فقه أدب التعايش ( 4 )


شاع في الآونة الأخيرة التطاول على الأطراف الأخرى ، من الغيبة والنميمة والبهتان والإسقاط والتحقير للغير ، لمجرد أدنى اختلاف في وجهات النظر أو العادات والسلوك، وبُرِّر ذلك على أساس الدين والمذهب.

ولذا يُسأل المرجع السيد محمد حسين فضل الله عن غيبة المخالف للمذهب ؟ فيجيب بشكل قاطع : ( نحن نحرّم ذلك ، لأنّ الله سبحانه وتعالى خاطب المؤمنين بقوله:  ﴿يا أيُّها الّذِين آمنُوا اجْتنِبُوا كثِيراً مِّن الظّنِّ إن بعْض الظّنِّ إثْمٌ ولا تجسّسُوا ولا يغْتب بّعْضُكُم بعْضاً أيُحِبُّ أحدُكُمْ إن يأْكُل لحْم أخِيهِ ميْتاً فكرِهْتُمُوهُ واتّقُوا اللّه إن اللّه توّابٌ رّحِيمٌ، فالمؤمن في القرآن هو المسلم الذي يعتقد بالإسلام ، فلذلك لا يجوز غيبة الشيعي أو غيبة المخالف، وقد كان السيد الخوئي في (دروس في فقه الشيعة) يقول إن المراد بالمؤمن في القرآن هو المسلم، وذلك هو قوله تعالى: ﴿قالتِ الْأعْرابُ آمنّا قُل لّمْ تُؤْمِنُوا ولكِن قُولُوا أسْلمْنا ولمّا يدْخُلِ الْإيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ ، وأما ( إنّما الْمُؤْمِنُون إخْوةٌ ) فالمراد بهم المسلمون أيضاً.وعندما نزلت الآيات لم يكن هناك سنة وشيعة، بل عندما كان الله يخاطب المؤمنين، فانّه كان يخاطب كل المسلمين الذين اعتقدوا بالإسلام عن اقتناع ، ولم يكن إسلامهم إسلام الأعراب) .

وأفتى المرجع الشيخ يوسف الصانعي بـ ]حرمة [غيبة المسلم مطلقاً، بل حرمة غيبة أي إنسان حيث قال في حديث صحافي : ( وقد ذكرتُ في بحث الغيبة أنه لا تجوز بتاتاً غيبة غير الشيعي.وقد ذكرتُ في المكاسب المحرّمة عدم جواز غيبة أحد ) .

ويفتي بذلك أيضاً المرجع السيد محمد رضا الكلبيكاني . وسئل المرجع السيد محمد الشيرازي : هل تجوز غيبة المخالف ؟ وهل يجوز الكذب عليه؟ فأجاب بقاعدة عامة تسري على جميع المسلمين: ( من وعد الناس فلم يخلفهم، وحدثهم فلم يكذبهم، لا يُستغاب ، ولا يُكذب عليه ) .

إذا ما رجعنا بهذه المسألة إلى بدايات الفقه الشيعي نرى العلامة الحلّي يقول في إرشاد الأذهان: ( وكل تعريض كلام سوء بما يكرهه المواجه يوجب التعزير : كأنت ولد حرام .. أو يا فاسق ، أو يا كافر، أو يا خنزير، أو يا حقير ، أو يا وضيع ، أو يا أجذم ، أو يا أبرص.ولو كان المقول له مستحقاً فلا تعزير )  .