عاطل لاتقل لي لا أعمل؟

عقول مبدعة، وأيدٍ عاملة، وأجساد كادحة، وطاقات هائلة.
لكن....
كل هذا أين سيكون مكانه؟!

العقول المبدعة من سيرعاها ويستخرج مواهبها ويفجر إبداعها لتحسسها أنها موجودة في الحياة وبإمكانها وإمكانها التقدم للأمام والأمام وتنتج وتبني وتبدع أكثر وأكثر؟!
والأيد العاملة العاطلة من يتبناها ويحتضنها لتنتج وتبني وتشيد لتعمر وتبدع لتواكب التقدم..
والأجساد الكادحة هل يدب الكسل والركود فيها لمجرد تجاهل الطاقات المختزنة فيها، وعدم الاهتمام بها واستخدامها  في غير مكانها؟!
وماذا عن الطاقات الهائلة المعطلة!!

أو ليست البطالة تعطل كل هذا؟! تقتل الإبداع وتعطل الأيد العاملة والأجساد الكادحة وتخمد جذوة الطاقات وتفجيرها في غير مكانها!!
يوم عن آخر تزداد نسبة البطالة في العالم بشكل عام وفي بلادنا بشكل خاص، حيث نجد أعداد هائلة وضخمة من فئة الخريجين وغير الخريجين مكتوفي الأيدي بلا عمل ولا وظيفة تسد وتغطي ثغرات فراغهم وتفجر طاقات الإبداع المخزونة في أعماقهم وتوجه حمم طاقاتهم لتفجرها في مكانها المناسب.
يوم عن آخر نرى التشتت والضياع يلامس فئة الشباب الذين هم القوة المحركة للبلاد والدعامة التي تستند عليها البلاد لتواكب العصر والتقدم وبفقدان هذا المحرك أو تعطله أو تعطيله بأي شكل من الأشكال يسبب خسارة للشعب والأمة.
وازدياد أعداد العاطلين عن العمل مشكلة على الدولة إيجاد حل لها؟!

قد يكون  الحل بين أيدينا لكننا نجهل كيف نستخدمه؟!

الدولة هي  مسؤولة عن توظيف الأيد العاملة، فلماذا تجلب العمالة من الخارج.. وتوظف طاقاتهم وتتجاهل وتغفل عن استغلال طاقات الشباب الذين هم أولى بذلك المنصب والوظيفة من القادمين من الخارج، وهم الأولى بالإنتاج واستثمار الإنتاج؟!  

لماذا نساهم في زيادة البطالة والحل بين أيدينا؟!

قد يكون هذا الموضوع أخذ حقه في الكلام والمناقشة لكن البعض لم يعره اهتماماً أو أدنى إلتفافتة.
ومن ناقشه لم يسعى لحل المشكلة من جذورها حيث البعض درس تأثيرها على اقتصاد الدولة فقط.

من المتعارف لدى الجميع أن الشباب أهم مرحلة من مراحل الإنسان حيث يتوقد النشاط والحيوية في هذه المرحلة ومن خلالها تُبنى المجتمعات وتشيد الحضارات لتواكب العصر.
وعندما تُستغل هذه المرحلة والطاقة الشبابية لتفجيرها في المكان المناسب فانه سانتج أكثر مما يتوقع منها، ولكن عندما سعى البعض لوضع العقبات لشل هذه الطاقة مثل البطالة التي تنتشر مع التقدم وفي كل بلد، فهنا تكمن المشكلة حيث لا يعلم الشاب أين بإمكانه تفجير طاقاته والنشاط والحيوية المتوقد في أعماقه.
لعل المشكلة لا تقتصر على تأثير هذه الظاهرة على اقتصاد الدولة وتراجعه، المشكلة تلمس الإنسان الشاب نفسه حيث سيؤثر عليه بالدرجة الأولى.

  • عندما يكون الشاب فريسة للفراغ والبطالة قد ينتهج أحد النهجين:

1- أما يتغلب عليه مارد الفراغ ويكون ضحية بين يديه ويؤدي به للانحراف وممارسة أي عمل يؤدي بالفتك به أو بالفتك بالآخرين أو بممتلكات الآخرين.
وهذا ما نشاهده شائعاً في كثير من الدول، وقائمة الإحصائيات تطول.

2- أو أنه يتغلب هو على الفراغ الذي يعيشه بأن يطور مواهبه، يكتسب أخرى، أو يتعلم أمور الشريعة والدين.
وهذا الطريق الذي يجب أن نسلكه لكي نقتل الفراغ أو جزء منه.
 
هناك أعمال كثيرة نستطيع من خلالها تفجير طاقات الشباب فيها فلا تقتصر هذه الأعمال على الوظائف الحكومية بحيث لو أننا إذا لم نلتحق بإحداها فإن الحياة لن تتوقف عند هذا المنعطف.
هناك ألف حل وحل للقضاء على البطالة وهناك ألف مشروع ومشروع لو طُبق على أرض الواقع لساهم في حل جزء من المشكلة.

قد يتساءل البعض: حل مثل ماذا؟

نحن بحاجة للأموال التي تُصدر خارج البلاد؛ لبناء دور علم أكثر وتوسع سوق العمل ليستطيع احتواء أكبر قدر ممكن من الشباب الذين هم بحاجة ماسة وشديدة للوظيفة لا من أجل الراتب بل من أجل تحقيق الذات وتفجير الطاقات والمواهب والإبداعات؟!
نحن بحاجة ماسة لتوسيع الدوائر الحكومية وغير الحكومية لتضم أكبر قدر من الخريجين وغير الخريجين.

قد يقول البعض عدتِ لتحصري العمل في حدوده الضيقة؟
كثير من الشباب لا ينظر للعمل إلا في هذه الحدود وحسب ونسبة ضئيلة هي التي غضت النظر وسلمت بالأمر الواقع وتمتم أن الحياة لا تقتصر على هذه الوظائف، بل هناك مجالات أخرى بالإمكان اللجوء إليها لتفجير الطاقات والإبداعات؟!

وماذا لو لم يُعثر على وظيفة حكومية؟ ما العمل!!
 قد يكون من بين الحلول والتي قد لا تعجب البعض:
- من كانت له موهبة الكتابة فليملأ الصفحات البيضاء وليؤلف كتب لينتقد ويحلل وينقب يبحث ينتج بما يفجر بها طاقاته.
- من لديه موهبة الإلقاء، الحوار، المناقشة، الإصلاح.
- من لديه الموهبة الأدبية بأنواعها بإمكانه أن يكون أديب من الدرجة الأولى لو طورها.
فلننظر لما نحمله في دواخلنا من أشياء ننتج من خلالها نحاول أن نستغلها لنرتقى للقمة.

قد تكون هذه الأشياء بعيدة عن التكسب لكنها تبني الثقة في نفس المرء وتحفزه لفعل أقل القليل فقط ليساهم بشكل أو بآخر لتحريك مجتمعه ليواكب الركب، أو لإثبات وجوده في عالم طغت عليه المادة ودفنت فيه شخصية الإنسان ولم يعترف بوجوده.

مسألة الاعتناء بشريحة الشباب وكيفية استغلال طاقاتهم بحد ذاتها قضية من بين آلاف القضايا يجب الإلتفات إليها وإعطاءها اهتمام من قبل المفكرين والمثقفين والعلماء وكل من له قدرة على احتواء المشكلة ومعالجتها.
نحن قادرون على إنقاص نسبة البطالة عندما نستطيع استخدام الحل الذي بين أيدينا بالشكل الصحيح.


فقط أحببتُ أن أدلى بكلمات قلمي في مياه بحاركم وأكون نقطة في غديركم.

ولعل القلم قادر على تلمس موضع الجرح ويضمده بقليل حروفه الملامسة لسطور فارغة بيضاء لتكون كلمات تتفجر في كبد الزمن.