جهة عاشرة
يَوْمًا سَيَخْضَرُّ رَمْلٌ كَانَ أَشْعَلَهُ
وَتَرْتَدِي غَيْمَةُ المَعْنَى قُرُنْفُلَهُ
سَتَسْتَرِيْحُ بِهِ شَمْسٌ كَمْ امْتُحِنَتْ
عَلَى العُرُوْجِ، إِذَا اخْتَارَتْ تَنَزُّلَهُ
سَيُخْبِرُوْنَ أَضَاحِي الَّليْلِ عَنْ قَمَرٍ
مُسَافِرٍ شَادَ فِي الصَّحْرَاءِ مَنْزِلَهُ
وَدَلَّلَ الرِيْحَ، كَانَ الوَقْتُ يُحْرِجُهَا
إِذَا أَمَالَتْ عَلَى الكُثْبَانِ مَحْمَلَهُ
لَمْ يَرْتَبِكْ، عَبَّدَ الأَحْلاَمَ، زَيَّنَهَا
وَشَدَّ فِي رَمْلِ عَاشُوْرَاء أَرْجُلَهُ
المَانِحُ الوَقْتَ قَالُوا: لَم تَدَعْ زَمَنًا
إلاَّ أَضَأْتَ عَلَى التَارِيْخِ مِشْعَلَهُ
وَقَالَ: ضَاعَ بِهِمْ فَرْضٌ وَضَيَّعَهُمْ
وَجِئْتُ بِاللهِ كَي لِلَّهِ أُوْصِلَه
وَمُنْذُ نَيْفٍ وَسَبْعِيْن المُدَى انْتَبَهَتْ
لِضَوْئِهِ فَاشْتَهَتْ وَهْجًا لِتَعْزِلَهُ!
وَجَاعَ جِيْلٌ مِنَ الأَسْيَافِ سَالَ بِهِمْ
لُعَابُهُمْ غَيْرَ أَنَّ المَوْتَ أَجَّلَهُ!
فَعَانَقَتْهُ السِهَامُ السُمْرُ، كُلُّ رَدًى
مِنْ شِدَّةِ الشَوْقِ -رَغْمَ البُعْدِ- قَبَّلَهُ!
يَمْشِيْ وَيُمْرِعُ، وَجْهُ الخُلْدِ خَيَّرَهُ
أَنْ يَسْتَرِيْحَ بِهِ أَوْ أَنْ يُدَلِّـلَهُ
مَا قَالَ: أَظْمَأُ إِلاَّ وَانْحَنَى مَلَكٌ
مِنَ السَحَابِ وَبِاسْمِ اللهِ بَلَّـلَهُ!
مَا قَالَ: أَتْعَبُ إِلاَّ رَهْطُ أَفْئِدَةٍ
مِنَ الجِنَانِ أَتَتْ شَوْقًا لِتَحْمِلَهُ
شَتَلْتُهُ فِيَّ عِطْرًا فَارْتَوَتْ رِئَتِي
مُذْ أَطْلَقَ الضِلْعُ فِيْ صَدْرِي تَبَتُّلَهُ
وَصِرْتُ أُخْبِرُهُ عَنِّي وَأُخْبِرُنِي
عَن وَاقِعٍ كَانَ فِيْ الأَصْلاَبِ فَصَّلَهُ
عَن نَهْضَةٍ عَن حِجَىً عَن عُمْقِ مَعْرِفَةٍ
عَن المَبَادِئِ عَمَّا كَانَ أَصَّلَهُ
عَن (ظُهْرِ عَاشِر) وَالأَمْجَادُ تَرْسمُهُ
مُسَلَّبًا جَاءَ بِالأَغْلَى لِيَبْذِلَهُ
وَأَيْقَظَ الوَهْمَ مِنْ كَابُوسِ حَيْرَتِهِ
إَلَى اليَقِيْنِ الذِيْ فِيْ الطَفِّ ظَلَّلَهُ
شَاءَتْهُ أَوْهَامُهُمْ مَيْتًا فَشَيَّأَهُمْ!
تَقَبَّحُوا حِيْنَ أَعْطَى مِنْهُ أَجْمَلَهُ!
هُوَ الأُبُوَّةُ، رَبَّى كُلَّ مَنْقَبَةٍ
وُكُلَّ نَقْصٍ عَلَى رُؤيَاهُ أَكْمَلَهُ
هُوَ الأُخُوَّةُ، آخَى الدَهْرَ حِيْنَ جَفَا
وَفَاجَأَ المَوْتَ بِالأُخْرَى وَأَبْدَلَهُ!
أَعْطَى وَأَعْطَى وَمَازَالَ العَطَاءُ وَ (لاَ
يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا) فَالعَطَاءُ لَهُ!
(مَنْ ذَا الذِي يُقْرِضُ اللهَ) السُؤالُ نَمَا
بِقَلْبِهِ مُنْذُ أَنْ فِيْنَا تَكَفَّلَهُ
وَشَدَّ مِنْ (سُوْرَةِ الأَعْلَى) عِمَامَتَهُ
مُذَكِّرًا بِالذِي لِلطَفِّ أَوْصَلَهُ
لَمْ يُوْصِهِ اللهُ: لاَ تَقْرَبْ لأيِّ هَوَىً
مُذْ كَانَ إِيْمَانُهُ الوَقَّادُ مَأْكَلَهُ
لَمْ يَبْتَلِعْهُ فَمُ الدُنْيَا مُغَاضَبَةً
وَالنَاسُ تَنْشُدُ فِيْ عَاشُوْر مَقْتَلَهُ!
(وَرَاوَدَتْهُ التِيْ) عَنْ حُسْنِهَا انْتَبَذَتْ
فَضْلَ العَزِيْزِ فَلَمْ تَبْلُغْ تَوَسَّلَهُ
قَالَ: "انْسِبُوْنِيْ" فَلَمْ تَحْفَلْ سَرَائِرُهُمْ،
وَأَنْكَرُوْهُ فَلَمْ يَقْطَعْ تَفَضَّلَهُ
مَا أَيْنَعَ الوَقْتُ مَا اخْضَرَّ الجَنَابُ وَلَمْ
تَزْحَفْ لَهُ الجُنْدُ إِلاَّ كَيْ تُزَلْزِلَهُ
لَكِنَّهُ اسْتَافَ مِنْ أَبْهَى جَلاَلَتِهِ
مَا كَانَ مِنْ نُوْرِهِ المُخْتَارُ جَلَّلَهُ
بَيْنَ (النَوَاوِيْسِ) وَ (العَقْرِ) الفَلاَةُ رَأَتْ
(عُسْلاَنَهَا) تَمْلأُ الدُنْيَا لِتَأْكُلَهُ!
حَيْثُ (ابْنُ سَعْدٍ) قِبَالَ (الرَيِّ) يَشْغَلُهُ
مُلْكُ الزَوَالِ فَلَمْ يُدْرِكْ تَعَجُّلَهُ
حَيْثُ الكِنَانَةُ فِيْ ظَهْرِ (ابْنِ كَاهِلَ) مَا
زَالَتْ تَمُدُّ لِنَزْفِ الَليْلِ أَلْيَلَهُ
حَيْثُ الحُسَامُ/ حُسَامُ الظِلِّ مُنْكَشِفًا
عَلَى المَسَافَاتِ فِيْ عَجْزٍ تَأَمَّلَهُ
يَمُرُّ مِنْ جَسَدٍ مُلْقَىً إِلَى جَسَدٍ
مُلْقَىً إِلَى جَسَدٍ للهِ أَرْسَلَهُ
مُقَطَّعًا صَوْتُ أَطْفَالٍ عَلَى فَمِهِ،
ثَوْبٌ بِرَائِحَةِ الخَيْمَاتِ أَخْضَلَهُ
مِدَادُهُ النَهْرُ وَالجُثْمَانُ لَوْحَتُهُ
مَا ثَمَّ شِبْرٌ مِنَ الصَحْرَاءِ أَهْمَلَهُ
كَأَنَّهُ اخْتَارَ أَنْ يَنْسَلَّ عَنْ جَسَدٍ
لِكُلِّ شَيْءٍ سَيَبْقَى كَيْ يُمَثِّلَهُ
فَجَاءَ فِيْ خُطَّةِ الإِيْجَادِ، أَحْكَمَهَا
وَكُلَّ زَيْفٍ غَزِيْرِ الشَكْلِ أَبْطَلَهُ
حَتَى إِذَا عَادَ مَوْتٌ فِيْ حِكَايَتِهِ
أَمَاتَهُ بِالدَمِ السَافِي وَأَذْهَلَهُ!