الحب ... والحياة

 

في اللحظة التي لوى الزمن فيها عنق الحلم الصغير المتستر باهداب ليلنا الطويل، نمت في حديقة عمرنا اشجار الصنوبر وغادرتنا طيور الحب الى غير رجعة.

لست متشائمة ولا احب ان اكون كذلك يوما ما.  ولكن طيور الحب غادرتنا الى من يفهمها اكثر منا، ويقدر وجودها اكثر منا لانه يفهم معنى الحب اعمق مما نفهم نحن.

وبذلك تحولنا الى اناس نحترم من لا نحبه لاننا نخافه. ولانبالي لمن نحب لاننا لا نحترمه فهو لا يخيفنا.

نتزوج بمن لا نحب لكننا نستمر في العيش معه. ونعيش مع من لا نحب لانه لا جدوى من الرفض او التغيير.

ندرس المهنة التي لا نحب لانها محظية المجتمع او مدرة للمال والجاه، ونزاول المهنة التي لا نحب لاننا نخاف البطالة او انتقاص الاخرين.

نعاشر من لا نحب لاننا نرفض الوحدة، ونقول بالسنتنا ما ترفضه قلوبنا لاننا نريد ان نعيش. وبالتالي نعيش لاننا نكره الموت.

نحب انفسنا فنقتل الغير... الغاء او اقصاء او تشهيرا او تصفية!!

نحب الحياة، فنخطط لسلطان يقوم على السيف والمال وخلود الجاه متجاهلين سنن الكون والتاريخ غافلين عن مداولة الايام.

ما يقلقني حقا، هل نحن قادرين على الحب فعلا؟!

هل نتحرك ضمن اطار الحب الجميل في لوحة الحياة، أم تشابكت علينا الرؤى ولم نعد نميز بين الحب واللاحب؟!

هل الحب مفردة حانية تجعلنا نستذوق طعم الحياة، ام هي بدعة كشعارات زمننا الخائب؟!

أليس الحب هبة الهية لبني البشر، قلدت السماء بها عنق الارض لتضيء جمالا وألقا وتشع دفا وعذوبة؟!

ألم يكن الحب هو رسالة الانبياء ليجعلوا من اقوامهم ذوي القلوب المتنافرة والمصالح المتصارعة امما موحدة يجمعهم الحب ولا يفرقهم الكره؟!

ألم يسمى (بني البشر) اناسا لانهم يستأنسون بعضهم ببعض؟!

الحب في زمننا – كأشياء كثيرة – محاصر بالخوف والقلق والمصالح!! فمتى يطلق سراحه؟!