منظمات تبشيرية أمريكية تستغل مأساة تسونامي بإندونيسيا

خطط لنقل أيتام الكارثة إلى ملاجيء مسيحية للأيتام

وجهت وسائل إعلام وجماعات دينية وإغاثية أمريكية انتقادات واسعة لمحاولة بعض الجماعات التبشيرية الأمريكية استغلال المأساة الإنسانية الناجمة عن زلزال تسونامي لأغراض تبشيرية، وذلك بعد تنظيم بعض هذه الجماعات لحملات جمع تبرعات لتنصير بعض الأيتام المسلمين في إندونيسيا والتي تعد أكبر بلد مسلم من حيث تعداد السكان.

وفي نشرة صحفية أصدرها مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير) أشارت إلى أن صحيفة واشنطن بوست الأمريكية المعروفة نشرت في عددها الصادر في الثالث عشر من يناير الحالي مقالا كشف عن قيام جماعة تبشيرية أمريكية تدعى ورلد هيلب (WorldHelp) -مركزها الرئيسي بولاية فيرجينيا- بنقل 300 يتيما من مدن إندونيسية ضربها الزلزال إلى مدينة جاكارتا عاصمة إندونيسيا تمهيدا لوضعهم في ملجأ للأيتام يديره مسيحيون إندونيسيون بهدف "زرع القيم المسيحية (في الأطفال اليتامى) بأسرع وقت ممكن"، وذلك وفقا لما ذكره نص حملة إلكترونية أطلقتها الجماعة التبشيرية على موقعها على شبكة الإنترنت قبل أن تقوم بحذفها بعد أن اتصل صحفيون بورلد هيلب للاستفسار عن الحملة.

كما ذكرت الحملة أن المدينة التي نقل منها الأطفال اليتامى هي مدينة "مغلقة أمام الأجانب وأمام الإنجيل" في "العادة"، وأنه "بسبب الكارثة" اكتسب شركاء الجماعة التبشيرية وهم مجموعة من المسيحيين الاندونيسيين "حق أن يسمع صوتهم وأن يقدموا الإنجيلوقالت الجماعة التبشيرية في مقابلة مع جريدة واشنطن بوست إنها نجحت في جمع تبرعات قدرها 70 ألف دولارا أمريكيا وأن تسعى لجمع تبرعات قدرها 350 ألف دولارا لبناء مركز لرعاية الأيتام.

وأشار مقال جريدة واشنطن بوست إلى أن جماعة ورلد هيلب وعدد من الجماعات التبشيرية الصغيرة ترى في عمليات تقديم الإغاثة لمنكوبي تسونامي "فرصة نادرة لكسب معتنقين (جدد) في مناطق يصعب الوصول إليها"، كما ذكر المقال أن رئيس الجماعة ويدعى القس فرنون بروير هو أول المتخرجين من جامعة أنشئها القس الأمريكي المتشدد جيري فالويل.

ويشتهر فالويل بتصريحاته المسيئة للإسلام والمسلمين، ففي أكتوبر عام 2002 وصف فالويل - في حوار أجراه معه برنامج ستون دقيقة (Sixty Minutes) والذي تذيعه شبكة تلفزيون CBS - الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بأنه "إرهابي".

وأكد المقال على أن أنشطة جماعات مثل ورلد هيلب تلقى معارضة في أوساط جماعات الإغاثة الأمريكية الكبرى ومنها جماعات مسيحية مثل وكالة الإغاثة الكاثوليكية (CRS) والتي تتبنى سياسات ترفض التبشير، خاصة وأن خلط الإغاثة بالتبشير قد يضر بجهود الإغاثة ويحول دون وصول المساعدات الإنسانية لمستحقيها.

ولكن المقال أشار إلى دعم بعض القيادات الدينية المتطرفة واسعة النفوذ مثل جيري فالويل وفرانكلين جرام لمثل هذه الجهود، حيث يرأس جرام منظمة إغاثة كبرى تدعى (Samaritan’s Purse Of Boone)، وقد تعرضت وكالة جرام لانتقادات كبيرة مؤخرا بسبب مساعيها لاستغلال جهود الإغاثة لأهداف تبشيرية في العراق بعد احتلاله.

هذا وقد نشرت جريدة بالتيمور صن الأمريكية مقالا في الثامن من يناير ذكر أن القس فرانكلين جرام يستعد للقيام برحلة لآسيا للإطلاع على جهود جماعته في المناطق التي ضربها الزلزال، وانتقد المقال جرام بسبب خلطه أعمال الإغاثة بالأنشطة التبشيرية.

وذكر المقال أن هذا الخلط يمكن أن يتخذ صورا مختلفة مثل تبنى الأطفال اليتامى أو توزيع الكتيبات الدينية مع مواد الإغاثة أو بناء علاقات يمكن استغلالها في المستقبل للتأثير على أهل البلاد المحليين، مشيرا إلى أن إحدى جماعات الإغاثة التبشيرية نجحت خلال مشاركتها في جهود إغاثة بعض أهالي كمبوديا أثناء الحرب التي دارت هناك في أوائل التسعينات في أن تبنى علاقات مع أهالي المناطق التي زاروها وبعد انتهاء الحرب بفترة أعادت الجماعة علاقتها مع أهل البلاد الأصليين ونجحت في بناء 300 كنيسة في الأماكن التي نشطوا بها.

وأكد المقال على أن هذه الجهود تلقى معارضة "غالبية منظمات الإغاثة الدينية"، وأنها أيضا تلقى معارضة المسلمين والعديد من أبناء الديانات الأخرى، كما أنها تلقى معارضة واسعة بين أبناء البلاد المنكوبة في حالة انكشافها وانتشار أخبار عنها.

هذا وقد أشارت وكالة رويترز في مقال وزعته في الثالث عشر من يناير إلى أن جماعة ورلد هيلب ألغت خططها المتعلقة بنقل خمسين يتيما إندونيسيا إلى ملجأ أيتام مسيحي بعد أن عملت الحكومة الإندونيسية بالأمر وتدخلت لوقفه، وذكرت الوكالة أن ورلد هيلب قررت وقف حملة تبرعات كانت تقوم بها بعد أن أعلنت الحكومة الإندونيسية أنه "لا يجب تنشئة الأطفال المسلمين في بيوت غير مسلمة".

ونقلت الوكالة تعليق إبراهيم هوبر المتحدث باسم مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير) وهو أكبر منظمات الحقوق المدنية المسلمة الأمريكية الذي قال أن جهود ورلد هيلب "تؤكد بعض أسوأ المخاوف من أن تستغل الجماعات التبشيرية المأساة والزلزال لدخول هذه المناطق وتقوم باكتساب معتنقين جدد في علاقة غير متكافئة الأطراف". وأبدى هوبر قلقه من أن وقوع حوادث أخرى مشابهة دون العلم بها.

هذا وقد أشارت جريدة أطلانطا جورنال كونستيتيوشن في عددها الصادر في الثالث عشر من يناير إلى انتقادات وجهتها جماعات أمريكية وبريطانية معنية بمكافحة الكراهية للجهود التي تبذلها جماعة تدعى Sewa International USA في جمع التبرعات لمساعدة منكوبي زلزال تسونامي، وذلك بسبب علاقة هذه الجماعة بمنظمة هندية متطرفة تقدم مساعدات لجماعات هندوسية تنشر الكراهية ضد المسلمين وضد المسيحيين في الهند وفقا لما ذكرته تقارير لجماعات هندية مقيمة في بريطانيا.