الحلم الموهوم ...

عقيلة آل حريز *

أي امرأة أنت يا "جعدة" ما هذا القلب الذي يغزل النار فيك .. يوقد الفتنة ويصنع الشر بداخلك ... سقط الشر في قلبك فجأة فما عاد يملأه النور ولا يغريه الإيمان ولا يشغله اليقين ..

 عورة الملامح صرت ، والطمع يقتلع إيمانك فيزج التيه بداخلك لتسكنين تاريخ الخيانة وتجردي حقائق الإيمان من صيرورتها في فهم ساذج  وفكر محدود لا يرتئي غير مسافات قريبة لخطواتك القصيرة المزيفة ...

 وعدك "معاوية" بوعود كثيرة .. فخالجك شعور الزهو والعظمة .. أحسبتي أن الأمور تمضي على خير .. وانك تحسنين لمس السماء فتطرقينها بيدين ملوثة بدم ابن بنت النبي .. من تراه سيستقبلك هناك ..!

  • قال لك :

مدي أحلامك وسافري معي .. إلى الغيم .. إلى القصور والجواهر و الجواري  .. إلى ابني يزيد تصبحين عروساً له .. ولك بهجة الدنيا بما فيها .. لك الأحلام متقدة حين تُرحلي عن الدنيا خصمي العنيد زوجك " الحسن"....!!

 تتكشف النوايا الخبيثة لك ، وتغريك الأموال والضيعات لتقدمين على فعلة قبيحة مشئومة ... تسيرك جيوش الشر فتجرفك نحو العتمة لتغريك ببعد آخر فوق ما تأملين  ... فتمدين يديك نحو اللبن بتمهل .. تقتربين من حافة المنكر وتجرين وراءك مساحة حمراء من الإثم .. تقف على طشت يطفو بداخله كبد شريف ... لتبكيه الأمة طويلا ..

 لا أدري كيف أمكنك أن تفعلي ذلك .. أن تقترفي إثما كهذا .. أن تتجاسري وتمحكين ذاكرة التاريخ بكأس من اللبن ، ليس كأي لبن ، انه مقطر بالسم .. لا لشيء .. غير حفنة من وعود واهمة .. ولن تفلح لتكون بديل لحلمك الواهم ... !

 هل أمكنك أن توقولبي ذكريات آلمتي بها صدر الأمة في إمامها فصدعت أركانها . هل استطعت أن تختزلي جرح لم يكن واحد ، وحزن لم يكن واحد ، وسفر ممتد لمسافات شاسعة في كأس لبن ممزوج بالسم ؟.. تجاسرت فبدأت تلونين أفكارك بالسواد وتمزجين رعاف السم بداخلها .. والشر يتقاطع معك وكنت تحسبين حليفك يفي بوعوده ويصدق !..

 توهمت بابنه عشقا بروحك الخائبة فسطوت على الكوكب الزاهر وأطفأت شعلة النور بسمك المدسوس فلا رحمة بقلبك ظهرت ، ولا عظة مرت بقربك فاتقدت روحك بها .. تتسربلين بالشر وبغطرسة تملأ قلبك بالإثم .. والسخريات تمزق كيانك الساخط بسفور فاضح ..

 وبعد أن سقيته السم .. ففريت كبده .. بقيت تراوحين الحلم الآثم ، فردك الواقع نحو منشأك .. الخيبة والخذلان ! .. ماذا كنت تتوقعين غير هذا ؟ ، من الذي قصر المسافات في عمره بينما كنت تتوارين في سفر ليل تقضمين خيبتك على أطراف الأرض التي وعدك بها حليفك .. تلوكين أمنيات سخيفة وتحسبين انك تغزلين بها جنة الخلود .. أي خلود هذا الذي تحسبين انك تصنعينه في دنيا قصيرة مزيفة مهما طال أمدها ..

 الآن .. فليبكي في داخلك شبح لامرأة مزقها كيان الشر بلا رحمة .. لامرأة أتعبها الخير .. أتعبها الحق .. أتعبها النور .. وأغرتها الدنيا بوعيد خائب .. المال يلعنك وتتبرأ منك ضياع حليفك، بينما صاحب الفتنة يخاطبك متحولاً عنك لجهة أخرى .. لأنك سيدة تنتهج الغدر، وغدر المرأة ومكرها أمر يبعث على الخوف ....

  •  قال لك :

-        انسي كل وعودي يا جعدة واختفي  ... ارحلي بأحلامك الواهمة بعيداً عني ، فقد أتيت بجرم عظيم ..  لم يأمن ابن الرسول منها فكيف بابني يأتمن غدرك بعد هذا الفعل الكبير  ..

 انتهى النقاش بينكما هكذا .. وصالحك على الوعد الأول معتذرا عن تنفيذه .. فله منطقه وله الحجة عليك .. ورماكِ ببعض الدراهم الملوثة بالدم الشريف دم "الحسن الزكي" ..

 الآن بعد فعلتك المخزية صرت ترين وحشا في داخلك يتيقظ .. ووجهك في المرآة سيعكس روح خيانتك .. لن تجدي شيء غير التحديق الفاسد وكيان يتلاشى بلا إيمان .. وسيضيع العمر منك وتمتد آهاتك حسرات على سيد حسيب الشرف رفيع الدرجة والمكانة سقيتيه سماً .. فكافأك الزمان غدراً وضاعت أحلامك الموهومة بإثم تعرفه الأجيال تباعاً ولن تبرئك منه وان اتقدت روحك أسف عليه وحسرة ...

 هذا وجهك الضائع بلا ملامح يراوغ المكر .. هذا غدرك العائد بلا بدائل يندفن في المرايا بسذاجة الحمقى .. وهذه المرايا تستنكرك وتستقبح تصفحك فوجهك يعكس كل خبث ويجسد روح كل قبيح ..

وقد عرفتِ هذا من شظاياها المتناثرة حولك حين ولت عنك هاربة .. فحين استدرت بدهشة رأيت كل شيء انقضى عنك، ولكنك لم تري بقايا وجهك المنعكس في المرايا فقد لوث الإثم وجهك بسواد لا يمحى ...

 

كاتبة وقاصة (سعودية )