ومضات قرآنية (10)

﴿وَتِلْكَ عَادٌ ۖ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ﴾
السلوك الجمعي لمرتكبي السيئات يأخذ في الغالب أحد المسارين، الأول مسار التتالي والآخر مسار التماهي، في المسار الأول تقود أولى السيئات (الجحود) إلى سيئة أخرى (عصيان الرسل) ومنها إلى أخرى (اتباع الجبابرة) وهكذا تباعا، ويتضح ذلك في قصة إخوة يوسف عليه السلام إذ كان أول ذنوبهم حسد أخيهم الذي قاد إلى التآمر عليه بالقتل لولا رحمة أحدهم وبذلك قاد ذلك إلى إلقائه في الجب ومن ثم بيعه وقاد ذلك إلى الكذب على أبيهم الذي هو نبي لمدة أربعة عقود. قد نرى أنفسنا أننا بعيدون جدا عن مثل هذا لكننا في الواقع نسير في مثل هذا دون أن نشعر، روي عن مولانا الصادق سلام الله عليه (إياكم والخصومة في الدين، فإنها تشغل القلب عن ذكر الله عز وجل، وتورث النفاق، وتكسب الضغائن، وتستجيز الكذب) وهذا مسار تتابعي لسيئة قد لا نرى أنها سيئة ( الخصومة في الدين).
أما مسار التماهي فهو الأكثر انتشارا قديما وحديثا حيث أن الإنسان قد يستشعر الغربة والضعف في كونه مستقلا في اختياره فيلجأ إلى التماهي مع إحدى المجاميع سواء كانت في معسكر الله عز وجل أم في معسكر الشيطان كي يخفف على نفسه تأنيب الضمير بحجة أنه ليس الوحيد وإيهام نفسه أحيانا أنه على صواب و للشعور بالقوة داخل المجموع، وفي أكثر الأحيان يسير هؤلاء مع من غلب فالذين قاتلوا الإمام الحسين عليه السلام كان الكثير منهم مع أبيه أمير المؤمنين عليه السلام في معركتي صفين والنهروان.
جعلنا الله وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
محمد حسن يوسف
١٠ رمضان ١٤٤٦