بداية النهاية: غزة حرة في عام 2005

خمس سنوات وانتصاران عربيان، اندحار أقوى جيش في الشرق الأوسط وهو جيش الكيان الغاصب، من انتصر؟ حكومة أبو مازن أم الشعب الفلسطيني؟ إنها الانتفاضة التي اندلعت بعيد الاندحار الإسرائيلي من جنوب لبنان بعد ضربات قوية بسواعد أبطال حزب الله وتحت قيادة السيد حسن نصر الله-حفظه الله– إذ أننا لا نستطيع عزل الانتصارين فقد أهدى الحزب المنتصر انتصاره على اليهود في عام 2000 للشعب الفلسطيني.

 لماذا يعد هذا الانسحاب انتصاراً ؟

يعد انسحاب المستوطنين من غزة انتصاراً لأنه تم من طرف واحد وليس بعد مفاوضات وليس لاتفاقات بين طرفين، بل خرج اليهود من غزة بفعل الخوف والرعب الذي بثه أبطال الانتفاضة في نفوس المستوطنين وزعزعة الجيش الذي ظهرت عليه بوادر الانهزام النفسي، وحدوث البلبلة في وسطه، وللتخلص من أزمة أمنية تمر بها (إسرائيل الغاصبة)، المقاومة وجهت العديد من الصواريخ، والرغبة لطرد اليهود وتحرير الوطن دفعت أفراد المقاومة لتطوير السلاح، وتوجه شباب غزة للمستوطنات وزلزلوا الأرض تحت أرجل اليهود عبر تفجير أجسادهم الطاهرة بين ظهرانيهم، على الرغم من المعابر المزودة بأفضل أجهزة الكشف وانتشار الجيش في كل غزة وتقسيمها إلى (كنتونات) وتحويلها إلى سجن مُراقب، على الرغم من استشهاد قيادي المقاومة كالشيخ الشهيد مؤسس حركة (حماس) ولكن المقاومة استمرت في توجيه ضرباتها القاسية وتحملت كل العدوان الذي تم عليها كهدم البيوت وقتل الشعب وتخريب البنية التحتية ودمار المزروعات وتغريب أبنائها وسجن آخرين وتفريق العائلات، الذل اليومي الذي يتعرضون إليه عبر المعابر، تحول الشعب إلى قنبلة تنفجر في وجه المعتدي، ولم تكن غزة فقط من قدمت البطولة لا يزال الشعب الفلسطيني يقدم أبنائه شهداء، سجناء، منفيين، لاجئين، مسلوبي الانتماء لوطنهم ومن حقوقهم الإنسانية، ولكننا نتحدث اليوم عن غزة لأنها بداية تحرير فلسطين.

فرحةٌ ناقصةٌ:
قد يقول قائل كيف نرضى بانتصار مجزأ ونحن نبتغي فلسطين أرض محررة بالكامل؟ وما نفع هذا الانتصار مادامت القدس في قبضة اليهود؟ لماذا نفرح فرحاً ناقصاً؟.
غزة هي طريق لتحرير كل فلسطين، بل هي دليل على عجز اليهود عن تحقيق حلمهم (إسرائيل من النيل إلى الفرات)، تشكل غزة حلقة النار التي لا يستطيع الجيش الإسرائيلي تجازوها، وتمنى أحد رؤساء الكيان الغاصب (موشي ديان) أن يصحو من النوم وقد ابتلع البحر غزة لكونها الشوكة القاصمة، تعد غزة أكبر مدينة من ناحية الكثافة السكانية في العالم فإذا لم تستطع الصهيونية أن تتجاوزها وان تبقى فيها فكيف تستطيع أن تؤسس الدولة الإسرائيلية الكبرى وتحقيق السيطرة على الشرق الأوسط، إن الشعب الفلسطيني يدافع عن العرب كلهم وهم في مواجهة دائمة لا لتحرير غزة فقط، لا لتحرير الضفة فقط ولا لتحرير فلسطين فقط، بل لوقف الزحف الإسرائيلي وانتشار الغدة السرطانية في جسم العرب، الشعب الفلسطيني يحرر فلسطين بلا منّة من أحد، ويوماً سيرتفع العلم الفلسطيني على كافة الأرض الفلسطينية وسيندحر اليهود وستتحطم أسطورة الصهيونية، لأن الشعب قد قرر الانتصار.

علينا أن نضع في اعتبارنا:

إن عملية إبادة شعبٍ في وطن ما تستغرق من المحتل الغاصب أعواماً كثيرة وتقوم بعدة عمليات إبادة، الأوربيون عندما احتلوا وطن السكان الأصليين في أمريكا وهم (الهنود الحمر) جرت عدة عمليات إبادة، وإلى الآن تجري عبر إيقاف النسل الهندي من خلال عمليات خفية تقوم بها أمريكا دون علم الهنود الحمر أنفسهم حتى أصبح عددهم ثلاثة ملايين هندي فقط، اليهود احتلوا فلسطين منذ سبعة وخمسين عاماً عبر مؤامرة غربية لتوطين اليهود فلسطين، قام الجيش الإسرائيلي بمعاونة وتستر من الجيش البريطاني وإمداد أمريكي وغربي بإبادةٍ للشعب الفلسطيني وطردهم، وتقوم الحكومة الإسرائيلية الآن بعملية إبادة خفية عن طريق خطف فلسطينيين وإقامة تجارب معملية، لتجربة طرق إبادة مختلفة للشعب الفلسطيني.
وعلينا أن نضع في اعتبارنا أيضاً أن عملية تحرير الوطن وطرد الغاصب تتطلب العديد من التضحيات لقطع المطامع.
و لا ننسَ أن الوعد بتحرير فلسطين وإرجاع اللاجئين لوطنهم وعد خارجي، لكن الشعب والشعب فقط هو من يحرر وطنه، لأن الله وعد بنصر من ينصره.

زيتونٌ وحمامة:

يظن البعض أن اليهود عندما يخرجون من غزة والضفة الغربية فإن علينا أن نقدم غصن الزيتون وحمامة السلام للحكومة الإسرائيلية ونقوم بعملية التطبيع لتحقيقها الوعد للشعب الفلسطيني، اليهود غاصبون ومطامع الصهيونية لا تقف عند فلسطين، لذا فنحن لا نمد أيدينا للسلام لمن اغتصب وطننا وقتل شعبنا، إن السلام في مفهومنا إن يخرج كل صهيوني أتى إلى فلسطين وطرد فلسطيني ليسكن هو في داره، هذا هو مفهومنا للسلام: أن تكون فلسطين كل فلسطين أرض عربية حرة.