المنهج الأثري النقلي في تفسير القرآن الكريم
- ما المقصود بـ (المنهج الأثري)؟
المنهج الأثري النقلي هو المنهج الذي يفسِّر القرآن الكريم بما ورد في (الأثر = النقل)، أي بالقرآن الكريم نفسه، أو بالسنة المباركة، أو بأقوال الصحابة والتابعين، فإن لم يجد التوضيح في ذلك لجأ إلى كلام العرب حيث الشعر والنثر العربيان.
- أنواع المنهج الأثري:
ومما سبق يتبيّن أنّ هناك أربعة أنواع للتفسير بالمأثور، هي:
1- تفسير القرآن بالقرآن.
2- تفسير القرآن بالسنة.
3- تفسير القرآن بقول الصحابة.
4- تفسير القرآن بقول التابعين.
5ـ تفسير القرآن الكريم بكلام العرب.
- نشأة التفسير الأثري:
نشأ التفسير الأثري في أحضان علم الحديث، فكان حفّاظ الحديث ومدونوه ينقلون الروايات الشريفة في شتى الجوانب، ومنها في تفسير بعض الآيات الكريمة.
ومن أبرز ما نقل المأثور: تفسير ابن عباس الذي حمل عنوان (تنوير المقباس من تفسير ابن عباس)، الذي جمعه الفيروزآبادي صاحب معجم (القاموس المحيط).
وفي عصر التدوين توالى حفّاظ الحديث على تضمين الروايات المفسِّرة للقرآن في كتبهم الحديثية والروائية، وكان بعضهم يفرد في كتابه الحديثي بابًا بعنوان (كتاب التفسير)، أو (ما ورد في التفسير)، أو (أبواب تفسير القرآن)، ويأتي في طليعة هؤلاء: يزيد بن هارون السُّلمي، وشعبة بن الحجّاج، ووكيع بن الجرّاح الرؤاسي، وسفيان بن عيينة، والبخاري (محمد بن إسماعيل)، ومسلم (بن الحجاج القشيري)، والترمذي (محمد بن عيسى).
- أبرز التفاسير الأثرية :
أولاً: أبرز التفاسير الأثرية السنية:
من أبرز التفاسير القرآنية السنية:
1- (تفسير القرآن)، لعبد الرزاق بن همام.
2- (التفسير)، لابن أبي شيبة (أبي بكر عبد الله بن محمد العبسي)، الذي روى عنه الحديث: البخاري، ومسلم، وابن ماجة (محمد بن يزيد القزويني)، وأبو داوود السجستاني (سليمان بن الأشعث).
3- (تفسير القرآن)، لابن أبي شيبة (أبو الحسن عثمان بن محمد العبسي)، وروى عنه: أبو داوود السجستاني، وابن ماجة، وابن أبي حاتم الرازي (عبد الرحمن بن محمد بن إدريس الحنظلي).
4- (تفسير القرآن العظيم)، لابن أبي حاتم الرازي - المتقدّم -.
5- (جامع البيان عن تأويل آيّ القرآن)، لمحمد بن جرير الطبري.
6- (الكشف والبيان عن تفسير القرآن)، للثعلبي (أبي إسحاق أحمد بن إبراهيم).
7- (الجواهر الحسان في تفسير القرآن)، للثعالبي (أبي زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف).
8- (معالم التنزيل)، للبغوي (أبي محمد الحسين بن مسعود).
9- (تفسير القرآن العظيم)، للحافظ ابن كثير (أبي الفداء إسماعيل بن عمرو بن كثير).
10- (الدرّ المنثور في التفسير بالمأثور)، لجلال الدين السيوطي (أبي الفضل عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد).
ثانياً: أبرز التفاسير الأثرية الشيعية:
من كتب التفسير بالمأثور لدى الشيعة الإمامية:
1- (تفسير غريب القرآن) أو (الغريب في القرآن)، لأبان بن تغلب.
2- (التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري).
3- (تفسير القمي)، لأبي الحسن علي بن إبراهيم بن هاشم القمي.
4- (تفسير العياشي)، لمحمد بن مسعود بن عياش السلمي.
5- (الصافي)، للمولى محسن فيض الكاشاني.
6- (البرهان) للسيّد هاشم البحراني.
7- (نور الثقلين)، لعبد علي جمعة العروسي الحويزي.
8- (كنز الدقائق وبحر الغرائب)، للميرزا محمد بن محمد رضا القمي، المشهور بـ (المشهدي).
9- (بحر العرفان ومعدن الإيمان)، - مخطوط -، للشيخ محمد صالح البرغاني القزويني، ويبلغ 17 مجلدًا حجريًا.
10- (كنز العرفان في تفسير القرآن)، - مخطوط -، للشيخ محمد صالح البرغاني القزويني، ويبلغ 27 مجلدًا حجريًا.
وإذا علمنا أنَّ (بحار الأنوار) للعلامة المجلسي كان في 17 مجلدًا حجريًا، وعندما طُبع وصل إلى 110 مجلد، فهذا يعني أنَّ (بحر العرفان) يقاربه أو يساويه، بينما (كنز العرفان) ينوف عليه!!، ولعلَّهما بهذا يكونان أكبر تفسيرين إسلاميين بالمأثور.
ومن التفسير بالمأثور لدى الشيعة الزيدية (فتح القدير)، للقاضي محمد بن علي الشوكاني.
- نموذج للتفسير الأثري:
ونموذجًا للتفسير بالمأثور ننقل المقطع التالي من تفسير (الصافي) للمولى محسن فيض الكاشاني، يقول في تفسير قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ (1):
﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾: الخير الكثير، وفُسِّر بالعلم والعمل، وبالنبوة والكتاب، وبشرف الدارين، وبالذرّية الطيبة.
وفي (المجمع) عن الصادق - عليه السلام -: هو الشفاعة.
وعنه قال: (هو نهر في الجنة أعطاه الله نبيه عوضًا من ابنه).
والقمي مثله. وفي (الأمالي) عن ابن عباس قال: (لما نزل على رسول الله ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾، قال له علي بن أبي طالب - : ما الكوثر يا رسول الله؟، قال: نهر في الجنة أكرمني الله به، قال علي : إنّ هذا النهر شريف فانعته لنا يا رسول الله، قال: نعم يا علي، الكوثر نهر يجري تحت عرش الله تعالى، ماؤه أشد بياضًا من اللبن، وأحلى من العسل، وألين من الزبد، حصاه الزبرجد والياقوت والمرجان، حشيشه الزعفران، ترابه المسك الأذفر، قواعده تحت عرش الله - عزّ وجلّ -، ثمّ ضرب رسول الله - صلى الله عليه وآله - على جنب أمير المؤمنين - عليه السلام - وقال: هذا النهر لي ولك ولمحبيك من بعدي).
وفي (المجمع) عن النبي أنّه سُئل عنه حين نزلت السورة، فقال: (نهر وعدنيه ربي، عليه خير كثير، هو حوضي، ترد عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد نجوم السماء، فيختلج القرن منهم (2)، فأقول: يا ربّ، إنّهم من أمتي!!، فيُقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك).
وفي (الخصال) عن أمير المؤمنين قال: (أنا مع رسول الله ومع عترتي على الحوض، فمن أرادنا فليأخذ بقولنا، وليعمل عملنا، فإنّ لكلّ أهل نجيبًا، ولنا نجيب، ولنا شفاعة، ولأهل مودتنا شفاعة، فتنافسوا في لقائنا على الحوض، فإنّا نذود عنه أعداءنا، ونسقي منه أحبّاءنا وأولياءنا، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدًا، حوضنا فيه مشعّبان ينصبان من الجنة: أحدهما من (تسنيم)، والآخر من (معين)، على حافتيه الزعفران، وحصاه اللؤلؤ، وهو الكوثر)"(3).