ومضات قرآنية (12)

شبكة مزن الثقافية محمد حسن يوسف

 ﴿ثُمَّ جَعَلْنَٰكُمْ خَلَٰٓئِفَ فِى ٱلْأَرْضِ مِنۢ بَعْدِهِمْ لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ

مسار الحضارات والأمم على مدار التاريخ قائم على التدوير بزوال واحدة وقيام أخرى، وهذه الحضارات كبني البشر مهما عمرت إحداها فإن مصيرها للموت وليس في ذلك أدنى شك. أما أسباب هلاك الأمم فهي إما داخلية أو خارجية أو مزيج بين هذا وذاك. وتلك سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا.

في الآية الكريمة يحذر رب العالمين من سلوك عام لدى البشر وهو عدم الاتعاظ بالآخرين وهذا ليس خاصا بزمان أو مكان إذ أن الأهواء البشرية هي ذاتها حتى وإن اختلفت الأزمنة أو الأمكنة، ومما يروى عن رسول الله صلى الله عليه وآله (لتركبن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة) وذلك للتشابه الكبير في نفوس الناس.

هناك عبارات متداولة تحمل عقيدة أشبه بالقدرية أمثال (التاريخ يعيد نفسه)، وكأن الإنسان لا يد له في دورة التاريخ، لا ياسيدي البشر هم من يغيرون التاريخ ولا يعيد التاريخ نفسه إلا بيد الحمقى، أما العقلاء فكما يروى عن أمير المؤمنين عليه السلام (واتعظوا بمن كان قبلكم قبل أن يتعظ بكم من بعدكم).

يمتحن الله عباده في السراء والضراء ولكن الغفلة والأهواء تغشي الأبصار وتصم الآذان وتعمي القلوب وتجعل الإنسان يظن أن له على الله كرامة فلا يصيبه ما أصاب غيره. ينقل عن الشهيد الصدر أنه سمع أناسا يلعنون هارون العباسي فقال (ما أنتم صانعون لو ملكتم ملك هارون).

(اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَنَبِّهْنِي لِذِكْرِكَ فِي أَوْقَاتِ الْغَفْلَةِ، وَاسْتَعْمِلْنِي بِطَاعَتِكَ فِي أَيَّامِ الْمُهْلَةِ، وَانْهَجْ لِي إِلَى مَحَبَّتِكَ سَبِيلاً سَهْلَةً، أَكْمِلْ لِي بِهَا خَيْرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ)

محمد حسن يوسف
١٢ رمضان ١٤٤٦