هي فكرتي

 بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد


رياح أثقلت موازين الأرض، فانبجست عيون وتاهت أودية، في لحظة عانقت شفاه الأرض ملكوت السماء. وأنا إذ كنت في عالم النور أجوب الخيال سحرا، هزني ما قد رأيت وهالني وهج الفضاء...

نجم بقداسة المولى تدثر، وتلاوة التعويذ تهتف في المدى... أيها الملكوت كبر، فصوت أجراس الكؤوس تناغما..
هي زينب لاحت فانسلخت رؤاي بعطرها، وسموت فوق الروح أرسم مجدها... هي زينب سجد الوجود لحبها، وتتيه أرواح لجوهر طينها...
هي زينب الزلزال يصدع بالصدى جور الطغاة، هي زينب ترنو اليقين بكل آيات الثبات، هي زينب النوراء نبراس التقى وخير منهاج الحياة، هي زينب بريق نجواي، هي زينب بركات عمري. هي زينب ولست أرقى لنجواها.

ذكراك معراج الحبر يلثمني، نحو ارتطام النور في عيناي.. ذكراك مازالت بركان عاصفة تردد في مسمع الدهر العجيب، ذكراك شمس للحقيقة تفيض إباءا يستقطر الأبطال من غور المحيط.

كلما تبعثرت أفكاري، استلهمت من صحوة الوجد ظلال الكلمات، وسكبت في عين الغدير حبائل الشطآن.


1. الاختيار ومنعطف الخطر!!

نشيج الضياع يغفو بين أنياب القدر، فبين ضجيج الشهوة، وغياب الضمير، ولهيب الإعلام المتدفق من أقصى المعمورة.. تبرز مفردة الصراع كبوح أسطورة لم تكتب نهايتها بعد..
حقا إن الكلام ليعجز عن وصف ما تكبدت الحوراء ثقله، فلعمري لرزية واحدة من الرزايا التي ابتليت بها كفيلة لأن تخلد بها إلى مستنقع الاستسلام والضعف النفسي، ولما تمكنت حينها من التصدي لمقاومة البلاء الإلهي..

لكن صبرها الذي أذهل الألباب مستمد من عمق إيمانها بالله والتسليم الخالص له، والقناعة المطلقة بعدل الله، وابتغاء مرضاته لهذا نجدها حين رفعت جسد سيد الشهداء عليه السلام قالت مقولتها: (إذا كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى).
تجليات منطق الاختيار تتجلى في هذا الموقف الذي تحرر من أغلال الهوى وثأر على النزعة الذاتية.
واليوم إذ تقتحم بوابة الزمان حملات الطاغوت، فلابد أن تقرر الخيار...
إما أن تقف مع الحق فتختال غدا في قبسات الجنان المطرزة بروح المبدع الفتان.
أو أن تشرك ضميرك الحر في خطيئة الشقاء.
إما أن تكسر أطواق العبودية فتصبح درة تفخر بك الأرض ومن عليها...
أو أن تنجرف وراء الشعارات الجوفاء، ويقودك الضلال إلى مأساة عاصفة...

2. المسئولية،، واقع ورؤى:

تفيض العاطفة فتشعل جذوة المسئولية، ويتنور العقل فينير درب المسئولية. ونحن في ذكرى مولد السيدة زينب عليها السلام نجني قطاف ما زرعته من دروس المسئولية التي أرادت لنا أن نتحمل ولو قدرا منها.

إن الواقع الذي نعيشه أضحى كخرقة سوء خيوطها جراح الفساد، والاختلاف، والتخلي عن ثوابت الدين، ثم في حضرة الفكر المتوقد تتحرر المسئولية لتحيل الواقع مصاهرا لحنايا الياسمين العبق. فطالب العلوم الدينية بعلمه الذي يتلقاه يتحمل جزءا من المسئولية، والخطيب بلسانه، والشاعر بوحيه، والكاتب بقلمه والتاجر بماله، والفنان بفنه,,, لننصهر جميعا في بوتقة المسئولية تجاه الدين.

لكن هل استفاقت المرأة المعاصرة من غفوتها لتسير على نهج زينب؟ هل اكتنزت من معادن العظمة الزينبية ما كفاها لتواجه المتناقضات؟
أمام زيغ التقدم وهذيان السرعة، تمردت أمثولة التحرر والتساوي بين الرجل والمرأة، فثمة أمور قد عزف على لحنها الإعلام كثيرا كالحقوق السياسية وحق التعليم وحق الكرامة، وحق العمل، وحق الحرية اللامشروطة...
إلا أن زينب سلام الله عليها وقفت شامخة في سماء القيم، ففي صحراء الخلود كربلاء كانت إنجيل الإلهام الذي يرتل أسفار النصر والتحدي، وتقمصت روح الشجاعة من علي، وتألقت في الإلهام المستنطق لنظرية الفداء.

3. المستقبل، نهج زينبي.

الاختيار السليم والمسئولية الواعية كانت مقدمات للمستقبل الواعد. لنتجاوز جدران التيه التي حمّلتنا نعش الأمة الإسلامية على أكف تضرجت بالجهل واللامسؤولية..
ليكن مستقبلنا كما أرادت زينب عليها السلام بحجم السماء. قد انبرت ظلمات الشر من غير أفول.
ليكن مستقبلنا كما أرادت زينب مكتوب بمداد كلمات العرش العظيم.

ليكن مستقبلنا كما أرادت زينب مستنهض الضمير، عالي الهمة، معطاءا أصيل. مستقبل تداعت فيه ثقافة الجهل والدجل، أو ثقافة التبرير والأنانية والعقد النفسية.
فلنتحدى الهواجس الصفراء، لنقتحم الظلماء بلحظة الأضواء، فثمة نور خلف الرواق... ولننتصر بنهج زينب لكل المحرومين والمضطهدين،، ولكل الأحرار في العالم.

أحرمت إجلالا لحبك زينب، فمناسك البوح في محرابك إبتهالات عشق آسر،
 وطفقت جاثية ببابك علني أقبل الأعتاب معارج الآيات...
حيرانة الأفكار تجذبني شذى أزهارك الحبلى، في سكرة الحلم الذي احتضن سر أسرار الحياة...
تناثرت قبسات سورة الوتر الذي سبح الكلمات ألحان الصلاة,,, وتلوت ترنيمة النجوى بحزن،،، خفت من همس الدواة..
فلتشهد أيها العشق الزينبي على نهجي، على إيماني، على قلمي,, ردائف وجدي صادق النبضات,