كانت مؤامرة !!

مؤامرة خبيثة استهدفت وتر الحقيقة، فصار العقل أسير الوهم البغيض وصرنا بلا شك مفكرو العقل الثالث!! فالغزو الفكري والثقافي من أبرز مؤامرات الحضارة المادية ضد العرب بشكل عام والمسلمين على وجه الخصوص. صارت قضايانا الجوهرية والعقائدية على محك النار، إذ أصابتها ألسنة التشويه والتشكيك.. كثر الحديث عن الغزو الثقافي، وكثر معه التنظير في البحث عن وسائل وطرق التصدي له، وإيجاد جو من التحصين الثقافي للمجتمع أمام الكم الهائل من الثقافات المستوردة والأفكار الشاذة التي تتنافى وجوهر العقائد الإسلامية وقيم الجمال العقلي.

لعل الحقيقة المرة هي أن المجتمع الإسلامي في الوقت الذي تقوقع فيه بين جدران التبعية الثقافية، عانى من إنعدام الثقة بالذات والأفكار بل وحتى التاريخ، فبقي في نظر نفسه أنه الأضعف في عالم الإنتصارات المادية الوهمية، من هذا المنطلق بات الضمير العربي لا يتجاوز كونه إرث عظيم ولغة استهلاكية تمجد وتطبطب وترثي وتندب وتعمق نظرية اللامبالاة واللامسؤولية. والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم.. هل يبزغ فجر الثورة من دجاه؟؟ وكيف نشيع الأجواء النورانية بعد أن لطختها الأيادي السوداء؟ كيف ننتفض على التحدي الغزوي الكبير؟ لعله مشروع ضخم لكن إن تهجد قلبك من أجل رعاية ذاتك لا تدميرها من حيث لا تشعر فتلك خطوة من أجل الإنتفاضة الثقافية الكبرى.

كانت بداية الإنحراف الفكري بسيطة لكنها إن شارفت على النهاية فلن يمكننا النظر إلى الوراء أبدا، وشهر محرم الحرام هو فرصة لإصلاح المسيرة فهو موعد مع الحزن الغاضب على الشر والوعد الصادق مع ثقافة إلهية فذة. إذ كانت عاشوراء نهضة الضمير الحي على نهج الفكر الباطل والغزو الثقافي الأموي، ولو كنا نسترشف من معين سيد شباب أهل الجنة  لاهتدينا إلى سبل النجاة من شرور الغزو الثقافي فهو مصباح هدى وسبيل نجاة.

  • بهذا التصوير يمكننا رصد وسائل تحدي هذا الغزو الخطير بالنقاط التالية:

1. أفكار من رحم الرذيلة: قوالب جامدة على مقاسات غربية من صميم الغزو الثقافي، ففراغ الشباب والتقليد الأعمى وحب لفت الأنظار وامتهان الذات العربية والروح الإسلامية لدى بعض الشباب هي الماء العكر الذي يسقي صحراء الغزو الثقافي. فهي وسيلة مبتذلة وترويج فاضح للفن الرخيص بما فيه اللباس الماجن والصورة اللاأخلاقية والكلمة الشيطانية، تستهدف إلغاء الهوية والحضارة والثقافة العربية الإسلامية العريقة. قد يستنكر البعض على مقالتي أنها مختصرة في جسد الماضي الضيق أو رفض لجمال مدنية الإنسان لكنني أقول لهم أن الدين خط أحمر لا يستحل تجاوزه، إذ لا ضير في الاستفادة من تجارب الآخرين وتعدد منابع الفنون لكن دون الوقوع في فخ الغرب ومصيدة الشيطان. وعلينا الاستنارة بقبسات الإمام الحسين  في إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإصلاح في أمة الرسول الأكرم

2. تلاوة الشعائر الحسينية: بين قراءة النظرية وواقع التطبيق تتراقص أنغام الشعائر الحسينية، فهي الكهف الذي يأوي إليه المحزونون، وسفينة النجاة حين تتلاطم أمواج بحر ظلمات الحياة، ومصباح الهدى حين تعترينا عاريات الفتن، فهي ثقافة السلم والحب والإيمان والعقل الواعي وهي الثورة الحقيقية القادرة على كسب المجتمعات الإسلامية المناعة القوية من الغزو الثقافي، فالمستلهم من نهضة أبي عبد الله الحسين  يرى أحكم الحلول وأنجح الومضات لقضايا الأمة والمجتمع بإعتبار أن ثورة عاشوراء قرآن مجسد لا يبلى مع الزمن. ذلك أن الثقافة الحسينية ثقافة ربانية فهي منهج سلوك وأسس التفكير، بالنتيجة هي أرقى المبادئ الثقافية والتي تتحدى غرور الآخرين الحالمين بحياة ما وراء العقل!! إذن فالتغيير يبدأ وينتهي بالتمسك بالثقافة الحسينية، ثقافة النهضة والحياة، ثقافة محاربة التخلف، ثقافة التحرر من تبعية الآخر، ثقافة المسؤولية والوعي، ثقافة الحرية والصبر والصلاح، ثقافة تنهي ما اسمه مؤامرة الغزو الثقافي. تثقف أيها الشيعي فأنت الحلقة الأقوى!!