التخلص من الجبت والطاغوت

لكي يعيش الإنسان حياته بعزة وكرامة لابد له أن يتخلص من الذل..
الأب حينما يضرب ابنه فإنه يسلبه شخصيته وعزته وإن كان البعض يعتبر الضرب نوعاً من أنواع التربية، والسجين عندما يُعذَّب يعتبر ذلك نوعاً من الذل من قبل السجان أو الجلاد..
وكذلك المطارد من قبل السلطات الظالمة فإنه في حالة الخوف والرعب والاستنفار يعتبر ذلك ذلاً له إذا لم يكن هدف خروجه وسيلة لتحقيق مطالب أو ما شابه..
فالإنسان لا يستطيع أن يعيش في الذل الخارجي المسلط عليه من قبل الأب والجلاد أو الحاكم، كذلك عليه أن يتخلص من الذل الذي يوجهه لنفسه بسبب سيطرة الشهوات الشيطانية..
فالجبت والطاغوت مركبتين فضائيتين يقودا الإنسان إلى كوكب الذل والخنوع والفساد إن لم يكفر بهما.
(فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى) ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) سورة البقرة
وأي عروة سنتمسك بها لو أمنا بالطاغوت واتخذناه وليا حميما..؟؟
 
كيف نتخلص من الجبت

الجبت شيطان داخل النفس يعشعش فيها ليهوي بها في منزلقات الهاوية..
و الطاغوت شيطان خارجي يعشعش في الأمة ليأخذ مصالحه من خيراتها وبأي طريقة كانت..
لهذا على الإنسان أن يجاهد لكي يتخلص من الجبت والطاغوت، وقبل التفكير  بالتخلص منهما لابد قبل كل شئ الكفر بهم.
وقد علمنا رسول الله كيفية التخلص منهما وذلك عبر الجهاد..
فالجهاد الأكبر وهو مجاهدة النفس ونتيجته التخلص من الجبت الداخلي، والجهاد الأصغر هو مجاهدة الطاغوت ومحاولة التخلص منه وهو النظام الخارجي الظالم.
والجهاد يحتاج إلى صبر والصبر نوعان كما في الروايات (الصبر صبران: صبر على الطاعة وصبر عن ارتكاب المعصية).
وفي الحقيقة أن الصبر شئ عظيم وله ثواب جزيل لأن الإنسان كثير ما تحدثه نفسه بأن يجرب المحرمات، فزنا الفرج و زنا البصر وزنا اللسان وزنا الأذن كلها محرمات إن لم يقع الإنسان في أكبرها سوف يقع في أصغرها، ولكن يبين لنا البارئ عز وجل السبيل للتخلص من ذلك بقوله تعالى:
﴿وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) سورة العصر، فلابد على الإنسان أن يصبر على الحق والابتعاد عن الباطل، وببركة التواصي يستطيع الإنسان المؤمن أن يصبر رغم هبوب الرياح العاتية عليه..

إذا بالجهاد والصبر عليه نستطيع أن نتخلص من الجبت والطاغوت ومحاولة التخلص منهم يعني الكفر بهما أولاً..
وكما يقع الإنسان في منزلقات أو مستنقعات الأهواء (الجبتية) -إن صح التعبير- فقد يقع هو الآخر في مستنقع الطواغيت ..
فكم شاب وكم رجل ضيع حياته في التجسس المحرم على الناس، لكي يرضي حاكمه..
وكم من عزيز ذل نفسه بالتقرب من الظالم، فهو يضيع دنياه ويبيعها لأجل دنيا غيره، فيُضَيع الدنيا والآخرة..

الصبر والجهاد

الصبر والجهاد توأمان لايمكن فصلهما، فالإنسان الذي يصبر على حمل راية التوحيد وكل ما يندرج تحتها، وصولاً إلى أعمال الخبر فهو مجاهد، والمجاهد لا يستحق لقب الجهاد دون الصبر، فكم عالم دين عاش مجاهداً عزيزاً كريماً وبعد ذلك أستحوذه الشيطان إلى باب من أبوابه كالجنس والسلطة..
إذا لابد من الجهاد والصبر عليه في مقارعة الجبت والطاغوت، ولا بد أن نكفر بهما جميعا وعدم السماح لأنفسنا بالتقرب لأي منهما، لأن الذنوب ستكون أسرع بالتقرب إلينا ومن ثم النار والعياذ بالله.


وصلى الله على محمد وآله الميامين.