ومضات قرآنية (11)

شبكة مزن الثقافية محمد حسن يوسف

 
﴿إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصبِر فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجرَ المُحسِنِينَ

من أكثر الصفات مدحا في القرآن الكريم - إن لم تكونا الأكثر - صفتا الصبر والتقوى ووردتا في كثير من الآيات متجاورتين كالآية الكريمة المتقدمة وغيرها الكثير وعلى سبيل المثال لا الحصر 
(اصبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللّهَ)
(وَإِن تَصبِرُوا وَتَتَّقُوا لاَ يَضُرٌّكُم كَيدُهُم شَيئاً)
(إِن تَصبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأتُوكُم مِّن فَورِهِم هَـذَا يُمدِدكُم رَبٌّكُم بِخَمسَةِ آلافٍ, مِّنَ المَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ)
(وَإِن تَصبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِن عَزمِ الأُمُورِ).

لهاتين الصفتين ( الصبر والتقوى) آثار دنيوية ملموسة وأخروية موعودة وكذلك نفسية مترتبة عليهما، ومما يلاحظ في القرآن الكريم تقدم الصبر على التقوى في أغلب الآيات ولعله لأن الصبر سبيل والتقوى غاية، فالصبر هو ترويض نفسي والتقوى ملكة فلا تتحقق التقوى بلا صبر.

الصبر هو ديدن المصلحين من أنبياء وأوصياء ومؤمنين و ربما حتى من غير المؤمنين.

ورد عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام (وعليكم بالصبر، فإن الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد فكما لا خير في جسد لا رأس له، لا خير في إيمان لا صبر معه)،
 ونقرأ في زيارة سيدتنا الزهراء سلام الله عليه (يَا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ اللهُ الَّذِي خَلَقَكِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَكِ فَوَجَدَكِ لِمَا امْتَحَنَكِ صابِرَةً)،
ومما ورد عن الحسين عليه السلام (رضا الله رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه، ويوفينا أجور الصابرين).

من الآثار النفسية المترتبة على الصبر والتقوى إعطاء معنى لكل شيء بما في ذلك الحياة والموت، والاستقرار النفسي (الطمأنينة) مع كل تقلبات الدهر، وكذلك الدعم النفسي الذاتي والمحافظ على السلام الداخلي للإنسان.

ومما يؤسف له حقيقة أن المنابر الوعظية لدينا تكاد تخلو من بث روح الصبر والتقوى في الأوساط الجمعية المؤمنة مما يؤثر سلبا على المكون النفسي للناس وعليه يسقط الكثير عند أدنى امتحان كما يقول الشاعر (تشتكي شدة الضعف لدى أضعف شدة).

"اللَّهُمَّ وَأَنْطِقْنِي بِالْهُدَى، وَأَلْهِمْنِي التَّقْوَى، وَوَفِّقْنِي لِلَّتِي هِيَ أَزْكَى، وَاسْتَعْمِلْنِي بِمَا هُوَ أَرْضَى".

محمد حسن يوسف
١١ رمضان ١٤٤٦