بعض مديري المدارس يفتقدون الأساليب الإدارية والتربوية السليمة

الأستاذ حسن آل حمادة *


ثمة فروق واضحة قد تغيب عن بعض مُديري المدارس إذ تراهم لا يُفرِّقون بين إدارة مطعمٍ، وبين إدارة مدرسة.. هكذا بدأ أحد الأصدقاء حديثه معي!
استوقفته حينئذٍ، لأسأله عن الحكاية؟ فقال: أنا معلم في مدرسة، مديرها، يمتلك مطعماً خاصاً! وليست هذه المشكلة؛ فهو كبقية خلق الله، يحق له توفير لقمة العيش الحلال!
إذنْ، ما الخطب .. سألته؟

مشكلتنا يا سادة.. تتلخص في أمرٍ جوهري بسيط؛ فقد لا حظنا بأن هذا المدير لا يُفرِّق في عمله التربوي التعليمي، بين إدارته للمطعم وبين إدارته للمدرسة؛ ففي مطعمه الخاص -مثلاً- قد يرفع صوته على العامل، وقد يأمره بالقيام بأعمال ليست من اختصاصه؛ كأن يأمر محاسب المطعم بتنظيف الزجاج! أو توصيل الأولاد! وبالطبع، هو عامل بسيط قد لا يمانع من القيام بمثل هذه الأعمال إن كانت هذه الوظيفة مصدراً لرزقه!

ولكن، المعلم في المدرسة، شأنه مختلف تماماً عن أمر العامل في المطعم؛ إذ إن المعلم موظف من قبل الدولة - أعزها الله- وقد حُدِدَت له صلاحيات معينة يجب عليه اتباعها، وللأسف مديرنا الموقر، يتناسى هذا الأمر، فهو حين يريد من المعلم أن يقوم بأمرٍ ما، تتراءى له صورة عامل المطعم؛ فيخاطبه كما لو كان يخاطب عمّاله في المطعم.

  • وهنا سأورد أمثلة موجزة لمواقف جرت لبعض المعلمين معه:

1- في يوم من الأيام وضع المرشد الطلابي لوحةً إرشاديةً في واجهة معينة؛ فما كان من المدير إلا أن مزّقها، قائلاً: من يرغب في وضع لوحة؛ فليضع لوحة جيدة، وإلاَّ فلا! أو هكذا قال.
2- أحد المعلمين، طبع نماذج لشهادات شكرٍ وتقديرٍ مقدمّة لأولياء الأمور، مستخدماً فيها بعض الألوان.. كالعادة مزّقها المدير، قائلاً: لسنا في روضة أطفال!!

3- نشرت مجلة أسبوعية خبراً عن عمل معين أنجزه أحد المعلمين في المدرسة، ووضعت صورة المعلم (المسكين) إلى جنب الخبر؛ فرِح المعلمون بهذا الخبر، ووضعوه في لوحة إعلانية، قرأه المدير، ثوانٍ معدودات، وعملاً بمبدأ تشجيع الموظفين! وإذا بالورقة تتحول إلى قطع صغيرة؛ كأنها وقعت فريسة في فك مفترسٍ!! ردد أحدُ المعلمين ساخراً.. "قلنا لك حِطْ صورة المدير بدلاً من صورتك.. ما طعتنا.. يا لله خيرها بغيرها"!!

4- بعد أن أعيته الحيلة وهو يستجدي المعلمين للمشاركة في دفع مبالغ معينة؛ لأمور تخص إصلاحات خاصة بالمدرسة.. كتب ورقة مزوّرة موقّعة باسم مدير مركز الإشراف التربوي؛ خلاصتها أن يدفع كل إداري بالمدرسة مبلغاً وقدره (100) ريالٍ، بينما يدفع كل معلمٍ مبلغاً وقدره (50) ريالاً! وبعد أن التفت بعض المعلمين للمهزلة، وبعد أن انزعج أكثرهم؛ أقرّ مديرنا الفذّ، بأنه أراد أن يعمل مقلباً معهم!! ارتسمت حينئذٍ علامات الدهشة على الجميع، متسائلين: هل هذه تصرفات مديرٍ، راشدٍ، مسؤولٍ، يعي ما يفعل؟!

5- تناغماً مع حديثه عن أهمية تشجيع القدرات الطلابية، أُرسِلت له نسخة من مجلة، أخرجها وصمّمها أحد الطلاب.. وبالرغم من إعجاب الأكثرية بها، ومع ذلك لم تخلُ صفحة من صفحاتها من ملاحظات! خرج الطالب منزعجاً مقهوراً، وهو يتساءل: (مديرو آخر زمن)!!

6- أحد المعلمين قام بتصميم عددٍ من الخرائط في لوحات خشبية، والجميل في الأمر أنها من صنع يده. سلّمها (اللوحات) لمجموعة من الطلاب؛ ليلصقوها في أماكن محددة بالمدرسة، انصرف عنهم، حضر حينئذٍ المدير، أمر الطلاب بنزع ما تم لصقه منها، لتثبيتها في أماكن أخرى.. تساءل الطلاب: ولكن، هذه الزوايا أفضل! وهكذا طلب منّا المعلم أن نفعل! هيا اسمعوا الكلام.. بلا معلم.. بلا خرابيط!!!

7- يقال بأن هذا المدير يتحدث كثيراً عن مفردات من قبيل: (المشورة.. الأمانة.. الإخلاص.. التضحية.. التشجيع.. تقبل الرأي الآخر.. التعاون.. التحفيز)، المعلمون يستمعون لهذه الكلمات، على أساس أنها نكتة من نكت الموسم.

كانت هذه بعض المواقف البسيطة التي ذكرها لي صديقي الكتوم جداً، جداً، جداً!

  • ختاماً أقول:

 ربما يشاطرني القارئ الرأي، لو اقترحت على بعض المُديرين؛ أن يقرؤوا كتاباً على شاكلة ما أبدعه القصيبي بعنوان: (حياة في الإدارة)؛ لتتضح لهم الصورة بشكلٍ جيد، ويبدو لهم الأمر يسيراً عندما يُلزِمون أنفسهم بإدارة مطعم، أو يُلزَمون بإدارة مدرسة.


 

كاتب ومؤلف ( القطيف )