آلية التحول في المجتمع وقال: "ان من كان جزءاً من النظام الفساد في المجتمع وجزءاً من المجموعة التي تسير في الاتجاه الخاطئ لا تكفيه التوبة الواحدة والعبادة، بل لا بد له من التحول الى مجاهد ليقبل الله توبته" وتابع سماحته بالقول:"بهذه البصيرة والثقافة الالهية تحول اهل الجزيرة العربية من اناس كانوا يعيشون الطغيان والفسوق ومن اسفل السافلين الى ارقى مرتبة بين الامم".
من جهة اخرى دعا سماحة المرجع المدرسي ابناء الشعب العراقي الى " حالة تكاملية التوازن بين عمل الخير والعبادة والاهتمام بين الدنيا و الاخرة... نحن بحاجة الى مثل هذا الوضع حيث طهارة النفوس تتحول الى عمل دؤوب، هذا اولاً، وثانياً: ان الاسلام ليس شعارات نطلقها هنا وهناك، فالاسلام روح صادقة ومحتوى، واذا رأيت بلداً مسلماً اسس باسم الاسلام لكنه متخلف فأعلم بأن اهل ذلك البلد اكتفوا من الاسلام بالصلاة والصوم دون محتوى، في حين ان الاسلام لا يتجزأ، فهو مجموعة اخلاق ومعارف وثقافة".