فلنأخذ بعض أساليب هذا اللوبي

أ . بدر الشبيب *


لماذا تمكنت إسرائيل – رغم عدم عدالة القضية – من إلغاء قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي يعتبر الصهيونية حركة عنصرية؟
لماذا تمكنت إسرائيل – رغم عدم عدالة القضية – من إيقاف بث قناتي المنار وسحر في فرنسا؟
ولماذا لم نتمكن نحن - رغم عدالة قضيتنا -من استصدار قرار من مجلس الأمن لتشكيل فريق للتحقيق في مجزرة جنين وما قبلها وما بعدها؟

 ولماذا لم نتمكن نحن - رغم عدالة قضيتنا –  من إيقاف قرار منع الحجاب في المدارس الفرنسية؟
المسألة ليست حظا وافرا وآخر عاثرا، وإنما هي تخطيط وتنظيم وعمل دؤوب، يقابله في الطرف الآخر ارتجال وفردية وعمل يخضع للمزاجية ( هذا إن وجد ).

في كل مرة يتعرض فيها مقدس من مقدساتنا للإهانة كما حدث أخيرا من تسرب معلومات عن قيام بعض الجنود الأمريكيين في معتقل جوانتنامو بتدنيس المصحف الشريف، تقوم المظاهرات العفوية الصاخبة محتجة على مثل هذه الأفعال المشينة، وهذا أمر جيد يدل على غيرة الأمة على مقدساتها واستعدادها للتضحية من أجلها.

ولكن السؤال: كم من هذه المظاهرات كان يحمل برنامجا لمواصلة العمل بعد المظاهرة؟ وكم من هذه المظاهرات فكر في خطة طويلة المدى لتأسيس الاعتبار للقرآن الكريم في الغرب عموما؟ وقبل ذلك، كم من هذه المظاهرات فكر في إعادة الاعتبار للقرآن الكريم في حياتنا الشخصية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية؟

لقد احتججنا من قبل على كثير من الممارسات ضدنا وضد مقدساتنا، وتوقفنا بعد أن أفرغنا الشحنات العاطفية، وبقي الحال كما هو عليه بانتظار ممارسة عدوانية أخرى لنقابلها باحتجاج جديد ونكتفي.

في كتابه القيم ( حياة في الإدارة )، يذكر لنا الدكتور غازي القصيبي نماذج من أساليب عمل اللوبي الصهيوني، نختار منها نموذجا، يقول الدكتور القصيبي:

 فلنأخذ بعض أساليب هذا اللوبي. ولنبدأ بالرسائل الموجهة إلى الصحف.
في لوس أنجلوس، وفي كل مدينة أمريكية، هناك مكتب متخصص في إعداد هذه الرسائل. بوسع كل متعاطف مع إسرائيل يرى مقالا لا يعجبه عن إسرائيل أن يرسل المقال إلى المكتب، وفي خلال ثمانية وأربعين ساعة يصله رد جاهز بالأرقام والتواريخ ما عليه إلا توقيعه وإرساله إلى الصحيفة المعنية. هذا ما يفسر لنا أنه يستحيل أن ينشر مقال ضد إسرائيل في أي صحيفة أمريكية دون أن تصل إلى هذه الصحيفة عدة ردود " عقلانية " تعترض على المقال.

ويضيف القصيبي معلقا:
كثير من العرب يكتبون رسائل إلى الصحف ولكنهم يكتبونها بطريقة انفعالية تحول بينها وبين النشر، أو تسيء إلى القضية أكثر مما تخدمها إذا نشرت. كتابة الرسائل إلى الصحف فن قائم بذاته، لا علاقة له بالبلاغة، ولا بعدالة القضية.
ثم يلخص ما وصل إليه من قناعة راسخة قائلا:
مع انتهاء دراستي في الولايات المتحدة، وصلت إلى اقتناع، لم يهجرني حتى هذه اللحظة، وهو أن الفارق الرئيسي بين العرب والصهاينة أننا نتصرف بطريقة فردية عفوية وهم يتصرفون بطريقة جماعية منظمة.

 

أديب وكاتب وباحث في علوم اهل البيت عليهم السلام