أهذه أنت سيدتي ..

عقيلة آل حريز *

  أهذه أنت التي تبسمين في وجهه حين يأتيك مثقلاً بهموم الإنسانية فتتلاشى سحبها المحمومة من وجهه  ..

أهذه أنت التي تلعبين في حجره ويأنس بلعبك معه فتزايله كل معاني الوجد والشقاء ..

 أهذه أنت التي أزالت عن رأسه الأذى حين رمته قريش به في صلاته , فراحت متحدية توبخهم بعنف رغم صغر سنها ..

أهذه أنت التي أشرقت الأرض بنورها المخزون حين راحت تغدق عليها بابتسامة تصافح ألق النجوم ..

أهذه أنت التي ترضى السماء لرضاها وتغضب لغضبها ..

أهذه أنت التي جعلت نساء الأرض يفاخرن بها على رجالها محققات شطراً عادلاً من مساواة تلهث وراءها الكثيرات فلا يجدنها ..!!

أهذه أنت الأم في حنانها وعطفها .. والبنت في دلالها و رقتها .. والزوجة في ودها و لطفها ..

 أهو نورك الذي شع على وجه الأرض سيدتي فتوارت منه الشمس خجلاً حين اكتسح آفاق الظلام ..

أية عظمة تلك التي تشرفتْ بها ساعات ميلادك فنثرت على الكون أريج  معطرة أنفاسه بعبق الرحمة والغفران ..

لقد تفردتِ بحب أبيكِ وكبرت آفاقكِ معه وانطوى لحن الرسالة داخلكِ وسموتِ بخصال نزكو بعبير الوحي والآيات والسور ..

 

أأنتِ التي وقفت منتصبة للصلاة تدعو لجيرانها طوال الليل وابنها متعلق بأطراف ثوبها يسألها مستفهماً عن شيئ من ذلك لنفسها ، فتجيبيه بكلمات عاكسة لأسمى معاني الصدق والطهارة التي تحويها روحها :

" بني .. الجار ثم الدار"

 أهذه أنت صاحبة التسبيح والتهليل والتكبير الذي عرفناه  باسمها (تسبيح الزهراء فاطمة) .. نختم به صلاتنا ونسد ما بها من خلل أو قصور ..

أهذه أنت سيدتي صاحبة النذر والأقراص والمَجل ..

أهذه أنت التي لأجل خاطرها لم تذكر الحور في أجزاء بعض السور ..

أهذه أنت سيدتي التي احتفلت الأملاك بميلادها وكذا فعلن الحور والولدان في جنات عدن حين قاموا بنثر الدرر ..

 

أهذه أنت السيدة التي ملأت الدنيا بذكرها العطر وسادت نساء العالمين بخصالها من أولين وآخرين .. وحتى آسيا و مريم العذراء يا سيدتي ينطفئ  ذكرهما بقربك ويضمحل ..

 أهذه أنت التي طرزت حياتها بشعاع الصلاة فراحت حين سقطت متهالكة تتمتم بأنفاس الدعاء وعندما خطفها الصمت رفعت بصرها نحو السماء وبذلك الوتر المشدود من القلب إلى العين راحت ترنو الأفق ترسم على ثغرها ابتسامة فرح بقرب اللقاء والتمعت عيناها ببريق الخلاص عندما لمست ذلك النجم يشع لها واعداً بالوفاء ..

 أهذه أنت التي تعلمنا الصبر والصدق والحق والشجاعة والتضحية في مسيرة حياتها العظيمة ..

أهذه أنت السيدة التي نسجت من حزنها صبراً ينوء بحمله الأبطال وصنعت من فصول قصتها دليلاً كشفت به عن أقدام الأمة العارية ..

 أهذه أنت السيدة الزهراء فاطمة حبيبة محمد وبضعته وزوجة علي وصيه وخليفته وأم السيدين الطاهرين الحسنين أم الأئمة ومداد الرحمة لهذه الأمة ..

 

إذاً ..

مرحباً بنورك الميمون سيدتي الذي أطل على الأرض معلناً ساعات وجودك في رحلت كفاح  قصيرة الأمد طويلة الكبد كانت كل طرقاتها

صائمة بينما تعبرين أنتِ دروبها متشققة القدمين تمضغين الصبر لا تبالين بسنين العطش ..

                                                                                                                                                                                

كاتبة وقاصة (سعودية )