حيرة العبرة
ليتها تلتفت إلى الوراء.. ليتها إلى حديقتي تتقدم.. ليتها تدخل تتأمل ذبول بتلات الوردة التي أمامها.. أتــحس بمعاناة الوردة أتحس بألمها.. أتلاحظ ذبولها موتها.. يبست أوراقها من معاناة العطش... استرحمها وترويها.. فالعقل احتار كيف السبيل وما الوسيلة لاحياها عجزت كل وسائل الإنعاش عن الوصول لنتيجة تحييها...، لقد جف غصنها، انهارت أنفاسها، انعدمت فيها الحياة.. سئمت حب الحياة، الحياة أتحس بتسلل الموت إلى شرايينها هل سيطول عليها الزمان حتى تعود لها الحياة، هل ستبتهج النفس بعودة الحياة لها، هل ستتساقط الدمعات كقطرات الندى ترطب الأهداب ترطب الروح القاحلة التي جفت بسبب الجفاء و الإهمال والإعراض، بسبب تبخر الأمطار حتى بات يظن العطشان أنه يتصور صور تتبخر كالسراب... فلابد أن تعالج الوردة يوما وتروى بالغذاء حتى تعود لها الحياة..
ليتها تلتفت إلى الوراء تصد..بوجهها تعرض.. أغرورا أصابها؟.. أتكتفي بالاحترام؟؟!!!
كلا وألف كلا لم تصاب نفسي بالغرور.. ولن تصاب.. فلا تغرني الدنيا بزينة...و لا تغرني أكاذيب حروف أشطر الأشعار..بل أملك إحساس، أملك إحساس بكل نبضة إحساس.. بكل نبض ألم الإحساس.. بكل معاناة الإحساس.... بكل آهة تجرها حسرات الإحساس..كلا وألف كلا فلا تقنع نفسي الاكتفاء بالاحترام.. يفوق يتعدى الاحترام... حاز ضحية المنافسة السيادة.. حاز وسام المودة.. نقش عليه بصدق وسام مودة الأحبة....
ليتها تلتفت إلى الوراء تصد هي بوجهها عن حديقتي تعرض..أما زالت تتشبث بالماضي..أمازالت متعلقة ببقايا كلمات القصائد والأشعار؟!!!
كلا وألف كلا لا تتشبث يدي بأي غصن من الأغصان، كسرت تلك الأغصان بقوة إرادتي فتلك الأغصان مليئة بالأشواك..
فلن يجبر جراح الأماني الكاذبة.. الأماني الواهمة.. فلم يكن إلا النفور والإعراض فلن تجاب دعوة بائع الكلمات فأنا لا أحب أن أشتري كلمات قصائد.. كلمات أشعار بالية، لا أحب أن أمسك جرائد مليئة بالأوساخ.. يدس الحقائق بالجمل بالحروف في التراب... كلمات أمانيه يبقيها متطايرة ليأسر بها عقول الأبرياء و يسحرها بجنون الأوهام، يمزج الواقع بالخيال يا ترى ما واقع كلمات الأدب كلمات الأشعار ملفوفة بالقذارة... لم تلامس إطار دائرتي ولم تسقط بداخلها أبداً.. متيقن وقوعها صعب محال.. إذا كان الهدف ليس قذف السهام ناحيتي وليس الهدف رميها وسط دائرتي، فما واقع كل كلمات تلك الأبيات و ما الحقائق المخفية وسط الأفكار وسط بحور الأشعار؟!!! لاأكترث لا أبه بما تحوي تلك الأبيات، طالما وقعت خارج حدود مملكتي، فلم تجرى يوماً جلسات حوار أو جلسات نقاش... ولم تجرى لقاءات ولم يكن يوماً حوارات لسان... فلغي تصوير مشاهد حلقات المسلسل.. فلم تجاب الدعوة يوما وإلى الأبد لن تجاب..
يقال (الشعر شيطان) وما هو دائما بشيطان أيرمي بشيطان الشعر أن يضع الحواجز الشائكة بإشعال الفتن والنيران ليمنع التواصل أو الوصول لانقاد طائر الأشجان، الأسير خلف قضبان الشمس، ألا يكفي بات من ألم شوك التجريح يعاني، ألا يكفي رشقه بقسوة بالسهام في سباق التنافس، أردته الخناجر صريعا في الميدان، أم يرمي أن يضع العراقيل في طريقي يعرقل مسير حياتي، أهو يرمي أن ينتقم فيقذف بسهام الاتهام نحو حصني...
لما لا يدعني وشأني يبتعد عني مللت العناء والخوف والبكاء... لي الحق أن أعيش في الحياة كيفما أشاء كيفما أشاء، من البدء رفضت قدماي أن تعتب أسوار المحطة بادرت بمغادرتها بإرادة بنفور بغيض ببغض لم تروق لي أجوائها فرفضت دخولها لم يعجبني من بداخلها، فليغادر حديقتي بائع الكلمات بائع الأشعار هذا بلا عودة لا أطيق لا أحب شراء الشعر الممزوج بأكاذيب الخيال مع أوساخ الأحلام قسما أنا من غادرها بطهارة قسما مازالت تتمتع نفسي بمياه بحيرة الطهارة والنزاهة، ولن يعكر صفائها ونقائها شيء... سأبقى بعيدا ًعن تلك المحطة إلى آخر نفس من أنفاسي..
فلما لا يدعني بائع الكلمات وشاني وحدي مع طائري الجريح نداوي العلل بما يحلو من الدواء فنمحو كل أثر لجراح عقارب الساعات، فنحن جسم وروح يربطهما خيط فضي فلن تجرد الروح من الجسد مهما بلغت شدة انتقامه ومهما ارتفعت بنا درجة الانهيار لما لا يدعني وشأني كفاني.. كفاني عذاب، هرولة جنون، هرولة تلو هرولة على المدى، هرولة وراء حماقات، بلا هوادة بلا رحمة أغرقتني موجة تسونامي، هدت أركان روحي، حتى أبقت جسمي جثة هامدة بلا طاقة بلا حياة، تشخص عيني إلى السماء أتنفس الصعداء تنهمر الدموع كالشلال، فتغرق العين بالبكاء لحد الانهيار لحد الإغماء نعم بصدق لحد الإغماء، بكاء عيني لحال الضحية المحتار منظره ينزف دماء يقطع الأوصال، يلفني الخوف بلفيفه، الخوف من تحول صدق الزمان إلى غدر، كما كان بالأمس غدر الجلوازان، لا أغمض عيني بل ربما عليها غمام الحزن أو ربما اشتباه في ظل النهار والظلام، فيحتار الفكر أيقبل و يختطف صورة الظل من بين الضلال أم لا؟ من أمد بعيد سرقتها ذاكرتي من بين كل الظلال و ما زالت تحتفظ بها في خزانة المخيلة، إذن فليس هو إعراض... إذن هو أقسى مرحلة أصعبها الاحتياط، هل طارت حروف الكلمات حروف العبارات.. هل استقرت الحركات على حروف العقل على حروف حيرة الزمن، الروح تغرق بالهلاك من صمت مدى الزمان، هل يدرك تمرغ روحي في العذاب...
هل اتضحت معنى الحركات معنى الكلمات..
بوجهها عن حديقتي تعرض.. عن الإجابة تعرض.. لما؟ لما؟!! تبقى تصر على الإعراض!!!..
حقيقة خائف كيف ينقد الغريق الحيران، تخشى عيني التلفت يمين أو يسار.. يحتار طرفي أن يرمق بتلات الوردة.. يكبلني الخوف يسكن قلبي.... يرجف و يرجف فؤادي من الخوف، فمازال جند الشيطان يحيك مكائده، يتمثل بجسم إنسان وهو في الواقع ثعبان، مازال يحوم حول الميدان، فلا استعاذة تبعده ولا البسملة تطرده على ما يبدو هو مارد..عفريت لا يخاف الرحمن، كل شيء عنده مباح،.... لا أحب الشيطان، لا يستحق الطاعة أو الوفاء، فلم يكن شيئاً يوما ما ليستحق الإخلاص أو الوفاء، يرمي بخيوط شعره يستدرج الفريسة ليوقعها في الفخاخ، يغوي الضحية يعذبه بالوساوس يبعده عن الهدف المنشود يضله عن طريق النجاح ليهوي بنار البغض و الغيض و تزداد الحيرة كيف الوصول لبر الأمان..
ليتها تلتفت إلى الوراء تصد هي بوجهها عن حديقتي تعرض..ألا تسمع استغاثات الورد التي تعلو في ازدياد...وازدياد و حالها لحد الموت في انهيار..لا وسيلة للحصول على عشبة الشفاء، عشبة تشفي العليل الحيران كيف يوقف نزف الدماء من الجراح، تعبت العين من عناء البحث بين الصخور عن عشبة عصارتها تنقي دم الهوا، تشفي من هموم الأسقام، فما الدواء؟ هل ستغيب شمس العمر ويحل الفتور بنبض الحياة؟؟..
ما كان يوما عن الميدان إعراض، لما يدرج تعريف الأفعال بمعنى الإعراض...
أليس الصبح بقريب؟؟ فما أحلى علم الكلام هو من العلوم التي تزيل الغمام عن العقل، و علوم اللغة العربية هو أساس لغة القرآن التي تزين الكلام، ويا لها من كارثة لو لغية قواعد اللغة العربية ضاعت لغة الضاد، هي تحفظ اللغة الأم، تزن الكلام، فهو اللفظ المفيد فائدةً، واسم لكل ما يتكلم به المتحدث في كل ما يشاء، فهل ستزال حيرة أفكار المتفكر العاقل المحتار... فدرس النداء علامة يميز بها الاسم عن الفعل والحرف، أجمل دروس النحو، درس المنادى والنداء أكثر نفعا، أفضل الأساليب التي توقظ عقل التلميذ الغافل الساهي عن الدرس عن السؤال...، أفضل وسيلة ليعرف منه جواب الإعراب، أفضل من الاكتفاء بالتلميحات والملاحظات، فالصمت والسكوت يوسع ثغرة المعضلات، يزيد الشرخ اتساع، فيصعب السير على الدرب، فيهوي التلاميذ بالسقوط في الامتحان......
أليس الصبح بقريب؟ إلى متى طول المدى؟!! إلى متى حيرة العبرة؟!!