دقيقة تأمل -
عندما تسود ثقافة الشكر والتقدير في مجتمع ما، سيشهد ذلك المجتمع حركة متصاعدة من التنمية والتطوير. وعلى العكس تماما يؤثر سلبا غياب تلك الثقافة. والمعادلة نفسها تنطبق على الوحدة الأساس في المجتمع، وهي الأسرة. فالأسرة التي يتقن أعضاؤها فيما بينهم لغة الشكر والعرفان تكون أكثر تفاعلا وتماسكا وإبداعا، ويتخرج منها أفراد قياديون يساهمون في رقي المجتمع وتقدمه. أما الأسرة التي تتجاهل إنجازات أعضائها وقدراتهم، أو تمر عليها دون إعطائها ما تستحق من وقفة تقدير، فإنها لن تجني سوى الإحباط والشخصيات المهمشة المهشمة.
البعض يتردد كثيرا قبل أن يتمكن من إخراج كلمة طيبة لزوجته أو لأبنائه، وكأنه يسحب آخر وحدة نقدية من رصيده، فيخاف الإفلاس. وربما شعر بصعوبة كبيرة في التعبير بجملة واحدة تامة، كأنه في تلك الحال ممن ﴿يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ﴾. ولكنه في المقابل، لا يكف عن تصيد الهفوات والعثرات واختراعها، ومن ثم لا يتورع عن إطلاق العبارات الملتهبة من لسانه أو ألسنته الحِداد الجارحة.
ونفس الشيء يصدق على المجتمع. فالبعض عندما يرى مثلا إنجازات على الصعيد الاجتماعي، من فرد أو جماعة أو مؤسسة، فإنه يبخل عن المساهمة بكلمة تحفيزية أو تشجيعية أو تقديرية لجهة الإنجاز. وفي ذات الوقت يسلق الآخرين بكلماته المؤذية المثبطة.
لنتأمل في قوله تعالى: ﴿إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ﴾. فالله الغني المطلق يستقرض من عباده الفقراء من ماله هو الذي وهبه لهم ﴿وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُم﴾، فإذا أقرضوه فإنه يعدهم بمكافأتين عظيمتين تتمثلان في مضاعفة المال والمغفرة، لأنه تعالى ﴿شَكُورٌ حَلِيمٌ﴾.
في بيوتنا ومجتمعاتنا ومؤسساتنا نحتاج أن نشيع ثقافة الشكر بيننا متخلقين في ذلك بأخلاق الله، كي نساهم بإيجابية في دفع العجلة نحو الازدهار والانتعاش.