من مزيا درس أستاذي
تلقيت كثيراً من الدروس في كثير من المواد العلمية في الدراسة الأكاديمية أو المختبئة بين الجدران والغرفات ، وكان كل أستاذ يتميز بما حباه الله من سمات وخصائص وبما أوتي من هم وقوة في تطوير درسه ، فجزى الله أولئك عني خيراً ..
ومما يلفت النظر سريعاً ومنذ أن التحقت بدرسه الأول مسقط رأسه في شهر ذي القعدة لعام 1416هـ ، أرضت صفحاً عن كل تلقي إلا من فيه ، وذاك لما أختلجني من شعور سيطر على كل كياني بأنني قد عثرت على ضالتي المنشودة بعد ضياع سنين .
ذاك هو درس أستاذنا الكبير الحجة العلامة الشيخ عبد اللطيف الشبيب قدس سره ، وبمناسبة ذكرى رحيله الخامسة أحببت أن أذكر ميزتين في درسه فقط دون إطناب لمستهما من خلال تتلمذي على يديه أكثر من خمس سنوات وسبعة أشهر لم نفتر أبـداً إلا حين ( مريضاً أو على سفر )
- وهذه الميزتين هما :
الأولى : قوة البيان :
فإن من البيان لسحرا ، فكان ( ره) إذا بدا بشرح مفردة فقهية أو أصولية أو عرفانية أو فلسفية أو قرأنية أو غيرها ، فلا ترى نفسك إلا أمام ذهنية متوقدة وعمق وصفاء تُفتتن ببهاءه وبصورة عذبة ، وبمفردات راقصة تشير إلى فن الصناعة وقوة البرهان .
فالمنهجية والتنسيق والسعة والشمول والعمق والسلاسة والوضوح والعلمية والموضوعية وغيرها هي الملامح الساطعة في درس الأستاذ ( قده ) .
الثانية : العلم لله :
تارة ترى متعلم أو معلم يلج العملية العلمية تقديراً منه للعلم ، وللعم ذاته ، أما الأستاذ فكان مع ذلك يرى أن العلم لله وحده ، فلا ترى في جميع دروسه الفقهية والأصولية والفلسفية ، بل وحتى ملاحظاته اللغوية والنحوية ، تراها مرتبطة بالله جل وعلا ، ويقول أحد تلامذته المشايخ : ( لا يكاد يمر درس أستاذنا المرحوم – قده – يخلوا من تزريق للمبحث الأخلاقي ، ووصل للعقل بالقلب ، ولمنطقة الفكر بمنطقة الوجدان في سعي لاستحضار مكانة الله في قلب طالب العلوم الدينية .. ولا زلنا نتذكر الشيخ جيداً عندما يذكر الله تعالى في الدرس كيف ترق لغته وتشف وتخفت كلماته وتزفر أنفاسه وتنقطر على جوانبها أغنية العشق والوصال للمحبوب الأكبر .. ) .
فهذه من مزيا درس أستاذي ،،،،،،
فسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا ...