عن الحالة العراقية

أ . بدر الشبيب *

المتابع للحالة العراقية يشهد انحسار تأثير الإسلاميين في المشهد السياسي اليومي، فالمسرح لا يكاد يتسع إلا للسوبرمان الأمريكي وبعض أعضاء الحكومة العراقية الانتقالية، أما الآخرون الذين أرادوا أن تكون لهم أدوار فاعلة على المسرح خارج مظلة السوبرمان فقد تم تحييدهم أو إقصاؤهم.

والسؤال الذي يلح على المهتمين بالشأن الإسلامي هو: أين المخرج؟
بداية أقول إني لا أملك الإجابة الشافية، وأعتقد أن المخلصين من أبناء العراق لديهم من الكفاءات والطاقات والخبرات ما يستطيعون به إذا أحسنوا استغلاله أن يجيبوا بشكل عملي وأن يجدوا المخرج الملائم. ولكني أردت أن أذكر بأمر في غاية الأهمية ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن يغرب عن بال الطامحين إلى عراق حر.

يقولون: لو خيرت بريطانيا العظمى بين الهند وشكسبير لاختارت شكسبير.
هذه المقولة يجب التوقف عندها طويلا، فهي تتحدث عما يبقى في المعادلة وما يخرج منها، فالجيوش البريطانية لم تستطع رغم قوتها أن تحتفظ بالهند، فخرجت منها، أما شكبير فقد بقي يتمدد في أرجاء الدنيا دون جيوش، وأدخل بريطانيا من خلال أدبه إلى قارات العالم.
إن الاحتلال الأمريكي للعراق أمر طارئ وسيزول، شاء المحتلون أم أبوا، أما كيف يزول ومتى فهذا أمر يعود للشعب العراقي وبالذات لقياداته المخلصة الواعية التي عليها أن لا تقع فريسة للاشتغال بالطارئ الملح وتترك الاشتغال بالمهم غير الطارئ. والمهم غير الطارئ هنا هو العمل على إيجاد حقائق جديدة على الأرض تتجاوز الواقع الرديء، وتجبر المحتل على التعامل وفقها، وتؤسس لمستقبل مشرق. أما ما هي هذه الحقائق الجديدة فهذا أمر ينبغي أن تحدده القيادات الفاعلة التي يجب أن تتوحد لتخرج برؤية استرتيجية شاملة لمستقبل الوطن العراقي.
إننا نرى الآخرين من أعداء العراق يعملون وفق استراتيجية واضحة، وما مسلسل الاغتيالات والاختطاف في صفوف النخب المختارة من أكاديميين وغيرهم إلا حلقة ضمن حلقات مترابطة تهدف في النهاية إلى خلق عراق آخر لا يخدم سوى المصالح الإمبريالية والصهيونية.
لذا فإن غياب الرؤية الشاملة عند الإسلاميين المخلصين لا يعني سوى المزيد من التيه، فالحالة العراقية لا تحتمل الجهود المبعثرة التي يقوم كل منها بتركيب جزء من الصورة كيفما اتفق، حيث سينتهي الأمر إلى صورة مشوهة.
على القيادات العراقية المخلصة أن تحدد أولوياتها بشكل جمعي مرتكزة في ذلك على مفهوم قرآني واضح:


( فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض )

أديب وكاتب وباحث في علوم اهل البيت عليهم السلام