دقيقة تأمل
26-01-2015
بقدر ما لدى الفرد من طاقات وإمكانيات وقابليات وقدرات، تكون مسؤوليته. فعن الإمام الباقر : إِنَّمَا يُدَاقُّ اللَّهُ الْعِبَادَ فِي الْحِسَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى قَدْرِ مَا آتَاهُمْ مِنَ الْعُقُولِ فِي الدُّنْيَا. والمقصود بالمُداقة المناقشة الدقيقة في الحساب. ومن هنا تكون مسؤولية العالم أكبر وأخطر من مسؤولية غيره في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأنه بما آتاه الله من علم أعرف بتكليفه وما ينبغي عليه عمله، وأقدر على تشخيص موارد الأمر والنهي. وقد ورد عن الإمام الصادق : "يُغفر للجاهل سبعون ذنبا قبل أن يُغفر للعالم ذنب واحد". وعندما يتخلى العالم عن دوره المناط به، يدخل في زمرة علماء السوء المسرفين (الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ).
في الآية 63 من سورة المائدة توبيخٌ للعلماء الصامتين الذين يقفون موقف المتفرج من المنكرات القولية والعملية في مجتمعهم، وذمٌّ لصنيعهم. يقول تعالى (لَوْلا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ). والآية وإن كانت بصدد الحديث عن علماء أهل الكتاب، إلا أنها كما لا يخفى عامة، فالمورد لا يخصص الوارد.
يتحدث صاحب الجواهر عن مسؤولية العلماء في هذا الإطار قائلا: نعم، من أعظم أفراد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأعلاها وأتقنها وأشدها تأثيرا خصوصا بالنسبة إلى رؤساء الدين أن يلبس رداء المعروف واجبه ومندوبه، وينزع رداء المنكر محرمه ومكروهه، ويستكمل نفسه بالأخلاق الكريمة وينزهها عن الأخلاق الذميمة، فإن ذلك منه سبب تام لفعل الناس المعروف، ونزعهم المنكر وخصوصا إذا أكمل ذلك بالمواعظ الحسنة المرغبة والمرهبة، فإن لكل مقام مقالا، ولكل داء دواء، وطب النفوس والعقول أشد من طب الأبدان بمراتب كثيرة وحينئذ يكون قد جاء بأعلى أفراد الأمر بالمعروف، نسأل الله التوفيق لهذه المراتب.