أتحسبُ أنك...

 

أتحسب أنك جرم صغير وفيك أنطوى العالم الأكبر
الإنسان بحد ذاته يعتبر مخزون كبير للطاقة التي تصرف بأشكال مختلفة، بحسب إرشادات المخ التوجيهية للعمل وبحسب الدوافع التي يتلقاها الفرد من المؤثرات الخارجية، لأداء العمل المنوط به.
ولكي يستخدمها (الطاقة) عليه أن يأخذ بالأسباب التي تحرك آلياته المخزونة، فالإنسان كلما فكر يكتشف طاقته ألا محدودة في مقابل الجد والنشاط اللذان ينبعثان منه ـبقدر حماسته يجد فرصة نجاحه تكبرـ، فمع محدودية البنية أو الأعضاء إلا أنه لا يستهان به، لأن المنعم سبحانه وتعالى زودنا بجهاز يتجاوز المحدودية.. وهو العقل الكامن في جسم الإنسان؛ وإن حدت أعمال الأعضاء بأعمال معينة فإن عمل دماغ الإنسان (عقله الباطن) لايُحد بعدد ولا بأفكار...، فإذا أعطى الإنسان مجالاَ لعقله لتنميته باستيعاب أكبر قدر ممكن من المعرفة النافعة.. فسوف يستفيد هو تبعًا لها بمقدار التأهيل الذي استطاع إدراكه، ويعطي بذلك لنفسه فرصة للتقدم في مستوى فكره ومعيشته وسبر أغوار الحياة بأكبر قدر ممكن مما هو عليه مع مرور الزمن، فكما هو معروف أن الإنسان كلما كبر اتسعت خبرته وحكمته في الحياة مادام يعمل فيها ويخوض تجاربها.
لذلك قيل للإنسان "لا تستهين بصغر حجمك بالنسبة للمخلوقات الأخرى، فإنك تملك ما يجعلك أفضل منها بل وما يجعلك أن تمتلكها لتصبح تحت تصرفك، لأن ما أعطاك الله سبحانه من جهاز يستطيع أن يدرك الكثير من الحقائق والأسرار التي ترفع مرتبتك بالنسبة للأرض وما عليها...، نعم.. إنه: العقل، تلك النعمة التي لا تقدر بثمن ﴿فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) سورة الروم.

التفكير حياة ...

البروفسورات، العلماء، الدكاترة، ما لذي جعلهم يصلون إلى هذه المراتب؟ أليس تفكيرهم؟ أليس بسبب فركهم لسطوح عقولهم وأعماقها، نعم بهذا هم امتازوا علينا، وبذا هم قد أحيوا وجودهم بيننا، فبداية كل عمل متفوق التفكير.

ونحن..! قيمنا مبادئنا عقائدنا، أهدافنا وتطلعاتنا، إذا جعلناها تصطف في رفوف عقولنا من غير أن نُسَّيرُها ونجريها هل ستعطينا ثمارًا؟ أم هل ستنشئ لنا جنات ٍ وأنهارًا؟! لابد أن نوقدها بنور عزيمتنا وقوة إرادتنا وجديتنا نحو ما نأمل، فكل منا له جدارةً في عملٍ ما أو مهارةً في أخرى، فلا نتوانى في إبرازها وتقديمها بالشكل اللائق لها أو المطلوب منها، كي تستثمر في الطريق السليم ولا تضيع هدرًا.

نعم عزيزي الإنسان... لا تصتصغر شيئًا، وجدف في بحار الفكر ومحيطات الكون لتجد لك دورًا في عالم رواد العلم وعشاق المعرفة ومغيري العالم، فـ (العلم يهتف بالعمل، فإن أجابه وإلا أرتحل) صدق أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه، وصلى اللهم على محمدٍ وآله الطاهرين.