دقيقة تأمل
قد ننتقد الولايات المتحدة الأمريكية ودول الغرب لاستخدامها المعايير المزدوجة في المجال السياسي، خصوصا فيما يتعلق بشؤوننا العربية والإسلامية. ولكننا لا نلتفت إلى ممارساتنا لذات المعايير فيما بيننا على مستوى الحكومات والأفراد. صحيح أن الغرب يكيل بمكاييل عدة في قضايا الحرية وحقوق الإنسان وغيرها، ولكننا لا نخلو من ذلك أيضا. من السهل أن نرى عيوب الآخرين وأن نوجه لها النقد اللاذع، ولكن من الصعب جدا محاسبة الذات وانتقادها والتعامل معها بصدق. قليل أولئك الذين يمارسون تقويم ذاتهم بشكل مستمر.
لو حاول كل واحد منا قبل انتقاد سلوك ما من الآخرين أن يسأل نفسه: هل أنا أمارس نفس السلوك أم لا؟ لتغير وضعنا للأفضل دون شك. لنتأمل في قوله تعالى:﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ﴾، ولنتمعن في خاتمتها ﴿أَفَلا تَعْقِلُونَ﴾، فهل نرضى بأن نكون في زمرة غير العقلاء؟!
في وصيته الرائعة لابنه الحسن وضع الإمام علي خطوطا عريضة ينبغي على كل عاقل الالتزام بها حتى لا يقع فيما يستقبحه من الكيل بمكيالين، فيكون –لا سمح الله- من المطففين. يقول عليه السلام:
وَاجْعَلْ نَفْسَكَ مِيزَاناً فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ غَيْرِكَ. فَأَحْبِبْ لِغَيْرِكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ، وَاكْرَهْ لَهُ مَا تَكْرَهُ لِنَفْسِكَ. وَلَا تَظْلِمْ كَمَا لَا تُحِبُ أَنْ تُظْلَمَ، وَأَحْسِنْ كَمَا تُحِبُّ أَنْ يُحْسَنَ إِلَيْكَ. وَاسْتَقْبِحْ مِنْ نَفْسِكَ مَا تَسْتَقْبِحُ مِنْ غَيْرِكَ وَارْضَ مِنَ النَّاسِ لَكَ مَا تَرْضَى بِهِ لَهُمْ مِنْكَ.
جربوا أن تفعلوا هذا، وبالتأكيد لن تخسروا.