دقيقة تأمل
ليس كل الظنون إثما، إذ بعضها حسن ومأمور به، كما قال القرآن الكريم (لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً). ولكن لأن بعضها إثم، أمرنا تعالى باجتناب أكثرها حتى لا نقع في ما هو منهي عنه. قال تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ).
ومن هنا ينبغي أن يحتاط المرء كثيرا تحصينا لنفسه وحياطة لدينه ومقاومة للوسواس الخناس، عدو الإنسان المبين، الذي يجري منه مجرى الدم في العروق. وللتخلص من سوء الظن أرشدتنا الأحاديث والروايات إلى وسائل عدة تعيننا على ذلك، وتتمثل في التالي:
- إدراك حجم الآثار السلبية الخطيرة لسوء الظن:
فعن رسول الله : إن الجبن والبخل والحرص غريزة واحدة يجمعها سوء الظن.
وعن الإمام علي : إياك أن تسيء الظن، فإن سوء الظن يفسد العبادة.
وعن الإمام الصادق : إذا اتهم المؤمن أخاه ينماث الإيمان من قلبه كما ينماث الملح في الماء.
- عدم ترتيب الآثار على خواطر الظن السيئة:
قد يمر ببال الإنسان خاطر ما من الخواطر السلبية دون إرادته. والشيطان – كما يقول صاحب البحار - "قد يقرر على القلب بأدنى مخيلة مساءةَ الناس، ويلقي إليه أن هذا من فطنتك وسرعة تنبهك وذكائك، وأن المؤمن ينظر بنور الله، وهو على التحقيق ناظر بغرور الشيطان وظلمته". والمسألة الأساسية هنا، وهي التي تقع داخل دائرة الاختيار، أن على المرء مقاومة مثل هذه الخواطر وكبحها، وعدم ترتيب أي أثر داخلي أو خارجي عليها. فقد ورد عن النبي : "ثلاث في المؤمن لا يُستحسَنَّ وله منهنّ مخرج. فمخرجه من سوء الظنّ أن لا يحقّقه".
- إعمال الظن الحسن بأقصى حدوده الممكنة:
فعن الإمام علي : "ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك منه ما يغلبك، ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوءا وأنت تجد لها في الخير محملا".
ترى أين واقعنا من هذه الرواية؟! هل نضع أمر أخينا على أحسنه، وهل نجهد أنفسنا في التفتيش عن محامل الخير الممكنة في أفعال وأقوال الآخرين؟ أم إن الأسوأ مقدم دائما وحاضر أولا؟