سيهات :مؤتمر القران الكريم في دورته الثانية عشر وتحت عنوان القرآن وسؤال النهضة،

شبكة مزن الثقافية تقرير : جواد المسجن
مؤتمر القرآن الكريم بسيهات دورته الثانية عشر  - تصوير مهند الشبعان ، محمد المطوع
مؤتمر القرآن الكريم بسيهات دورته الثانية عشر - تصوير مهند الشبعان ، محمد المطوع

في دورته الثانية عشر وتحت عنوان القرآن وسؤال النهضة، بدأ موتمر القرآن الكريم ليلته الأولى بتاريخ ١٢ رمضان. حيث أقيمت في مسجد الإمام الباقر بسيهات، وقدمت خلالها ثلاث أوراق بحثية لكل من: الشيخ زكريا داوود، الشيخ محمد محفوظ، والسيد خضر العوامي.

  • الشيخ زكريا داوود: القرآن وسؤال النهضة

بدأ الموتمر بورقة افتتاحية لسماحة الشيخ زكريا داوود بيّن فيها أن من أهم محركا

سماحة الشيخ زكريا الداوود

ت التغيير في المجتمعات هو المحرك الديني، إذ أنه عامل أساسي لصياغة المجتمعات وإصلاحها وتغييرها؛ وذلك لما للدين من سلطة منغمسة في الفطرة البشرية تدفعه نحوه. كما أشار إلى أن القرآن الكريم قد أثبت تفوقه على سائر الكتب الأخرى؛ لأنه يشكل منهجا وخارطة طريق لبناء المجتمعات المسالمة والناهضة. نبّه سماحته أيضا إلى أن الحديث عن الوعي دون تحويله إلى فعل يعد أمرا ممقوتا حسب المنهج القرآني، كما أن الحديث عن الوعي النهضوي ضروري لحل الكثير من المشاكل التي تمر بها الأمة كظاهرتي التكفير والتناحر بين أطياف الأمة المختلفة، والتخلف والتحديات المختلفة التي نعيشها في واقعنا محرك رئيسي للحديث عن النهضة وتكريس آلياتها من خلال خمسة مسارات هي: التأسيس لبنى فكرية معاصرة، التأصيل للعقل، تغيير الواقع العام للأمة، الاصلاح في كل الحقول، والتطوير لواقع الأمة. وأكّد أيضا على مركزية القرآن وسلطته المطلقة للنهضة، مما يحوجنا إلى دراسة الواقع وتحليله بواسطة المنهاج القرآني الذي يختزل لنا تجارب الأمم الناهضة وتلك التي خالفت عوامل النهضة. وفي ختام ورقته البحثية أشار إلى النهضة الحضارية في حياة الأمة ومستقبلها رهن الوعي العميق لكل من القرآن الكريم وللنص الديني الأمامي.

 

  • الشيخ محمد محفوظ: مفاهيم نهضوية في آيات الذكر الحكيم

بدأ سماحة الشيخ محمد محفوظ ورقته ببيان أن الفكرة الدينية رافقت الحضارية الانسانية فيالشيخ محمد المحفوظ كل زمان وعبر التاريخ، وأن المجتمعات تأسست وأديرت من خلال الأنبياء والارادة النبوية، كما أن الانسان لم يعرف الحضارة قبل الدين. مؤكدا على ضرورة سؤال النهضة لبناء وانشاء الحضارات، أشار إن أن المسافة بين الواقع والمثل والقيم مستمرة بالازدياد بسبب عوامل عديدة، وأن النهضة بوصفها إرادة انسانية قصدية تعمل على تجاوز أي معوق عبارة عن طريق لتضييق الهوة بين الواقع والمثل، كما أنه لا ثمرة من لنهضة معادية وغير متسقة مع الدين. ثم ربط سماحته بين مفهومي اليقظة والغفلة ومصير المجتمعات حيث أن النص القرآني يعمل على تنبيه الانسان من الغفلة والالتصاق بمفاهيم اليقظة. ثم ذكر ثلاثة عرقلات للنهضة في الأمة:

الأول: النمط السياسي في التجربة السياسية الاسلامية التاريخية، حيث أنها تفتقر إلى مفاهيم هامة كمحاسبة الحاكم، والموازنة بين الواجبات والحقوق.

الثاني: العبء القادم من الواقع، ومن صوره انعدام المسؤولية وجعلها على على عاتق فئة معينة بالمجتمع.

الثالث: العبء القادم من الاختيارات الذاتية وسوء التقدير، حيث أن مانعانيه هو نتيجة لذلك.

وأخيرا أشار إلى ثلاث عوامل نهضوية قرآنية وهي: تحرير العقل المسلم من القيود المادية والمعنوية، التعاون على البر والتقوى، وتحفيز العقل واستنفاره.

  • السيد خضر العوامي: نهوض الحضارات وسقوطها .. رؤية قرآنية

استهل سماحة السيد ورقته البحثية بالاشارة إلى أن القرآن الكريم قدم لنا رؤية تاريخية رصينة من خلال تناول تاريخ الأمم السابقة في مواطن عديدة، وذلك يجرنا للإجابة عن أسئلة من قبيل عوامل النهضة والسقوط والفاعلين في كل منها وأدوارهم. يرى سماحة السيد أهمية البحث تكمن في أن دراسة النماذج التاريخية والقرآنية بحكم أن البحث التاريخي عامل أساسي من عوامل النهضة، كما أن متابعة حركة سير التاريخ توصلنا إلى عدة نقاط أساسية منها أن النهضة الحقيقية رهن بالارتباط بالله تعالى من خلال الرسل في كل أمة، وأن الاصلاح يتمركز في تصحيح العقيدة بحكم ارتباطها بسلوك الانسان وفكره. كما أكّد أيضا على أن حركة الحضارات المعاصرة مصداق للحركة التاريخية فالقوانين التي تتحكم بسيرها ثابتة لا تتغير، مبينا أن للقرآن مركزية في بيان مسيرة البشرية والقيم المهمة لصعود الحضارات، وأن الوعي بالسنن التاريخية القرآنية واجب على المؤمنين كي يكملوا مسيرة التاريخ، إذ أن القرآن اشتمل على مرجعية فكرية شاملة تمنع سقوط الأمم والحضارات وتنهض بها.
 

 

 

الليلة الثانية :

اختتم مؤتمر القرآن الكريم بسيهات دورته الثانية عشر في يوم الثلاثاء الموافق ١٣ رمضان، حيث كان المؤتمر الكائن بمسجد الإمام الباقر (عليه السلام) حول القرآن وسؤال النهضة، وقدمت خلاله ورقتان لكل من سماحة الشيخ صالح العيد والسيد محمود الموسوي.

الشيخ صالح العيد: منهج القرآن الكريم في استنهاض العقل

بدأ سماحة الشيخ ورقته بالإشارة إلى أهمية العقل في الفكر الاسلامي، من خلال الاشارة إلى أن القرآن الكريم اهتم بمشتقات العقل ووظائفه كحاكميته ووجوب التحاكم إليه في مواضع كثيرة، كما لا تكاد تخلو سورة من سوره من ذكر العقلسماحة الشيخ صالح العيد واستنهاضه. كذلك بيّن سماحته وجوها للمنهجية القرآنية في استنهاض العقل من قبيل التذكير بالعقل ووجوب استخدامه وتذكير الانسان بأنه عاقل، وذم من لا يفّعله، ووجوب المحافظة على العقل وإزالة الحجب عنه كحب الدنيا والتقليد الأعمى للآباء، موضحا أن التقليد بحد ذاته ليس مذموما، وإنما التقليد الأعمى بدون هدى هو المذموم. كما ذكر في نفس السياق أن ضغط الجماعة أو مايسمى بحس التوافق الاجتماعي الذي يجعل الكثرة أو القلة مقياسا للحق من الباطل مقياس الغاه القرآن الكريم، واكتساب العلم واستخدام العقل بواسطة الارادة طريق للتعقل. ثم بيّن أن البصائر القرآنية تدعو إلي التفكر في التاريخ واستلهام العبر منه، و التفكر في الطبيعة والعلوم بوصفهما وسائلا لتحريك العقل واستنفاره لاستخراج العلوم وتوسيع دائرة معارف الانسان؛ مما يساهم في بناء الحضارات الناهضة.

 

 

  • السيد محمود الموسوي: قصص الحضارات في القرآن الكريم .. ملامح في فلسفة التاريخ

افتتح السيد محمود الموسوي ورقته البحثية بمقدمة مفادها أن النظرة لفلسفة التاريخ عنصريماحة السيد محمدود الموسوي ضروري لاستنهاض الأمم وبناء الحضارات، وأن غير المسلمين قد تأثروا بمنهجية المسلمين قديما في فلسفة التاريخ لبناء الحضارات. كما أشار إلى السجال القائم حول النظريات المتعلقة بفلسفة التاريخ وتطورها فيما بعد الحرب العالمية الأولى والثانية، وأيضا إلى التجارب الاسلامية في محاولة استخلاص فلسفة التاريخ في القرآن الكريم. بعد ذلك أكّد على تفوق النص القرآني وبروزه في دراسة التاريخ من خلال ذكر أحوال الأمم السابقة في مسار العظة والعبرة؛ لأنها نابعة من كون القصة القرآنية وحدة تاريخية تستقصي الحقائق وتطابقها، إضافة إلى تكاملها وقطعية صدورها، واشتمالها على السنن التاريخية ووسائل النهوض والعبر الظاهرة. ثم انتقل سماحته لذكر أنماط السرد التاريخي في القرآن التي من ضمنها التاريخ الفردي (أحوال الرجال)، وتاريخ الحضارات وهو الأحوال العامة للمجتمعات، كما أعزى أسباب نهوض وسقوط الحضارات إلى عوامل ذكرها القرآن الكريم كالمنطق الجمعي، ووضح أن المنطق الأممي وحركة الأمم هي نتيجة لتأثير كل من الفرد والجماعة والمجتمع.