ومضات قرآنية (9)

شبكة مزن الثقافية محمد حسن يوسف

﴿فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ

عقد من الزمن لم يتوقف فيه نبي الله عن الدعوة وقومه لا يستجيبون، إلى أن دعا عليهم أن يرسل الله عليهم العذاب وخرج هو من تلك الديار كما فعل غيره من الأنبياء بعد أن أخبرهم أن العذاب سيحل عليهم في غضون ثلاثة أيام، وفي لحظة تنبهوا إلى مصيرهم المحتوم كما يعتقدون وتابوا وآمنوا وأرجعوا الحقوق وتضرعوا فقبل الله منهم كل ذلك ورفع عنهم العذاب. هذا بالمختصر ما حصل لقوم يونس عليه السلام كما ينقل والله العالم.

عند الله تعالى لايوجد توقيت متأخر للتوبة فبعد طول تكذيب قوم يونس وجحود سحرة فرعون ومكر إخوة يوسف، لم يتوان الله في قبول توبتهم وإيمانهم. وربما لو تاب قوم لوط وعاد وثمود قبل حلول العذاب لما كانوا ينعتون اليوم بالأمم البائدة. (إن الله تعالى أشد فرحا بتوبة عبده من رجل أضل راحلته ومزاده في ليلة ظلماء، فوجدها)، فما أكرمك يارب وما أوسع نعمك.

روي في الأثر (تخلقوا بأخلاق الله). كم نحن أبعد ما يكون عن ذلك، إذا كان رب العالمين يسامح ويغفر ويقبل التوبة من عباده مع أنه القادر القاهر لماذا نحن لانسامح ولا نغفر ولا نقبل مع أننا حقراء ضعفاء مملوكون، وضع الله لنا ملائكة كراما كاتبين يحصون أعمالنا خيرها وشرها ومع ذلك وضع لهم حدودا وأخفى عنهم أمورا رحمة بنا وسترا علينا، ونحن نحصي على بعضنا الأنفاس قبل الأفعال ونكتم الحسنة وننشر السيئة وكأن الله وكلنا على خلقه. فياليتنا في هذه الأيام المباركة نتخلق بأخلاق الله وأخلاق رسوله وأهل بيته فعلا لا ادعاء، وفقنا الله وإياكم للتوبة ولاحرمنا قبولها إنه سميع مجيب.

(يا من لم يعجل على من عصاه من خلقه، يا من استنقذ السحرة من بعد طول الجحود، وقد غدوا في نعمته يأكلون رزقه، ويعبدون غيره، وقد حادوه ونادوه، وكذبوا رسله) 

محمد حسن يوسف
٩ رمضان ١٤٤٦