الامام المدرسي : الامام الحسين (ع).. راية وحدة ومسيرة إصلاح

نص بيان المرجع المُدرّسي بمناسبة أربعين الإمام الحسين عليه السلام ـ 1432هـ

شبكة مزن الثقافية

بسم الله الرحمن الرحيم
 
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد المصطفى سيد المرسلين وعلى آله الهداة الميامين.
السلام على الحسين، وعلى علي بن الحسين، وعلى أولاد الحسين، وعلى أصحاب الحسين.  وعلى زائري الحسين عليه السلام.

 
لقد أراد الحزب الاموي بقيادة يزيد لعنه الله أن يعلن للامة إنّ حكم الاسلام قد انتهى، وإنّ حكم الجاهلية قد تجدَّد، وهكذا طَوَّف برأس سيد الشهداء عليه السلام البلاد، كما طاف بالسبايا من آل الرسول صلى الله عليه وآله من كربلاء إلى الكوفة ومن الكوفة إلى الشام. وفي مواجهة إرادة الحزب الجاهلي كانت إرادة الرب تعالى وتدبيره، حيث شاء الله سبحانه أن يجعل من شهادة سبط الرسالة، ومن سبي أهل بيته، وكذلك من التطواف برأسه الشريف في البلاد، يجعل من كل ذلك إيذاناً بمرحلة جديدة في تطبيق رسالات الله في الارض. واليوم حيث نجد  الملايين من المسلمين يُجدِّدون العهد مع الله سبحانه، ويسيرون في طريق قافلة الشهداء، ويتقاطرون على كربلاء المقدسة حيث مرقد سيد الشهداء، وهم ينادون: (لبيك داعي الله) و يقولون: (ياليتنا كنا معك) اليوم نعرف كيف أنّ مشيئة الله هي الغالبة،وأن الظالمين هم الخاسرون، اولم يقل ربنا سبحانه ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيز (المجادلة/21). وهذا تطبيق لكلمات زينب سلام الله عليها التي صعقت بها التاريخ، وهي تخاطب الطاغية يزيد: " فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك،فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا تدرك أمَدَنا".

  • أيها الزائر الكريم

إنك اليوم تجسيد حي لما قالته السيدة زينب عليها السلام، حيث قد ينتصر بك الله تعالى لدينه، فطوبى لك، وهكذا كانت وستبقى كل خطوة منك في طريق كربلاء صفعة على وجه يزيد ومن تابعه وشايعه أو رضي بفعله. أيها الزائر، و مادمت اليوم تنتصر لدين الله، تعال نعمل معاً بالوصايا التالية لنسارع في تحطيم عروش الطغاة والظالمين.

  •   أولاً كرامتك مسؤوليتك

إنّ لكل شخص عند الله كرامة، وإنّ على كل شخص مسؤولية، أوتدري لماذا؟ لأن لكل شخص تأثيراً كبيراً في الحياة الاجتماعية، وهذا هو الدرس العام الذي استفدناه من واقعة الطف، حيث قد علّمنا أبوعبد الله الحسين عليه السلام كيف نحقق مسؤوليتنا، وكيف نصون كرامتنا، وكيف نجعل الحياة رخيصة في أعيننا عند حكم الظالمين، فقال: ( إني لا أرى الموت الا سعادة والحياة مع الظالمين الا برما).. وهكذا علمنا إن لم نقدر على الحياة بكرامة فاننا قادرون على الموت الكريم بشرف.

  • كلا للنظرة السلبية

أنت يا زائر السبط الشهيد، تستطيع أن تكون فاعلاً بل وفاعلاً جدياً في تقرير مصير البلاد، فلا تعش سلبياً، ولا تكن كمثل البعض الذي يتنفس الآهات، ويلوك السلبيات، ويلقي بالمسؤولية على هذا وذاك، كلا  إن السلبية نوع من القنوط من رحمة الله ﴿قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ (الحجر/56) إختر لنفسك سبيلاً لاصلاح الحياة وإرشاد العباد إلى الحق، إبحث ببصيرة الايمان عن الصراط المستقيم إلى الله، واسلكه بالتوكل على الله، ولا تستوحش فيه من قلة السالكين فيه، فانك إن كنتَ على حق، فإنّ الله يكون معك بكل قوته وعزته و عظمته وجلاله وجبروته.فان كنت تبحث عن رفيق الدرب فليكن بحثك عن الرجال الذين ذكرهم الله سبحانه حيث قال ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً (الاحزاب/23).
وقال ﴿رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (النور/37). إبحث عن مثل هؤلاء: إبحث عن أصحاب الدين والاخلاق والجد والاجتهاد.وبالرغم من أنّك قد ترى أن مثل هؤلاء نادرون في المجتمع،  ولكنهم موجودون، فابحث عنهم يوفقك الرب إليهم إن شاء الله.

  •   ثانيا العالم الرباني طريق النجاة

ثم ابحث عن عالم رباني إذا نظرت إليه ذَكَّرَكَ بربك ملامحُ وجهه، وإذا اقتربتَ منه زَهَّدَك في الدنيا تباعدُه عنها، وإذا تحدثتَ إليه زادك فضلاً وعلماً، فاذا وجدتَه، فكن  متعلماً في مدرسته، مقتدياً بسيرته، حافظاً لسرّه، عاملاً لله تحت رايته،الم تسمع قول الله سبحانه ﴿اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُم مُّهْتَدُونَ(يس/21)، وقوله تعالى ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ(النحل/43)، ﴿بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ(النحل/44).

وحذار من اتباع أصحاب الهوى والبدع والذين يدعون إلى أنفسهم وليست دعوتهم لله سبحانه ، قال تعالى ﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ (آل عمران/79).
العالِم الذي يدعوك إلى الله وليس إلى نفسه وجماعته هو الذي ينبغي أن يُطاع باذن الله، إنك حين تبحث عن خبير في شؤون الحياة فلابد إنك تبحث عن العالِم الامين، بينما  الدين أعظم شيء، فلا تستخف به، ولاتتبع في أمره خبيراً إلا بعد بحث طويل عن الأفضل تقوى وكفاءة وعلماً، فإذا وجدته فألزمه واتَّبع نهجه تهتد إن شاء الله.

  •   ثالثاً الفئة المؤمنة

إذا وجدت عالماً ربانياً واتبعتَه فإنك سوف تجد آخرين من عباد الله الصالحين قد اتبعوه معك، فوطِّد علاقاتك معهم فإنهم إخوان الصفا، فارتبط بهم وسر تحت راية الامام الحسين عليه السلام في ركبهم بهدف إصلاح نفسك وإصلاح المجتمع إن شاء الله تعالى.

  •   رابعاً الربانيون قادة  الاصلاح

وإذا وجد العلماء الربانيون أنصاراً صادقين، أشداء على الكفار، رحماء بينهم، فانهم ينهضون بهم في إصلاح المجتمع بالحكمة والموعظة الحسنة، لأنهم ورثة الانبياء، ولأنهم حجة الامام المنتظر عجل الله تعالى فرجه على الناس، كما روي عنه عليه السلام ﴿فانهم حجتي عليكم وانا حجة الله، ولأنهم يتبعون نهج إمامهم وسيد الشهداء عليه السلام حينما قال ﴿وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي صلى الله عليه وآله، أريد أن آمر بالمعروف، وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي وأبي، ولأن بيدهم مجاري الامور كما روي عن الامام الحسين عليه السلام ﴿إن مجاري الامور والأحكام بيد العلماء بالله، الأُمناء على حلاله وحرامه.

  •   خامساً رسالة الطف بين لا ونعم

أيها الزائر الكريم.. لقد بَعَثَ سيدنا أبو عبدالله الحسين إلى العالم برسالتين من وادي الطف: رسالة كلا و رسالة بلى، وانها حقاً تجسيد لكلمة التوحيد (لا اله الا الله).. الرسالة الأولى: كلا ليزيد، كلا لابن زياد، كلا لاشياعهما ومن سار على دربهما..
 
لقد قال الامام الحسين عليه السلام لوالي يزيد على المدينة ﴿إنا أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، بنا فتح الله، وبنا ختم، ويزيد رجل فاسق، شارب الخمر، قاتل النفس المحترمة، معلن بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله. وقال في وادي الطف ﴿ألا وإنّ الدعيّ ابن الدعي، قد ركز بين اثنتين، بين السِّلّة والذلّة، وهيهات منا اخذ الدنية، أبى الله ذلك ورسوله، وجدود طابت، وحجور طهرت.. ونقرأ في زيارته ﴿اللهم العن أول ظالم ظلم حق محمد وآل محمد، وآخر تابع له على ذلك، اللهم العن العصابة التي جاهدت الحسين، وشايعت، وبايعت، وتابعت، على قتله.

وهذه أعظم رسالة تاريخية إنطلقت من كربلاء وتجسدت في رفض الكفر والنفاق والظلم والعدوان، على مدى الدهور وفي كل مكان!. أما الرسالة الثانية ( نعم – بلى) فوجهها أولاً من مكة المكرمة حينما أراد الخروج منها إلى العراق، ودعا المؤمنين إلى الالتحاق به حيث قال: (من كان فينا باذلاً مهجته، موطِّناً على لقاء الله نفسه، فليرحل معنا، فاني راحل مصبحاً إن شاء الله).

وقد قال ثانياً في وادي كربلاء ﴿أما من مغيث يغيثنا لوجه الله، أما من ذاب يذب عن حرم رسول الله، ونحن اليوم حين ننادي ونقول: لبيك يا حسين، فإنه إستجابة لتلك الدعوة وذلك النداء، إنه صرخة حق وبيعة وفاء، وإنه تجديد عهد وميثاق مع مبادئ السبط الشهيد، إنه ليس شعاراً فارغاً، بل إننا نريد أن نكون أبداً دائماً مع نهج الامام الحسين عليه السلام، ومع من يمثل ذلك النهج عبر التاريخ وإلى ظهور قائم آل محمد صلى الله عليه واله ، وبالتالي مع العلماء الربانيين الذين يمثلون ذلك النهج بصدق.

  • الربانيون يمثلون نهج الامام الحسين

إنّ علماء الاسلام الذين اتبعوا نهج الامام الشهيد عليه السلام هم الذين حفظ الله بهم أحكام الشريعة، لأنهم كانوا مخلصين لله تعالى ولم يتبعوا الاغنياء لثروتهم، بل زهدوا في حطام الدنيا، كما إنهم تحدوا أصحاب القوة ولم يخضعوا لتهديداتهم، بل اتبعوا نهج سيدهم الامام الحسين عليه السلام في مقارعة الطغيان، ولم يخشوا أحداً إلا الله، وحتى إنهم اعتبروا الموت في سبيل الله،  غاية المــُنى، أوليست هي  الشهادة التي تمنوها أبداً حينما رددوا مع سائر الموالين لأبي عبد الله الحسين عليه السلام:(فيا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزاً عظيماً).وكان مع العلماء ثلة مؤمنة إقتدوا بهم في هذا النهج، وأصبحوا مراقبين لسلوك أصحاب الثروة أو القوة، ألاّ يطغى بهم سكر السلطة أو سكر الغنى فيعيثوا في الارض فساداً.

  •  ساهم في نصرة الدين

أخي الزائر الكريم.. إنك قادر باذن الله أن تساهم في استقامة الامة، وإصلاح المجتمع، ونصرة الدين، واتباع نهج السبط الشهيد، حتى تكون من عباد الله الصالحين، وتُحشر مع أصحاب الامام الحسين عليه السلام، بلى قادر على ذلك باتباع العلماء الربانيين إتّباعاً واعياً، والاستقامة على نهجهم، والتعاون معهم في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة. إننا حين نرى في البلاد فساداً أخلاقياً أو إدارياً أو إنحرافاً عقائدياً، فعلينا عقد العزم لمواجهة كل ذلك بقوة وسداد، وذلك بان نتذكر عاشوراء الحسين وكربلاء أصحابه، وصبر واستقامة أهل بيته، وشجاعة العباس، وبطولة زينب، وصبر السبايا، فنصلي عليهم ونسلم، ونبايعهم على الاستقامة في خطهم حتى نحظى بشفاعتهم في الآخرة، وبالعيش الكريم في الدنيا بإذن الله تعالى.

  • الامام الحسين راية وحدة ومسيرة إصلاح

لقد قام الامام الحسين عليه السلام بتجديد رسالة جده النبي صلى الله عليه وآله الذي قال فيه ﴿حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا، وقد كادت الامة الاسلامية تتلاشى بسبب مؤامرات بني أمية وأشياعهم من الجاهليين، فأعطت النهضة الحسينية للامة روحاً وثــّابة من جديد، ثم تحولت إلى مسيرة إصلاحية دائمة، وهكذا نجدها تمد الامة الاسلامية بالروح الاصلاحية كل عام، بل في كل حين بإذن ربها، ويستمر هذا الوضع حتى تتكامل النهضة بظهور الامام المهدي عجل الله فرجه، والذي يملأ الارض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.

إنّ الامام الحسين عليه السلام هو ثار الله، و الوتر الموتور، وسيبقى هكذا حتى ظهور القائم من آل محمد الذي يأخذ بثارات السبط الشهيد.ومن هنا كانت نهضة الامام الحسين عليه السلام دائماً وأبداً راية وحدة توحدنا، وتشد بعضنا الى بعض برابطة الولاء، ولهذا ترانا نقف على ضريحه فنجدد له البيعة قائلين ﴿إني سلم لمن سالمكم، وحرب لمن حاربكم، موال لمن والاكم، وعدوّ لمن عاداكم.

هذه الكلمة الصادقة النابعة من إيماننا بالاسلام والنبي والائمة الاطهار هو في الحقيقة ضمان وحدتنا، وكلما تمسكنا بالامام الحسين عليه السلام نهجاً للسلوك، وبصيرة في الفكر، ومسيرة للحركة، كلما اشتدت بيننا أواصر الوحدة، حتى نصبح كالبنيان المرصوص في مواجهة التحديات، وما أحوجنا اليوم إلى هذه الوحدة الايمانية ونحن نتعرض لتحديات كبيرة تهدد وجودنا كأمة راشدة.

  • الامام الحسين عليه السلام مدرسة الابطال

وكذلك الامام الحسين عليه السلام، وهو عزيمة قوة، ومدرسة بطولة وتضحية، يعيننا بإذن الله تعالى على مقاومة الخوف والتردد. وإذا كنا -نحن اليوم في العراق- بحاجة إلى المزيد من القوة  لكي نتحدى الصعاب ونحقق التطلعات السامية في بناء وطن قوي ميمون، وطن الحق والعدالة، وطن الكرامة والرفاه، فاننا بحاجة الى مدرسة الامام الحسين عليه السلام لِتُخرِّج لنا الابطال الاشداء، ولتصوغ أمتنا على أساس الجد والجهاد والورع والسداد.بلى، إن أية دولة تحكم العراق، لا تستطيع أن تحقق طموحات شعبنا من دون أن تكون ممثلة حقاً للناس، ومدعومة حقاً من قبلهم جميعا، وهنا تكمن المشكلة التأريخية للعراق، حيث كانت الحكومات السابقة تسعى جاهدة للتسلط على الناس والهيمنة على مقدراتها، وذلك بتشريع قوانين ما أنزل الله بها من سلطان، ومن هنا كانت تعرقل حركة الناس ونموهم، أما اليوم فإنّ المأمول أن يكون هدف الحكومة العكس تماماً، أي تنمية قدرات الناس، وتخفيف عبءِ القوانين الجائرة عليه، وهذا هو حقاً روح الدستور الجديد الذي نأمل أن يتكامل حتى يصبح دستوراً موافقاً للشريعة ولروح العصر.

إن قوة الشعب، وتقدم أبنائه ثقافياً واقتصادياً، ووحدة صفوفهم، إنها جميعاً في مصلحة الدولة، وتساهم في تقدم العراق، لأن الشعب القوي إذا ساند الحكومة الشرعية فسوف يشجع تلك الحكومة في تحقيق أهدافها، أما الحكومة وحدها فلا تستطيع تحقيق الاهداف، وهكذا فان قوة الحكومة لن تكون بديلة عن قوة الشعب، من هنا فاننا نوصي المسؤولين بأن يعيدوا إلى الناس الكثير مما احتكرتها الحكومات السابقة من الامكانات والفرص، وذلك باعتماد إقتصاد السوق حقاً، وبتحرير التعليم والاعلام والتجارة والصناعة والمعادن وغيرها من قيود القوانين غير الضرورية.بلى، سوف يبقى للحكومة دور وضع الاستراتيجيات العامة، ودور الرقابة على تطبيقها، ودور تحكيم العدالة بين الناس، ودور إشاعة الامن في ربوع الوطن.
 
إن الانظمة السابقة خلفت تركة ثقيلة من القوانين المعقدة، وأحيانا المتضاربة بينها، وليس من السهل تجاوزها، فلابد من تكاتف الجميع، حكومة وشعباً للتخلص منها، وبالتوكل على الله سبحانه.إن تضخم القطاع العام على حساب القطاع الخاص لايخدم أحداً، لا الدولة ولا الشعب، بل سوف يزيد من إمكانية إنتشار الفساد الاداري وهدر الثروة الوطنية، ونحن إذ نوصي البرلمان في دورته الجديدة للعمل جدياً من أجل تطبيق الدستور في هذا المجال، ووضع قوانين تتطابق معه لتحرير الاقتصاد من هيمنة الدولة غير الضرورية، كما نوصيها للعمل من أجل ضخ عائدات النفط في السوق عبر قنوات سليمة لتحفيز الاقتصاد وتشريع وتيرة النمو، وتسهيل الاستثمار الوطني، كل ذلك من أجل القضاء على البطالة بإذن الله تعالى.

  • أيها الزائر الكريم

إن الامام الحسين عليه السلام ثورة لا تنتهي، وهذه الجموع الهادرة التي تحيي ذكراه الاليمة في مناسبة الاربعين شاهدة صدق على أنه راية إصلاح لا تزال مرفوعة في كل أفق، وإنه حين قال ﴿وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي صلى الله عليه واله، أريد أن آمر بالمعروف، وانهى عن المنكر فانه لا يزال كذلك، فدمه الشريف لا يزال يجري في عروق مواليه، وهتافه الاصلاحي لا يزال يدوي من حناجر الملايين من شيعته ومحبيه، ومسيرته الاصلاحية لاتزال تستمر عبر هذه الملايين الزاحفة كل عام إلى ضريحه المقدس.وكلما مرت بنا هذه المواسم الميمونة نتزوّد منها روحاً جديدة، وعزماً شديداً لاصلاح أوضاعنا بإذن الله، لكي نمهد السبيل لظهور إمامنا الحق المنتظر المهدي عجل الله فرجه الذي يقوم باصلاح العالمين باذن الله.وأخيراً ندعو الله جميعاً بان يوفقنا لذلك ونقول ﴿اللهم إنا نرغب اليك في دولة كريمة، تُعِزُّ بها الاسلام وأهله، وتُذِلُّ بها النفاق وأهله، وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك، والقادة إلى سبيلك، وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة.