العلامة الحبيب : المجتمع الحي
حديث الجمعة لسماحة الشيخ محمد حسن الحبيب حفظه الله بمسجد الإمام الرضا عليه السلام - صفوى - 17 صفر 1432هـ
استهل سماحة الشيخ محمد حسن الحبيب حفظه الله حديثه بقراءة سورة الفاتحة إلى أرواح الشهداء السائرين إلى زيارة الإمام الحسين عليه السلام وإلى شهداء الانتفاضة في تونس الخضراء.
وكان محور حديثه حول مفهوم الحياة في المجتمعات، حيث أكد على أن تفاعل الإنسان مع الأمور المادية يجعله يحيا ماديا، وإذا تفاعل مع الأمور المعنوية يحيا معنويا. وقال: إن الحياة المعنوية تنعكس على الواقع الاجتماعي فيتحول ذلك المجتمع إلى مجتمع حي أو ميت.
وتعد الانتفاضات التي ترفض الدكتاتوريات في العالم وتقاوم الطغيان وتحرر بلادها من محتليها إحدى علامات الحياة فيها. بينما المجتمعات التي تنسجم وتتأقلم مع الظلم والهوان فهي مجتمعات ميتة لا حراك فيها.
وأشار حفظه الله إلى أن مؤشر الحياة في مجتمع ما يعتمد على النظر إلى الأمور المتحركة بتقدير. فقال: إن نظرة المجتمع للأمور تكشف أن هذا المجتمع يميل إلى الحياة أو يميل إلى السكون والركود.
وذكر أن ميل المجتمع إلى الدعة من شأنه توليد مفاهيم خاطئة.
وقال سماحته: إن رسالة السماء دعت المؤمنين بها لتأسيس مجتمع حي من خلال الإستجابة لله وللرسول فقال تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25)﴾ سورة الأنفال
وصدر هذه الآية يشير إلى أمرين مهمين:
-
الأول إن التفاعل بين الإنسان ومنظومة القيم والإرشادات والأوامر هو ما يصنع الحياة.
-
الثاني أن القرآن الكريم يؤكد على دور الإنسان باعتباره الأساس في عملية الإحياء. فالخطاب القرآني في هذه الآية فيه إيحاء إلى أن الإنسان عليه أن يقرر الدور والمسار الذي يسير فيه بخلاف البعض من بني البشر حيث أنهم يسلبون من الناس حق التفكير ويتصرفون دائما على أساس أنهم الأعرف بمصالح الآخرين.
فالدعوة من الله إلى خصوص المؤمنين به هي أن استجيوا لما فيه حياتكم وعلى المؤمنين أن يقرروا التفاعل فينعموا بمجتمع حي أو يتوقفوا فيسيروا نحو الموت ولو بعد حين.
ثم قدم أمثلة على ذل فقال:
القرآن دعانا إلى صلة الرحم وحين نتفاعل مع هذه الدعوة نلحظ أنها تبعث فينا الحياة.
ودعانا إلى نبذ الظلم ومقاومته ونصرة المظلومين وفي ذلك حياة.
ودعانا إلى البذل للفقراء والمحتاجين وفي ذلك حياة.
وهكذا نلحظ في كل المنظومة القيمية التي أمرنا الله بها نلمس من خلال تفاعلنا الحياة.
ثم قدم أمثلة على ذل فقال:
القرآن دعانا إلى صلة الرحم وحين نتفاعل مع هذه الدعوة نلحظ أنها تبعث فينا الحياة.
ودعانا إلى نبذ الظلم ومقاومته ونصرة المظلومين وفي ذلك حياة.
ودعانا إلى البذل للفقراء والمحتاجين وفي ذلك حياة.
وهكذا نلحظ في كل المنظومة القيمية التي أمرنا الله بها نلمس من خلال تفاعلنا الحياة.
وهنا أود التركيز على نقاط مهمة في هذا المجال:
1. الوعي بموارد الحياة والتفاعل مع هذا الوعي.
كثير من الناس ربما يعون ما يدور حولهم ويعون عواقب الأمور والأعمال ولكنهم يبقون ذلك حبيس الذهن فلا ينعكس على واقعهم.
وهنا أضرب مثالا من واقعنا وهو: الكثير من أبناء مجتمعنا يعون إلى أن العمل بالأجر الزهيد يولد جملة من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية في المستقبل القريب. ومع ذلك يقدم الكثير على ذلك من دون رؤية لحل يعالج هذه المشاكل.
بل راحت مؤسساتنا الخيرية ومن منطلق الاسهام في القضاء على البطالة تعمل كوسيط بين أبنائنا والشركات ذات الأجور المنخفضة مع أنها تعي أن ذلك سيشكل عليها عبئا في المستقبل المنظور.
وهنا نتسائل: لم كل ذلك ونحن دولة ثرية وربما ليس من مكان في هذا العالم إلا ولبلادنا أيادي سخية على مستويات عدة ؟ وما هو وظيفة وزارة العمل؟! هل أن وظيفتها اصدار التأشيرات للعمالة الأجنبية؟! أم أن من واجبها توفير فرص عمل يتناسب مع قدرات أبنائنا ويفي بحاجياتهم ليعيشوا حياة كريمة.
إنني هنا أدعوا الجمعيات للتوقف عن الوساطة في التوظيف بالأجر الزهيد كما أدعوا الأبناء لعدم القبول بهذه الوظائف التي ستسير بهم إلى درجات متقدمة في الفقر والحاجة والمسكنة.
وعلى الجميع العمل على إيجاد حل يؤسس لحياة كريمة لهذا الجيل والأجيال القادمة.
وعلى الجميع العمل على إيجاد حل يؤسس لحياة كريمة لهذا الجيل والأجيال القادمة.
2. التعاون والتكافل داخل المجتمع.
3. المعرفة بالحقوق، والمطالبة بها والدفاع عنها.
وفي الختام أكد على أنه قد تعترض المجتمع الحي بعض الإشكاليات فتتحول إلى حالة من النقمة. و القرآن يحملنا مسئولية تدارك الوضع والمساهمة في إنتاج المجتمع الحي وعدم السماح لوجود فتنة في المجتمع.
والحمد لله رب العالمين