عليكم بعلوم أهل البيت ففيها البركات الدنيوية والأخروية

شبكة مزن الثقافية
سماحة آية الله المحقق السيد رضا الشيرازي دام ظله
سماحة آية الله المحقق السيد رضا الشيرازي دام ظله

آية الله السيد رضا الشيرازي خلال كلمته بوفد حوزوي من العراق

قال تعالى «فَلَمَّا جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِندَهُم مِّنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون»(1) وقال: في هذه الآية المباركة ثلاثة احتمالات تتعلق بطبيعة العلم الذي ورد في الآية الشريفة «فرحوا بما عندهم من العلم»:

الأول: هذا العلم عبارة عن الشبهات التي كان يواجه بها الأنبياء من قبل البعض حيث كانوا يسمّونها علماً ولم تكن علماً في الواقع. ومنها على سبيل المثال قولهم «مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ»(2)، و«وَمَا يُهْلِكُنَا إلاّ الدَّهْرُ»(3)، و«وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ»(4)، و«قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاء اللَّهُ أَطْعَمَهُ»(5). وهذا التفسير ذهب اليه جماعة من العلماء ولكنه تفسير فيه تأمّل؛ لأن هذه الأمور التي كانوا يطرحونها ليست علماً. فالعلم معناه انكشاف الواقع أو حضور المعلوم عند العالم أو حصول صورة المعلوم عند العالم. أما تلك الأقوال فهي جهل. اذاً هذا التفسير يبدو بعيداً عن ظاهر الآية.

الثاني: كانت هنالك مجموعة من النظريات والمعارف التي تتعلق بالإلهيات وبما وراء الطبيعة أو ما يسمّى اليوم (بالفلسفة) وأقل ما يقال عنها هو قول الشيخ عبد الكريم الحائري مؤسس الحوزة العلمية في قم المقدسة حيث قال: إنه اطلاق سهم في الظلام وهذا علم لا ينفع لا في الدنيا ولا في الآخرة. وعلى حد تعبير العلامة المجلسي: (إنّ هذا الخط ـ أي خط الفلاسفة ـ خط موازٍ ـ أي مقابل ـ لخط الأنبياء عادة). ولا أقول كل الفلاسفة كذلك ولا كل الأفكار الفلسفية كذلك، ولكن هنالك الكثير من الأفكار تمثّل تناقضاً مع الدين ومع ما جاء به الأنبياء.

الثالث: العلم الدنيوي كما هو الآن لدى الدول الكبرى حيث تغترّ بعلومها الدنيوية وبتقدّمها. فهم يعيشون حالة الطغيان بسبب ما وصلوا إليه من التقدم وما حصّلوه من العلم. ولكن في الحقيقة هم يعيشون حالة الطغيان الذي سيدمّرهم بالنهاية. فالظلم والإرهاب وقتل الناس وهدم القباب والمنائر ليست قضايا هيّنة عند الله بل هي ظلم والله تعالى لا يتجاوز عن الظلم. وهذه الحالة كانت موجودةً قديماً، حيث إن بعض الحضارات القديمة كحضارة الفراعنة كانت متطورة جداً كما يظهر من آثارها كالإهرامات وغيرها، ولكن الدنيا غلّفت تفكيرهم أو كما قال الله سبحانه وتعالى: «ذلك مبلغهم من العلم»(6) فصاروا من الآخرة كما يقول القرآن الكريم: «بل هم في شكّ منها بل هم منها عمون»(7). فهذه الحضارات وأمثالها هي في الحقيقة حضارات متكبرة ومغرورة وفرحة بما لديها من العلم الدنيوي. فكانوا يستهزئون بعلم المعارف والأخلاق والدين، فكانت عاقبتهم ما ذكره القرآن الكريم: «فحاق بهم ما كانوا به يستهزئون». أي دمّروا دينهم ودنياهم.

وفي ختام حديثه أوصى السيد رضا الشيرازي دامت بركاته الحاضرين بقوله: أوصي أحبّتي طلاب العلم أن يحتاطوا جداً في طريق المعرفة والعقيدة وذلك بأن يأخذوا العقيدة من أهل البيت سلام الله عليهم فهم الأمان والضمان. وما عليهم بقول فلان وفلان كائناً ما كان. وأحاديث أهل البيت سلام الله عليهم هي كالقرآن نور. وقد ورد في الروايات الشريفة: «قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ [الباقر] سلام الله عليه لِسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ والْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ: شَرِّقَا وغَرِّبَا فلا تَجِدَانِ عِلْماً صَحِيحاً إلاّ شَيْئاً خَرَجَ مِنْ عِنْدِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ»(8).

وقال مولانا الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله: «إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا: كِتَابَ اللَّهِ، وعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي وإِنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ»(9).

لذا عليكم بدراسة ومطالعة كتب الحديث والفقه والرجال والأدعية المروية عن أهل البيت سلام الله عليهم وحاولوا حفظها والعمل بها حتى تنفعكم دنيا وآخرة. فبعض العلوم تورث النكبة، أما علم أهل البيت ففيه بركات دنيوية وأخروية لا يمكن عدّها أو حصرها.

(1) سورة غافر: الآية 83.
(2) سورة يس: الآية 78.
(3) سورة الجاثية: الآية 24.
(4) سورة الأحقاف: الآية 11.
(5) سورة يس: الاية 47.
(6) سورة النجم: الآية 30.
(7) سورة النمل: الآية66.
(8) أصول الكافي/ ج1 / باب أنه ليس شيء من الحق في يد الناس/ ص 399/ ح3
(9) وسائل الشيعة/ ج27/ باب 5 تحريم الحكم بغير الكتاب و.../ ص 33/ ح33144.