الامام المدرسي : نحن بحاجة اليوم اكثر من أي يوم مضى الى ثقافة الأمل والثقة بالنفس

شبكة مزن الثقافية موقع الامام المدرسي دامت بركاته

أكد سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المُدرّسي(دام ظله)، على أننا ” من وحي وبصائر نهضة السبط الشهيد الأمام الحسين عليه السلام، علينا جميعا ان نعي ونحمل مسؤلية التعاون والتشاور والتفكير المشترك كجزء اساس من واجبنا اليوم، وامتثالا لأمر الله تعالى لنا بذلك في أيات القران الكريم”.
 
وفي جانب من كلمة له بمكتبه في كربلاء المقدسة أمام حشد غفير من العلماء والخطباء في مؤتمر خطباء المنبر الحسيني بمناسبة قرب حلول شهر محرم الحرام،اوضح سماحته بالقول:”نحن اليوم نواجه في هذا العالم ارهابا طاغيا يضرب كل يوم الابرياء ويقتل الاطفال والنساء بلا رحمة ونواجه الى جانب ذلك ثقافة و افكارا انهزامية تحاول ان تفرض نفسها على الناس بشعارات وادعاءات خبيثة مراوغة”، واضاف أن :”الثقافة والافكار الهدامة الفاسقة والتبريرية هدفها أن يتنصل الناس من المسؤلية ليكونوا خانعين منكفئين صامتين، وتُصوّر لهم أن هذه الروح السلبية هي من كانت ستمنع عنهم الارهاب والازمات والتحديات ..”، وقال سماحته أن “هذه الثقافة اللعينة والفكر الطاغي والذي يتحول الى ممارسات مثل ممارسات يزيد قد ينعكس أيضا ـ مع الاسف ـ على نخب وعلماء فيصبحوا كشريح القاضي بحيث يطغى أمثال يزيد ويلبي دعوته أمثال شريح وهولاء موجودون الى الأن في الأمة”.  وفي هذا السياق اشار سماحته الى أن ” الفكر التكفيري المعادي لله ورسوله وأهل البيت والثقافة والفكر النفاقي الانهزامي هو الوجه الاخر للارهاب الدموي الذي يقتل الاطفال والنساء والناس جميعا دون رحمة و بلا أي ذنب” وأضاف أن:” الارهاب يضرب من جانب وهو مدعوم برساميل نفطية وغازية و من طرف اخر يستجيب ويبرر الفكر الشريحي لذلك الارهاب وجرائمه .. فنحن لابد ان نحارب ونتصدى ونواجه على جبهتين”
 
وحول دور ومسؤليات الخطباء قال سماحة المرجع المُدرّسي انه: “يجب علينا ومن خلال المنبر الحسيني ان نعرف كيف نوجه المجتمع والأمة، ولذا فهذا المنبر الشريف يجب أن يضع الدواء على الداء فيأتي بفصول ملحمة عاشوراء ويركزها ويوجهها نحو معالجة الازمات والعلل التي يعاني منها المجتمع والأمة اليوم”. مؤكدا على أنه :”ليس للخطيب أن يصعد منبر ويبرر للظلم والفساد وللظلمة ويوجه الناس نحو افكار سلبية تدعو الى الخمول والتراجع والانكسار، إنما بث ثقافة الأباء والحق والإنصاف  والعدل كما هو المعهود من الخطباء الكرام”.
 
واضاف:” لابد لخطباء المنبر الحسيني أن يبثوا ثقافة العزيمة والروح الايجابية ومواجهة حالة الانكفاء والسلبية سواء لدى الافراد او في عموم المجتمع لإن الدين والامام الحسين عليه السلام نهانا عن هذه السلبية”، وبهذا الشأن اشار سماحته الى أننا :”حين نرى أن الكيان الصهيوني لايصاب بالهزيمة والذلة إلا في جنوب لبنان فذلك يعود الى أن في جنوب لبنان شعب يواجهه حاملا راية الأمام  الحسين عليه السلام وقبسا من روحه الطاهرة ونهضته الربانية”، وتابع سماحته:” هذه الشجاعة ووروح البطولة والاقدام والتضحية في مواجهة التحديات والارهاب التي يتمتع الموالين في كل مكان وبالخصوص شعب العراق مستمدة من روح ونهضة  الامام الحسين عليه السلام..  ولو أن  اي شعب ودولة في العالم كانت تواجه وتعيش ماواجه ويواجه شعبنا لأنهارت، ولكن رغم عهود وسنوات من الظلم والقتل والدمار والاعلام الفاسد بقي ولايزال شعب العراق مستطيلا عليها وعصيا على الانكسار ولم ولن يركع ويخضع ولم ولن ينهار لإن عنده مثل أعلى كأبي عبد الله الحسين عليه السلام، و هذه الثقافة يجب ان نركزها  في ايام التبليغ عبر المنبر الحسيني والهيئات والمواكب الحسينية”.
 
وشدد سماحته بالقول :” نحن بحاجة اليوم اكثر من أي يوم مضى الى ثقافة الأمل والثقة بالنفس وروح التحدي والأيمان والبطولة والشجاعة ومواجهة من يحاولون نشر ثقافة الهزيمة والتردد والشك عبر طرح الوساس الشيطانية و بعض الافكار والشعارات السلبية والتشكيك بالشعائر وبالتأريخ والاصول، فيقوم ببث هذه الشكوك والوساوس التي لديه على عموم الناس دون تمحيص ودراسة وبحث علمي رصين يعتد به”.
 
وفي جانب آخر من كلمته قال سماحة المرجع المُدرّسي أن :” راية الامام الحسين عليه السلام راية ربانية عالمية تسع العالم بأجمعه ولن تقتصر على بلدان ومنطقة معينة في العالم، وبعد قرون ستأتي اجيال واجيال ومزيد من البشر في العالم اجمع يلتفون حول هذه الراية ويحملونها”، واوضح أن :” ربانية وعالمية نهضة وراية الامام الحسين عليه السلام ستتجسد وتتجلى بإنتصار المظلوم على الظالم و الحق على الباطل وانتصار القيم على العصبيات والحميات”.
 
وتوجه سماحته الى خطباء المنبر قائلا إن :” الامام الحسين عليه السلام اختاره الله من يوم خلق ليكون مصباح هدى وسفينة نجاة، وانت ايها الخطيب الحسيني يجب أن تحمل هذا المصباح الى الناس والعالم  وعلى الهيئات الحسينية ان تتحول الى تلك السفينة التي تحمل الناس الى بر النجاة بنشر قيم ورسالة عاشوراء وتكريسها في المجتمع،… فالخطباء الحسينيون الكرام هم الصدى للنداء العظيم لأبي عبد الله الحسين عليه السلام  في كربلاء ويوم عاشوراء وعلى الخطيب حينما يرتقي المنبر أن يدرك جيدا حجم ومدى مسؤوليته وخطابه وأنه ليس مثابا ومأجوراء فقط بل ومُحاسب أيضا ومراقب من قبل الله تعالى”.
 
واضافأن :” من الدروس والخصائص الحسينية أن الامام الحسين عليه السلام ماقبل كربلاء واثنائها وحتى بعد استشهاده، كان ثورة مدوية متحركة وناطقة وليس حالة ساكنة او صامتة، وكان حراكه وخطابه وحديثه موجها الى الجميع، من عموم الناس مرورا بالعلماء والنخب وصولا الى من يجلس في سدة السلطة و الحكم … والخطباء الرساليون هم لسان الاسلام وقلمه وسيفه والناطقين بإسم الامام الحسين عليه السلام ومصابيح هدى من مشكاته ويجب عليهم أن يجهدوا أكثر وبعمق في بث وتكريس معاني واهداف وقيم ومنهج كلمات الامام الحسين والامام السجاد وزينب عليهم السلام “.
 
وتابع سماحته بالقول إن :” الامام الحسين عليه السلام إنما ذَكـّر الأمة ويـُذكّـرنا دائما بالله وبالنبي وبالقرأن والقيم المثلى و بكل المنظومة الفكرية والثقافية المتكاملة،و كذلك على الخطباء أن يسعوا بكل استطاعتهم للقيام بهذا الدور…كما أن الامام الحسين عليه السلام  اعطانا قيم الثبات والشجاعة والبطولة والاستقامة و الصبر وكل مايمكن أن يعطى كل انسان روح جديدة وثابة ، وهذه الروح يجب ان نتحدث عنها في خطابنا.. وللتذكير هنا، فإن الخطيب الذي ينطق بكلمات الإمام  الحسين عليه السلام، ويرى أن الأمة بدأت تنوء تحت التحديات والضغوط الكبيرة، فأنه حين يرتقي المنبر يطرح على سبيل المثال شعار “هيهات منا الذلة” ليحيي الامة ويجعلها تعيش مرحلة وروحا جديدة من العنفوان و التحدي، وإذا ما رأى أن الناس يعيشون الصعوبات ويكادون أن ينكفأؤا على انفسهم، يصعد المنبر ويبين لهم  صفحة مشرقة من أبي الفضل العباس عليه السلام  وكيف أنه في أي لحظة عصيبة مرت به لم يقل ولا كلمة واحدة فيها يأس او تبرير او نوع من الانكفاء..” واشار سماحته الى أن :” هذه الصور والمعاني والقيم، حين يعطيها الخطيب الى الحضور فإن الناس يتشبعون بالزاد المعنوي ويتحدون الصعوبات ولايتراجعون او يصابون بالسلبية والانكسار”، وختم سماحته بالتأكيد على  الخطباء أن :” لا يـُقصروا حديثهم وخطابهم على صورة او مسألة مجتزءة ومعينة من عاشوراء فحسب، بل عليهم أن يعطوا للناس الأمل  والشجاعة والبطولة والمنظومة المتكاملة لقيم نهضة السبط الشهيد عليه السلام، لإن عاشوراء منظومة ورسالة كاملة تمثل وتختصر كل فلسفة وقيم الرسالات الالهية ، ومنطق عاشواء هو كل ما تفوه به الانبياء عليهم السلام”.