يوم ذكراك يتجدد
لوّن الغروب الأفق بعد أن رحلت الشمس مخلّفة وراءها ألوانها القرمذية على مساحات السماء..
وعزف هلال شهر رجب على أوتار رحيلك سيمفونية ألم عميقة..
في يوم ذكرى رحيلك سيدي صحى مدادي على ترانيم حزن وبكاء ..
كان رحيلك حُلماً أفزعه انفجار مزّق أحشاء الصمت ونثّر أشلائه ..
آهٍ لو كنت اعلم بأنك سترحل !!
لزرعت نفسي كزنبقة في تربتك النديّة أمام باب دارك منذ ساعة الغسق حتى يحين الشفق ..
ولغرست مشاعري شتلات خضراء على ضفاف دربك منذ انبلاج فلق الصباح حتى يسدل الليل ستاره..
عناقك لقامات النخيل .. ضوء القمر .. وأزهار الياسمين ؛؛ لم يدم طويلاً فقد تحول في غمضة عين لدمعة قاسية تحرق القلب وتُجمّد دم عروقه ..
فالقلب من بعدك تفتت وأُضرمت فيه نار العذاب واللوعة بعد أن تمردت منه عروق الشوق .,.
صار كشرفة باردة تطل على وادٍ سحيق من الذكريات المُرّة الباردة التي قد توازي برودة بلاط قبرك بعد أن بلله رذاذ أمطار فصل شاتي .. قارص ..
رحيلك يا سيدي كالأسطورة يصعب تصديقها ولكن مساحاتها تكبر في جوفي وتتمدد فيه حتى النخاع ؛؛ واسأل نفسي "بربك من أنت"؟
يغالبني الحنين كلما همست باسمك بعد انتهائي من سورة الفاتحة ..
يأخذني اسمك إلى البعيد إلى المشهد الأخير ؛؛ فأصير أجمع من خيوطه ذكرى اغزلها ؛؛ فتدمي بناني إبرتها ويتقاطر الدم على الصورة المنسوجة .. لتؤرقني وتقضِ مضجعي ؛؛ وتُسهد
أجفاني ..
فصار ذكراك يتجدد في مخيلتي ..
لتتضح صورة تلك الجمعة الدامية بكل فصولها ؛؛..
آهٍ يا سيدي ..
قتلوك غدراً بعد أن أرهبتهم قسمات وجهك ؛؛ وزلزلت كيانهم بصوتك ؛؛ وفتحت كلماتك القوية آذان غشاها الوقر ؛؛ و قذفت إشاراتك في نفوسهم الرعب ؛؛ فنالك الغدر منهم بعد أن
زرعت ألغام الخوف في دهاليز دروبهم ؛؛ وغدوت شهيداً .
ولكن بعد استشهادك صرت للتاريخ عنواناً مشرّفاً يعكس للغدّ إشراقة صبح برّاقة ..
وصُرت ضميراً يتردد صداه في أعماق اللا مسؤولية ..
سيدي الكريم: عجزت بحور الشعر وفصاحة اللغة أن تسعفني لأخطّ بها على جبين الذكرى ما رسمته أنت طوال عمرك بكفاحك وجهادك وعرق جبينك ..
فلا يمكن لقلب غرق في متاهات الحب اللا محدود حصرك بين أوردته وشرايينه لأنك فوق مستوى الاستيعاب ..
فرحمك الله يا من كنت المثال والقدوة العُليا في جهادك ومقارعتك للظلم !
وألف رحمة مباركة ؛؛ وتحية عذبة ؛؛ وسلام حرّ عليك يا من ولدت أبيّاً ؛؛ وعُشتَ مجاهداً ؛؛ وقَضيت شهيداً .. ورحمة منه تعالى وبركات !