كلامكم نور ... الإمام الحسن العسكري
للإمام الحسن العسكري عليه السلام العديد من الكلمات النورانية، التي تبعث الحياة في روح الإنسان، وترشده لطريق الصلاح والفلاح، فهي كلمات تختزن بين حروفها أبلغ الحكم، وتعالج أعقد المشاكل، بل هي مفاتيح لكل خير وصلاح.
ولذلك حري بنا أن ندرس هذه الكلمات ونتدبر في معانيها، ونعمل على تطبيقها في حياتنا اليومية.
ومن كلماته عليه السلام اخترت لكم هذه الكلمات:
مفتاح الخبائث
قال الامام الحسن العسكري عليه السلام: "جعلت الخبائث كلها في بيت وجعل مفتاحها الكذب" (1).
للأسف فإن البعض لا يعي حجم هذه الصفة (الكذب) والتي حذر منها الإسلام، وذكر عقابها الشديد في العديد من الآيات الكريمة منها قوله تعالى: ﴿فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ فَزَادَهُمُ ٱللَّهُ مَرَضٗاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمُۢ بِمَا كَانُواْ يَكۡذِبُونَ ﴾ [البقرة: 10].
إن الكذب شيئاً لا يستهان به فهو أساس الشرور ورذيلة الرذائل، بل "إن الكذب هو خراب الإيمان" كما قال الإمام الباقر (عليه السلام)(2).
وهو مفتاح الخبائث والجرائم، ويورث المشاكل والخصومات والبغضاء بين أفراد المجتمع كما يقول الإمام علي (عليه السلام) : " الكذب يوجب الوقيعة" كما أن " الكذب فساد كل شئ"(3). كما يقول الإمام علي عليه السلام.
بل له آثاره على الصعيد الشخصي، فيؤثر على روحه المعنوية، كما قال الإمام الصادق (عليه السلام): "لا تكذب فيذهب بهاؤك". ويؤثرعلى موقعيته بين أبناء المجتمع فلا أحد يثق به، كما ورد عن الإمام علي (عليه السلام): "من عرف بالكذب قلت الثقة به، وإذا عرف الكذاب بالكذب لم يزل لدى الناس كذاباً وإن كان صادقاً. بل تتضح علامات الكذب على سيماء الوجه "إن الكذب يسود الوجه" (4)كما ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله).
لذلك فإن الكذب دمار للشخصية والمجتمع.
- العقوق من الصغر!
قال الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) "جرأة الولد على والده في صغره تدعو إلى العقوق في كبره" (5).
ما نزرعه في نفوس أبناءنا في الصغر نحصده في الكبر، فما نراه من صور العقوق كالتأفف، ورفض الأوامر، والكلمات القاسية، وأخيراً الضرب ما هي إلا بذور تم زراعتها منذ الصغر. فلم تكن التربية قائمة على أسس بر الوالدين واحترامهما، ولهذا نتج عن هذه التربية العقوق في الكبر.
عندما ترى طفلك يرفع صوته، فهذا جرس إنذار لعقوق أكبر سيأتي في المستقبل. وسببه أنك لم تتخذ الإجراء المناسب، ولم تصحح التربية إلى تربية (بر الوالدين).
- فن النصيحة
قال الإمام الحسن العسكري (عليه السلام): من وعظ أخاه سرا فقد زانه، ومن وعظه علانية فقد شانه (6).
ربما تجد بعض الأخطاء لدى البعض من الناس..
ربما تجد أحدهم يجهل أحكام الصلاة مثلا..
أو ربما تجد أحدهم منشغلاً بهاتفه المحمول أثناء تواجده في المسجد انتظاراً للصلاة..
وربما تجد أن من المناسب نصحه، ولكنك لا تعرف كيفية النصحية، وأساليبها الصحيحة، لذلك سأذكر لك بعض آداب النصيحة:
تجنب النصيحة أمام الناس. (النصيحة سراً).
مراعاة النصح برفق ولين.
اختيار الوقت والمكان المناسبين للنصيحة.
قبول النصيحة، "اسمعوا النصيحة ممن أهداها إليكم، واعقلوها على أنفسكم" (7). كما ورد عن الإمام علي عليه السلام.
- العقل الجميل
قال الإمام الحسن العسكري ( عليه السلام ) : (حسن الصورة جمال ظاهر ، وحسن العقل جمال باطن) (8).
الإسلام يهتم بالجمال والتجمل وحسن الصورة، ولذا كان لابد أن يهتم الإنسان بهندامه وجماله.
ومن جانب آخر ينبغي على الإنسان أن لا يغفل عن جمال الباطن والمتمثل في طهارة القلب وحسن التفكير.
لذلك على الإنسان أن يطهر قلبه من الحقد والغل وكل صفة سيئة، وعليه أن ينمِ عقله، ليكون عقلا جميلا من خلال توفر الصفات التالية:
القدرة على التجديد، القدرة على التأثير، امتلاك الحلول لأصعب المشاكل، القدرة على استشراف المستقبل، لديه آليات التخطيط ووضوح الأهداف، الانفتاح العالمي والتعرف على التجارب والمعارف العالمية.
وكلما حفز الإنسان عقله على التفكير والإبداع كان عقله أكثر جمالاً.