الحكومة ومعاقبة دعاة التكفير!

علي آل غراش *

( لأنه أول إمام للحرم المكي ذو بشرة سوداء سمح لنفسه بالتشبه بأوباما.. ولكنه لم يكبح جماح لسانه حينما اعترض على دخول مواطنيه الشيعة الى هيئة كبار العلماء، وكفر علماءهم «بلا تمييز» في لقاء له في قناة ال بي بي سي العربية )                     

أثار إمام الحرم المكي المعين حديثا الشيخ عادل الكلباني- المشهور بـ اوباما السعودية لان ملاحمه افريقية وبشرته سوداء اللون،- ضجة وزوبعة من الانتقادات والغضب والردود الشعبية القوية المتشنجة والرافضة على ما بدر منه من تكفير لأتباع الطائفة الإسلامية الشيعية، ومحاولته لإشعال نار النعرات الطائفية البغيضة والكراهية في الشارع الإسلامي، وتهديده للوحدة الوطنية السعودية، عبر استخفافه بالمواطنين السعوديين الشيعة وبحقوقهم الوطنية، بأنهم اخذوا أكثر من حقهم، واعتراضه على دخولهم في هيئة كبار العلماء بقوله لا يحق لهم أن يكونوا ممثلين في هيئة كبار العلماء!.

صرح الشيخ الكلباني بذلك عبر لقائه لقناة البي بي سي العربية .. الذي أجاب على سؤال لمقدم البرنامج: بأن تكفير "عامة الشيعة (مسألة) يمكن أن يكون فيها نظر، أما بخصوص علمائهم فأرى أنهم كفار، بدون تمييز".  ويأتي هذا الكلام غير المسؤول في وقت يشهد الشارع السعودي حالة من التشنج الطائفي الواضح للعيان، وامتدادا لحالة التوتر الطائفي في المنطقة.

  • ضربة لمشروع الملك

والذي زاد من حدة التوتر والاستهجان والغضب أن هذا الكلام الطائفي التكفيري صادر من شيخ يؤم المصلين الذين يأتون أفواجا من كل مكان في أقدس بقعة على وجه الأرض ببيت الله الحرام بمكة المكرمة، ويمثل الدولة التي تحتضن وتشرف على هذه المواقع المقدسة (الحكومة السعودية)، مما يشكل ضربة لمنهج الحكومة بالاعتراف بالمذاهب وحوار الأديان، وضربة موجعة لـمشاريع خادم الحرمين الشريفين حوار الأديان والحوار الوطني، والإصلاحات والتغيير في الوطن، و لاسيما ان الملك هو من اختار وعين الشيخ الكلباني في هذا الموقع إماما للمسجد الحرام في شهر سبتمبر 2008م، كجزء من مشروع من عملية الانفتاح والتسامح والتأكيد على عدم وجود التفرقة والعنصرية!!.

لماذا الاستغراب من حديث الشيخ الكلباني المثير للفتنة والطائفية والتكفير؟، فهذا الأمر ليس جديدا من قبل دعاة وعلماء المؤسسة الدينية، لأنه يعبر عن رأي و منهج المدرسة السلفية المتشددة والمؤسسات الدينية من المذاهب الإسلامية وبالخصوص المذهب الشيعي، كما ان هذا الحديث يعبر عن وجود حالة الغرور عند الشيخ الكلباني الذي لم يحلم في يوم من الأيام أن يصبح إماما للمسجد الحرام في ذلك الموقع المقدس، لأسباب اجتماعية وعرقية وقبلية؟

  • عقدة وغرور

لقد وصف الشيخ الكلباني قرار تعيينه للإعلام بقوله: "أن تعيينه إماماً للحرم المكي، رغم بشرته السوداء، قرار شجاع من الملك عبدالله بن عبدالعزيز تجاوز الكثير من المعوقات ومنها مسألة اللون والوضع العلمي"، والاجتماعي حيث إن والده جاء إلى السعودية من رأس الخيمة. وما تأكيده "أنه أول إمام للحرم المكي ذو بشرة سوداء في العصر الحديث"، الا دليل  على وجود عقدة لون وعرق متأصلة لدى الشيخ الكلباني، والذي لم يجد طريقة للتخلص من العقدة وتحقيق النجومية إلا من خلال البروز الإعلامي وإجراء المقابلات واللقاءات مع العديد من الوسائل الإعلامية المحلية والعربية والدولية (وقد خصصت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية بروفايل أسبوعي عن شخصيته)، واتخاذه من الهجوم على الآخرين وبالتحديد الشيعة وسيلة لرفع أسهمه وشعبيته، إذ أصبح إثارة النعرات الطائفية والإساءة للشيعة في هذا الزمن في هذا البقعة احد أهم الأسباب لاستقطاب ود المتشددين والارتقاء!، ومما يدل على وجود عقدة والغرور وحب الذات قوله "أنه لا يجد حرجاً من المقارنات بين انتخاب أوباما كأول رئيس أسود للولايات المتحدة وتعيينه كأول إمام ذي بشرة سوداء في الحرم المكي، قائلاً إن هناك من يعترض على هذه المقارنة إلا أنه شخصياً لا يجد فيها حرجاً أبدا"ً .كما جاء خلال مقابلته في برنامج إضاءات. وذلك في إشارة إلى الرئيس الأمريكي اوباما الذي هو من أصول افريقية.

  • تمزيق للوطنية وإحراج للحكومة

ما الفائدة من إثارة هذه القضايا في هذا الوقت المتأزم، من قبل شخصيات كان ينبغي أن يكونوا محل ثقة من وضعهم في هذا الموقع وهو خادم الحرمين الشريفين، وان يحترموا المنصب الذي يعملون من خلالها مثل إمامة مسجد الحرام، وهل من أخلاق أئمة المسجد الحرام تكفير طائفية إسلامية على الملأ، وهل من صالح الوطن والوحدة الوطنية إثارة هذه القضايا وإدخال المجتمع في نفق الطائفية البغضاء، وأين روح التسامح والحوار والوطني وحوار الأديان. ألا يشكل كلام الشيخ الكلباني إحراجا للحكومة، الذي لم يدرك بان الحكومة وضعته في هذا الموقع في هذا الوقت لتقول للعالم بأننا مملكة الإنسانية لا نميز بين العروق ولا نفرق بين الناس، فكيف لهذا الشيخ يكفر طائفة إسلامية يمثل أفرادها جزءا لا يتجزأ من المواطنين السعوديين، لماذا لا تتدخل الحكومة في منع هذا الشيخ وأمثاله ومحاسبتهم ومعاقبتهم على جريمة التكفير وتجاوز الخطوط الحمراء الوطنية، من يُسكت هولاء أئمة ودعاة التكفير والطائفية وإثارة الفتن وتمزيق الوحدة الوطنية وتتشويه سمعة الوطن، وهل شيعة السعودية مواطنين لهم كامل الحقوق في مملكة الإنسانية وبالتالي على الحكومة أن تدافع عنهم وتعاقب كل من يسيء إليهم؟


 

كاتب سعودي