هل ننتظر رحيل عظمائنا لنكرمهم؟!!

 

       إن حياة الأمم والشعوب على مختلف ثقافاتها وفلسفاتها في العطاء نجد أنه عند رغبة الباحث المنصف في وسم هويتها وتقييمها لحاضرها ومستقبلها نجده لا ينفصل عن النظر للتاريخ الإنساني الماضي لتلك المجتمعات وأفرادها وذلك لارتباطهما الوثيق بالتاريخ الحاضر والقادم لها ، ونجده أيضاً يثني ويحترم الأمة التي سجلت تكريما وعرفاناً لعظمائها ومبدعيها في حياتهم أولاً وبعد رحيلهم بالثناء والذكر الحسن.

وهذه النظرة السوية يسطرها ويؤكدها التاريخ المنصرم إذا ما عدنا إليه وكذلك الأمم الحاضرة والتي تنظر إلى هذا العرفان والتكريم للعظماء والمبدعين بالتبجيل والاحترام الشديدين لتلك الأمة الرائدة .

 ومن وحي مقدمتي السابقة نجد أن المجتمعات البشرية على قسمين:

الأول: منها من يهتم ويكرم تاريخ وحاضر كفاح وعطاء عظمائه ومبدعيه قبل رحيلهم وبعده بشتى أنواع الاهتمام والتكريم المتعدد والذي منه المادي والمعنوي .

 والثاني: منها من نراه لا يفيق من سباته العميق وانكشاف غطائه عنه عما كان يجب عليه نحو عظمائه ومبدعيه إلا على صوت الناعي والداعي لهم بالمغفرة والرحمة فعندها يسقط هذا المجتمع في يده ويصحوا من سباته الرهيب بالتفجع والبكاء والحزن على رحيلهم بشتى أصناف البكاء والأسى والندم على ما فرط في جنبهم وعندها يشمر عن ساعديه مقدما برتوكولات من العرفان والتكريم المتواضعين إن لم يخنه كسله الدائم أو إيعازه للآخرين الأباعد القيام بهذا الدور من حيث يعي أو لا يعي .

 ومن هنا أقول هل ننتظر أن يواري الثرى عظمائنا ومبدعينا العاملين سراً وجهراً ويسعهم القبر بعد أن رفضهم جُلنا هل ننتظر هذا كله من أجل أن نقدم لهم مظاهر خجلى أقل ما توصف به أنها أقحمت من أجل أن تواري سوءة ما وقعنا فيه من كفران عظيم بنعم الله علينا بهم أولاً وتخسير لأنفسنا ثانياً ، والأمثلة على ما قدمت من واقعنا كثيرة ولكني أترك القارئ الكريم يطبقها على مصاديق مستفيضة من حاضرنا وماضينا القريب .

 وقد يتذرع المجتمع عن تنكره لعظمائه وخصوصاً الربانيين منهم أن هؤلاء الإعلام ذوو  ورع وزهد يمنعهم من قبول هذه الحفاوة والتكريم ولكننا نقول إن رفضوا هذا تورعاً وزهداً فانه لا يبرئ ولا يخلي ساحة المجتمع من القيام بواجباته الأكيدة تجاه عظمائه ومبدعيه ، وأبين للقارئ الكريم أني لا أقصد بتوجيه العرفان والتكريم لأصحاب نوع معين من العطاء كخدام الشريعة الغراء من العلماء الأجلاء وإنما هم أولى من غيرهم بذلك لما يمثلونه من امتداد لنهج أهل بيت العصمة ولدلالتهم لنا على الصراط المستقيم السائر بنا نحو الآخرة الباقية بالنعيم المقيم ، ولكني أقصد توجيهه إلى جميع ما بتجمعاتنا المعطاءة من عظماء ومبدعين في أي مجال من المجالات المشرفة والرائدة .

 وفي الختام أقول إذا ما أفقنا من سباتنا هذا فان العلاجات الناجحة والمقترحات البناءة كثيرة ومنها إنشاء لجنة تعنى بهذا الأمر ويكون لها مقر وممثلين في مدننا الأخرى من مهامهم الإحصاء والتقييم للمستحقين ومن ثم العرفان والتكريم لهم بشكل نصف سنوي مثلاً وذلك لكثرتهم كما أرى ...  . وأترك القارئ الكريم والمعنيين لإكمال هكذا اقتراح وإيجاد مقترحات أخرى لمعالجة هذا المشروع الهام والحيوي للمجتمع حاضراً ومستقبلاً .