القراءة.. الفعل الغائب في أمة اقرأ

الأستاذ حسن آل حمادة *

تناولت مسبقاً إشكالية ابتعاد مجتمعاتنا عن القراءة لأحكي من خلالها الواقع المؤلم الذي نعيشه عندما صرختُ قائلاً: إن ( أمة اقرأ لا تقرأ!! )، هذه المقولة التي أصبحت تُردد على ألسنة عددٍ من الكتَّاب والمثقفين، وهي مقولة لا تسعدني - حين أسمعها - بقدر ما تثير في نفسي الألم، جرَّا واقع هذه الأمة التي أصبحت فعلاً ماضياً! فأين قرَّاء هذه الأمة الذين تتحدث عنهم صفحات التاريخ بكثير من الإعجاب؟ أتلفت باحثاً عنهم يمنة ويسرى، وللأسف..

إني لأفتح عيني حين أفتحها               على كثير ولكن لا أرى أحدا!


ومن الأمور المحزنة أنك تجد بأن الجميع حين تسألهم عن القراءة يؤكدون لك على أهميتها ودورها الفاعل في تنمية ثقافة الإنسان والارتقاء به وبمجتمعه، وفي نفس الوقت تجد أن القائل يعيش في وادٍ والكتاب في وادٍ آخر! لذا جاءت تلك المحاولة المتواضعة مني لتستفز أبناء (أمة اقرأ) علهم يُثبتون لي خطأ مقولتي، ولأردد معهم مقولة أخرى اقترحها عليَّ أحد الأصدقاء عندما علم بنفاد نسخ الكتاب في أقل من عام، فقال لي مستبشراً: (أمة اقرأ تقرأ!).. بالطبع نسي القائل بأنني طبعت   (2000) نسخة فقط! وقد وزِّع معظمها في المملكة العربية السعودية التي يزيد عدد سكانها على (16) مليون إنسان!! إذاً، ثمة ضرورة ملحة تدفعنا للحديث عن فعل القراءة، وهذه الضرورة تكمن في أن الإنسان بلا قراءة = الفراغ الفكري والثقافي، مما يجعله عرضةً للارتواء من أي نبعٍ كان.


 هل بإمكاننا جعل القراءة فعلاً حاضراً؟


بإمكاننا تحقيق هذا الأمر عبر تهيئة الأجواء المساعدة والتي من شأنها اجتذاب الأطفال والشباب نحو مختلف مصادر المعرفة المتاحة، والمسؤولية في ذلك تقع على كاهل كل من: الأسرة، والمدرسة، والمجتمع، ووسائل الإعلام، والدولة. فمثلاً:

- الأسرة القارئة قادرة على صناعة ابن قارئ، إن هي وفرت الكتاب المناسب، داخل المنزل.

- والمدرسة بإمكانها أن تدفع الطلاب دفعاً باتجاه الثقافة والاطلاع، إن هي وفرَّت المناهج الكفيلة بغرس ملكة الإبداع، والبحث عن المعرفة في أنفسهم.. المناهج البعيدة عن أسلوب الحفظ والتلقين، والتي لا نجني منها إلاَّ مزيداً من النسيان.

- والمجتمع بدعمه المادي وتشجيعه المعنوي لمن يعمل في حقل الثقافة والعلم.

- ووسائل الإعلام المختلفة بتبنيها لصنَّاع الثقافة والعاملين على إثرائها.

- والدولة وما أدراك ما الدولة؟ إذ هي القادرة على أن تكون أماً للثقافة والمنافع، أو أماً للجهل والمساوئ، ولك أن تتأمل في واقع شعوبنا المليئة عنفاً وإرهاباً، وقل لي بربك من المسؤول؟

جريدة البلاد السعودية: 20-3-1426هـ.
كاتب ومؤلف ( القطيف )