دقيقة تأمل
من القيم الهامة التي ينبغي إشاعتها في المجتمع بشكل عام، وفي الوسط العائلي بشكل خاص، قيمة العفو، لأنها مفتاح من مفاتيح الخير في الدنيا والآخرة، وعوائدها على الفرد والمجتمع والأسرة عظيمة جدا. ويكفي في ثواب العفو الموعود ما جاء في كتاب الله المجيد: (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) الشورى: 40 .
للعفو بحسب الروايات الواردة الكثير من الآثار الإيجابية في العاجلة والآجلة، نذكر منها:
صفاء القلوب وطهارتها من الأحقاد. فعن رسول الله : تعافَوا تسقط الضغائن بينكم.
نيل العز في الدارين: فقد ورد عنه : من عفا عن مظلمة أبدله الله بها عزا في الدنيا والآخرة.
النسيئة في الأجل: فعنْه : من كثر عفوه، مُدّ في عمره.
دفع السوء في الدنيا: لما ورد عنه : تجاوزوا عن عثرات الخاطئين يقيكم الله بذلك سوء الأقدار.
دفع النار في الآخرة: فعنْه : تجاوزوا عن ذنوب الناس يدفع الله عنكم بذلك عذاب النار.
وقد تحدث القرآن عن ثلاث مراتب هامة يترقى فيها الإنسان من العفو إلى الصفح إلى المغفرة. يقول تعالى في سورة التغابن وهو يتحدث عما يمكن أن يحدث داخل الأسرة من عداوات، مشيرا إلى علاجها الأنجع: (وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
يعلق صاحب تفسير (من هدى القرآن) على المفردات الثلاث في هذه الآية قائلا: "فالعفو هو التنازل عن حقّ الانتقام والمماثلة في القصاص وبالذّات عند المقدرة، والصفح درجة أرفع، إذ قد يتنازل الإنسان عن حقّه في الاقتصاص مثلا ولكنّ علاقته مع الطرف الآخر تبقى كدرة بسبب الإساءة، أمّا إذا صفح عنه فهو يطوي صفحة الماضي ويفتح صفحة جديدة فتعود علاقته الظاهرة به علاقة طبيعية، وليس بالضرورة أن تزول الآثار النفسية الداخلية بذلك، بلى. إذا غفر أزال حتى هذه الآثار، بل وتنازل عن طلب الانتقام من اللّه عزّ وجل. وهذه الصفات ينبغي أن يتحلّى بها المؤمن تجاه أسرته والآخرين على كلّ حال وفي كل الظروف".
وقد ورد عن الإمام الرضا في تفسير قوله تعالى: (فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) أنه قال: عفو من غير عقوبة، ولا تعنيف، ولا عتب.
فلننشر ثقافة العفو كي نفوز بالجوائز السنية وننعم بحياة صافية مرضية.