دقيقة تأمل
بعض الناس يكون أقصى همهم هو الانشغال بما لدى الآخرين من مُتع الحياة الدنيا، كالمال الوفير والقصور الفخمة والمراكب الفارهة وغيرها. ينشغلون بذلك إلى درجة الاستغراق، فينسون ما تحت أيديهم من نعم الله التي لا تُحصى، فلا يؤدون حق شكرها، وتستبد بهم الحسرة على ما فاتهم من الملذات فلا تعرف نفوسهم الطمأنينة والاستقرار والراحة، بل هي في تعب دائم وغم مقيم.
كان الأجدر بهم أن يلتفتوا إلى ما عندهم من النعم، وأن يعملوا بجد على الارتقاء بمستواهم، مع الالتفات إلى حقيقتين مهمتين:
الأولى: إن مجرد حيازة المباهج الدنيوية لا يمنح الإنسان مقاما عند الله، وإن كبُر في أعين الناس، فقالوا ﴿يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾، ففي تلك المباهج فتنة واختبار.
الثانية: إن وراء الحياة الفانية حياة باقية، وبالتالي على الإنسان أن لا يقتصر نظره على الزائل، بل يتطلع إلى الدائم. هذا لا يعني الانصراف الكلي عن الدنيا، لأنها مزرعة الآخرة والطريق الموصل إليها. وقد جاء في كتاب الله ﴿رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً﴾.
لنتأمل في قوله تعالى ﴿وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى﴾ فقد ورد في الحديث عن الإمام الصادق أنه قال: لما نزلت هذه الآية استوى رسول الله جالسا ثم قال: من لم يتعزّ بعزاء الله تقطعت نفسه على الدنيا حسرات، و من أتبع بصره ما في أيدي الناس طال همه ولم يشف غيظه