سند ( دعاء الافتتاح )

جاء في كتاب ( إقبال الأعمال ) للسيد الجليل رضي الدين ابن طاووس ( قدس ) ص322 المطبوع في مؤسسة الأعلمي بيروت – لبنان طبعة عام 1417هـ ما نصه : ما نذكره من دعاء الافتتاح وغيره من الدعوات التي تتكرر كل ليلة إلى آخر شهر الفلاح فمن ذلك الدعاء الذي ذكره محمد بن أبي قرة بإسناده فقال : حدثني أبو الغنائم محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله الحسني قال : اخبرنا أبو عمرو محمد بن محمد بن نصر السكوني رضي الله عنه ، قال : سألت أبا بكر احمد بن محمد بن عثمان البغدادي رحمه الله أن يخرج إلي أدعية شهر رمضان التي كان عمه أبو جعفر محمد بن عثمان بن السعيد العمري رضي الله عنه وأرضاه يدعو بها ، فاخرج إلي دفترا مجلدا بأحمر ، فنسخت منه أدعية كثيرة وكان من جملتها : وتدعو بهذا الدعاء في كل ليلة من شهر رمضان ، فان الدعاء في هذا الشهر تسمعه الملائكة وتستغفر لصاحبه ، وهو : ثم أورد الدعاء المعروف بدعاء الافتتاح .
وهذا يعني أن سند الدعاء كالتالي :

1-السيد بن طاووس .
2-عن محمد بن أبي قرة .
3-عن  أبو الغنائم محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله الحسني .
4-عن أبو عمرو محمد بن محمد بن نصر السكوني .
5-عن أبا بكر أحمد بن محمد بن عثمان البغدادي .
6-من كتاب لأبي جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري السفير الثاني للصاحب ( عج ) .

 أما السيد بن طاووس فهو أجل من أن يبحث عن حاله ، وأما محمد بن أبي قرة أو ( قريرة ) فكما في المعجم : قال الشيخ محمد بن أحمد الصفواني ، في كتاب التعريف ، وهي رسالة منه إلى ولده ، وقد زكاه أصحابنا عند ذكر اسمه وأثنوا عليه في باب صلاة شهر رمضان . وأما محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله الحسني ، فلم أعثر – في هذه العجالة – عنه شيئاً ، وأما محمد بم محمد بن نصر فقد ذكره النجاشي : محمد بن محمد بن نصر بن منصور ، أبو عمرو السكوني ، المعروف بابن خرقة : رجل من أصحابنا ، من أهل البصرة ، شيخ الطائفة في وقته ، فقيه ، ثقة ، له كتب منها : كتاب السهو ، كتاب الحيض .
وأما أبا بكر محمد أحمد بن محمد ابن عثمان البغدادي فجده لأبيه السفير الأول عثمان بن سعيد العمري ، وعمه السفير الثاني محمد ابن عثمان وهو من بيت جليل من بيوت وجها الشيعة وزعمائهم وقد ترحم عليه السيد ابن طاووس وغيره من الأعاظم ولعل هذا يشير على وثاقة الرجل وجلالة قدره ، وأما محمد بن عثمان بن سعيد العمري فهو السفير الثاني وكاشمس في رابعة النهار ، وهو صاحب الكتاب الذي ورد فيه دعاء الافتتاح .

وبعد هذا نورد مجموعة من الملاحظات :

الملاحظة الأولى :
أن قاعدة ( التسامح في أدلة السنن ) شاملة لهذا الدعاء بحيث يأتي به الإنسان ويثاب ويؤجر عليه .

الملاحظة الثانية :
أن عمل الأصحاب به ، وذكره في معظم كتب الأداب والسنن لعلمائنا الأجلاء ، وشهرة الدعاء شهرةً كبيرة كافية للعمل به ، وهذا ولو تنزلنا وقلنا – بضعف السند – والحال غير ذلك ، فإن عمل الأصحاب جابر للضعف على قول كثير من المحققين .

الملاحظة الثالثة : وهي مهمة :
أن الدعاء منسوب لصاحب الزمان (عج) ، وقد رأيت أن أقصى ما ورد أن الدعاء ورد في كتاب للسفير الثاني محمد العمري ( قدس) ، ولم ينسب فيه أنه إلى أي من المعصومين هو وارد . ولكن مما هو معروف عن السفراء الأربعة رضوان الله تعالى عليهم أنهم لا يأتون بشيء من ذواتهم بل أنهم دائماً ما يتحدثون بلسان الصاحب (عج) وقد ورد ذلك في أكثر من موقف وأنهم يصرحون بأنه لو قطعوا ونشروا بالمناشير وتذر أجسادهم في الهواء أهون عليهم من أن يذكورا أمراً من أنفسهم ، والحال أن السفير الثاني ذكر من أعمال ليالي شهر رمضان ذكر هذا الدعاء ، فعليه أن دعاء الافتتاح بلا ريب هو وارد من لسان المعصوم ولكن أي المعصومين ففيه :

أولاً :
 أن المشهور عند الشيعة والأصحاب أنه وارد بلسان صاحب الأمر (عج)  كما في كتاب الدعاء والزيارة للسيد الشيرازي ، وكما في مفاتيح الجنان وغيرها من المصادر ، ولعل تلك الشهرة بناءها أن السفير إذا أورد أمراً شرعياً جديداً وغير معروف من قبل عند الشيعة ولم ينسبه فهو من إمامه سلطان الزمان ، خصوصاً أن هذا الدعاء لم يرد إلا عن كتاب محمد بن عثمان العمري ( قدس) .

ثانياً :
يبدوا – والله العالم – أن بعض العلماء توقف في نسبة الدعاء لصاحب الزمان (عج) ، كما هو الظاهر من الشهيد السيد حسن الشيرازي ، وإن كان الأمر هو الوثوق بكونه صادر عن المعصوم إلا كون نسبته للحجة ( عج ) ففيها تأمل . والسيد (ره) لم يورد الدعاء في كتابه ( كلمة المهدي- عج - ) ولعله متوقف في نسبة الدعاء ووجه التوقف والتأمل هو أن السفراء الأربعة رضوان الله عليهم أوردوا أموراً كثيرة عن عموم المعصومين وصرحوا بذلك فلعل هذا الدعاء من غير الحجة ( عج) .
وكيف كان ، فالمهم كونه صادر من معصوم ، أما أي من المعصومين هو ، فنقول : أنه نور واحد ، وأن لأخرهم ما لأولهم ، وأننا نتولى أخرهم بما نتولى به أولهم ، فثبتنا الله وإياكم على ولايتهم ومحبتهم والعمل بسنتهم وما علموه لنا ، أنه سميع الدعاء . 

 

كاتب ومؤلف ( السعودية )