المرجع المُدرّسي "دام ظله: لنواجه القيم المادية التي غزت بلادنا مع القوات الاجنبية بثقافة العطاء والتراحم

•الربا في النظام العالمي "خدعة" كبرى وسرقة منظمة للشعوب والعالم يعيش "ازمة جاهلية" تواجه السنن الالهية

شبكة مزن الثقافية كربلاء المقدسة

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ* الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ* يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ. صدق الله العلي العظيم.

نحن اليوم في عالم يضيق ويندمج كلّما مرّ عليه الزمان، ويتفاعل كل جزء منه مع سائر الاجزاء، ومن هنا علينا ان ننظر يمينا ويساراً الى ما حولنا، ليس فقط الى الدول القريبة والشعوب الشقيقة، وانما الى سائر الدول التي تؤثر في العالم ايضاً، وهكذا علمنا القرآن الكريم، ألا ترى ان سورة كريمة في كتاب الله المجيد جاءت باسم سورة الروم حيث جاء في فاتحة هذه السورة "الم* غُلِبَتِ الرُّومُ* فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ* فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ* بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ"، الى آخر ما في مفتتح هذه السورة الكريمة من بيان قصة وقعت في ذلك الزمان، وقد كان القرآن يتنزل على قلب الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله)، وربما الكثير من ابناء الجزيرة العربية كانوا غافلين عمّا يدور حولهم من صراع عظيم بين امبراطوريتين كبرتين وعظيمتين في ذلك اليوم، الفارسية والرومانية، ولكن القرآن لم يسجل فقط حادثة وقعت، حيث غلب الفرس الروم، وانما ايضا سجل ما سيجري بعدئذ، أي بين السنن الإلهية التي تقولبت ذلك اليوم الى مسرح الاحداث، وانتصارهم على الفرس "وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ* فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ".

نحن اليوم يجب ان نستوحي من كتاب ربنا المجيد الذي أمرنا الله تعالى بأن نتدبر فيه، وأمرنا ائمتنا (عليهم الصلاة والسلام) باستنطاقه، أي بطرح الاسئلة والقضايا عليه والاستفادة منه لاستجلاء الامور والحلول، فإذن علينا نحن ايضا ان ننظر الى ما حولنا وان نسجل الظواهر التي تحيط بنا وبهذا العالم، وبخاصة إن العالم اليوم اصبح بعيده قريباً لأن التفاعل في العالم هو تفاعل ليس بين الشعوب التي تعيش في اقليم واحد وانما بين شعوب الارض جميعاً، ومن ثم نسجل بُعد الظاهرة على ضوء ما نستوحيه من كتاب ربنا في رؤية مستقبلية لبيان الأفق الذي ستنتهي اليه هذه الظاهرة او تلك الحادثة.

  • أزمة الإقتصاد والمال العالمي أنموذجاً

ومن أمثال هذه الظواهر هو ماوقع في الوقت الراهن في قصة قمة الثمانية ومن بعدها قمة العشرين، اللتين عقدتا مؤخرا في كندا، حيث باءت هاتان القمتان بفشل ذريع في معالجة تداعيات الازمة المالية والاقتصادية في العالم، فمنذ نحو ثلاث سنوات تقريبا بدأت بوادر هذه الازمة تطفو على السطح وبدأت كبريات بنوك العالم التي تتعامل بترليونات الدولارات تنوء تحت ضغط الديون الهائلة الباهظة واذا الواحدة بعد الاخرى تعلن افلاسها واذا بالاقتصاد العالمي يعيش مرحلة صعبة، وفي ذلك اليوم سجلت انا ملاحظة استوحيتها من كتاب ربي ومن احاديث النبي واهل بيته عليه وعليهم افضل الصلاة والسلام وقلت: ان هذه الازمة ليست ازمة عابرة، انها ازمة حضارة، او بتعبير افضل ازمة جاهلية تعبد المال وتجعل المال فوق القيم الالهية، فوق العدل فوق القسط والحق وكل القيم التي جعلها الله سبحانه سننه في هذه الدنيا، وغدا سيظهر اكثر فاكثر مدى سلامة هذه الرؤية المستوحاة من الاسلام ومن كتاب ربنا.

 ان الفرس غلبوا الروم بسبب بعض الإمكانات الظاهرة ولكن الروم ذلك اليوم في عصر النبي صلى الله عليه وآله عادوا ثم غلبوا الفرس لانهم كانوا على حق او لانهم اتبعوا سنن الله سبحانه وتعالى او لإن عدوهم الفرس كانوا اكثر كفرا وجحودا وبعدا عن سنن الله الحاكمة في هذه الخليقة، كذلك اليوم نحن نستطيع ان نقول ان هذه التكوينات القائمة على غير حق ان مثلها كمثل كلمة خبيثة اجتثت من فوق الارض ما لها من قرار لانها لا تقوم على اساس الحق والله سبحانه خلق العالم كله من اصغر ذرة الى اكبر مجرة خلقها بالحق واجل مسمى.

  • أسباب فشل القمم في حل الأزمات:

السبب الأول: لان النظام العالمي الدولي اليوم نظام لا يقوم على السنن الإلهية بل قائم على اساس القومية والوطنية وليس على اساس حقوق البشر وليس على اساس العالمية ولا على اساس ما قاله ربنا سبحانه " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ"،  وهذا مالا يرتضيه الله سبحانه وتعالى الذي لم يخلق الابيض ليجعل له ميزة وافضلية على الاسود مثلا، ولم يخلق اهل هذه الارض افضل من اهل تلك، بل خلق الله البشر كلهم من نفس واحدة، وقال ربنا " لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ". واذا نظرنا الى النظام العالمي اليوم وجدناه نظاماً قائماً على اساس آخر، فهو قائم على أساس الإقليم واللغة والقومية والوطنية والعنصرية وعلى أسس باطلة ولذلك حينما جلسوا الى بعضهم اختلف الاوربيون، قالوا الافضل لنا ان نعمل من اجل سد العجز، أما الامريكيون قالوا: إن الأفضل لنا ان لا نهتم بالعجز بقدر ما نهتم بتحريك الاقتصاد وتفعيله وايجاد فرص العمل اكثر فاكثر. واخشى ان تكون بعض هذه الكلمات صعبة على بعض المستمعين الكرام لذلك أتجاوز الدخول في التفاصيل واهل الخبرة يعرفون ماذا اقول، فلم يتفقا جانبي الاطلسي اي امريكا الشمالية واوربا، لم يستطيعا ان يتفقا بالرغم من بعض الترقيعات التي جاء بها الدولة المضيفة اي كندا، والتي باءت هي الاخرى بالفشل، لماذا لان كل دولة تفكر في نفسها، لا تفكر في الازمة العالمية المالية ولا الكساد الاقتصادي الذي يمكن ان يجتاح الارض واهل الارض وهو اكبر كساد اقتصادي خلال اكثر من نصف قرن يتوقع ان يجتاح الارض كوباء ينتقل من بلد الى بلد، وبالامس رأينا كيف ان مشكلة اليونان الاقتصادية عمت اوربا ومنطقة اليورو وهي عملة اوربية موحدة وكيف ان الدول الاوربية ضخت لليونان ترليون يورو دون ان يتغير الوضع كثيرا، وبعد اليونان ايضا هناط البرتغال وهناك اسبانيا ودول اخرى تعيش نفس الازمة.

السبب الثاني: ان المال الحرام لا يهنأ به صاحبه والمال الذي بيد هؤلاء الذين يهيمنون على اقتصاد العالم الآن، ليس كله حلالا وانما جزء كبير منه حرام لأن هذا المال في الحقيقة جاء على حساب الشعوب والمستضعفين، ليس المستضعفون الموجودين في افريقيا فقط او بعض دول امريكا اللاتينية او بعض دول آسيا وانما المستضعفون المتواجدون في بلادهم أيضاً، فبينما يعيش الفرد من افرادهم من الاغنياء تخمة لا يعرف كيف يتصرف بامواله يعيش الآخر كادحاً ليلاً ونهاراً ثم لا يجد لقمة عيش ليست مغموسة بعرق جبينه، إنما مغموسة بالذل والهوان.

واما السبب الثالث والاهم: فهو ان هناك خدعة عالمية كبرى، تتمثل هذه الخدعة في الربا الذي يربو ظاهراً ولكنه لا يربو عند الله؛ بعض الناس يعيشون بالاموال لا يعملون بهذا المال وانما يضخونه في سوق معينة ويبحثون عن الربح السريع ولا يهمهم ماذا يجري بعدئذ، هذا الربا هو المسؤول عمّا يجري في العالم لأن هناك سرقة منظمة وجدية لأموال الشعوب عبر هذا النظام الرأسمالي الربوي العالمي، كيف ان دولة من الدول عندها عملة وهذه العملة هي التي يعتمد عليها الناس ويعملون على اساسها لكن هذه الدولة حينما تعيش ازمة بدلا من ان تعالج الازمة تبدأ وتطبع عملة بدون رصيد، وكذلك هناك بنوك في العالم تحايلت على الارقام وتعاملت باكبر من حجمها واكبر من قدرتها ورصيدها من المال، وهنا نشأت الازمة لإن هنالك فجوة بين المال الحقيقي وبين الاوراق الرسمية، ولذلك تجد ان رقم التضخم عادة لا يقل عن رقمين يعني فوق العشرة وبعضهم يصعد اكثر واكثر، والتضخم يعني ان الاوراق ذات الاعتبار المالي تقل قيمتها يوما بعد يوم، ومعنى هذا سرقة، ولكن سرقة منظمة، والناس يعملون يكدحون ليل نهار ولا يحصلون على ما يعملون لإن الاوراق النقدية تفقد قيمتها كل يوم تقريبا،وتفقد قيمتها الشرائية، ولذلك الاسعار تتصاعد وهذا يسمى بالتضخم..

 وربنا سبحانه يبين مفارقة كبيرة ان هناك فرقاً بين مجتمع الربا ومجتمع الصدقات، مجتمع الربا ومجتمع الإنفاق، مجتمع الربا ومجتمع الاحسان. المحسن يعمل فإذا فاض ما يملكه عن حاجته اعطاه لغيره، وحينما يعطيه للآخر فإن المجتمع يتحرك وفرص العمل تزداد وهو بالتالي يستفيد، أما المرابي فإنه يحاول ان يجمع اكبر قدر من المال ليكدسه لنفسه ومن ثم يجمد الاقتصاد، واذا جمد الاقتصاد سوف يكون اول المتضررين.

  • التوازن الإقتصادي بين الربا والإنفاق

هناك معادلة وسنة إلهية بين الربا والذي ينتهي بالتضخم وانهيار الاسواق، وبين الانفاق والذي ينتهي بتفعيل المجتمع وزيادة فرص العمل والنمو وتحريك الساحة، فيقول تعالى: "الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ". هؤلاء اجرهم في الآخرة عند الله، حيث الدرهم الواحد يمكن ان يتضاعف الى سبعمائة درهم أو اكثر أما اجرهم الدنيوي فإن الله يعوضهم بما ينفقون اضعافاً مضاعفة في هذه الدنيا، في صحتهم وسلامتهم وحتى في بركة اقتصادهم، ثم يقول ربنا مباشرة بعد هذه الآية الكريمة: "الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ". الذي تداخل الشيطان معه، هذا الانسان لا يستطيع ان يكون متوازنا متعادلاً،تجده يتحرك يمينا ويسارا من دون إرادته، هؤلاء ايضا كذلك، لانهم يعبدون المال ولا يعبدون رب المال، بدأوا ينسلخون من قيمهم وعن انسانيتهم، تجد هم لا يستطيعون ان يعرفوا الحقائق ولا ان يستقيموا في حركتهم، لماذا؟ "ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ"، ففضلاً عن مضار الربا في الدنيا والتي تنتهي بالتضخم وانهيار الاسواق فإن عواقبه في الآخرة هو أن هؤلاء سيخلدون في النار اذا عادوا الى الربا بعد ان وعضهم الله سبحانه وتعالى وحرمه، ثم يقول ربنا: " يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ"؛ وهذه هي النتيجة الحقيقية وهي ان الربا وإن كان ظاهراً في حالة تزايد إلا إن نتيجته التسافل، وإن الإنفاق وإن كان ظاهراً في تناقص إلا إن نتيجته الزيادة على المستوى الفردي والاجتماعي.

  • المجتمع العراقي وثقافة العطاء والتراحم وشكر النعمة

أيها الأخوة: نحن في العراق نحتاج الى ان نواجه القيم والثقافة المادية التي غزت بلادنا مع القوات الاجنبية التي احتلت بلادنا، هذه القيم يجب ان ننتبه اليها، أن لا تكون القيمة والثقافة الاساسية لدينا زيادة المال، لأن المال الزائد الذي لا يتحول الى سعادة ولا يتحول الى إنفاق ولا يتحول الى عمل صالح يتحول الى وبال على صاحبه ووبال على المجتمع..أليس من العيب ان يصبح العراق بعد الاحتلال الدولة الثانية في الفساد المالي والاداري والاقتصادي؟ يتحدثون عن ما جرى في وزارة الكهرباء او غيرها، انا في الحقيقة اقول إن القضية ليست قضية وزير او مدير بل إن القضية قضية نظام وقيم، القضية هي كيف نريد ان نبني مجتمعنا، على اي اساس واي قيم، هل على اساس السرقة والفساد ؟ وهل أن مجتمعاً من مجتمعات العالم في التاريخ استطاع ان تقوم له قائمة على اساس السرقة والنهب والاحتيال والفساد المالي والفساد الادراي؟

ان مجتمعنا توارث عبر التاريخ قيم الانفاق والصدقات والاحسان، وقد مرّ في ظروف صعبة، ولكنه عاش حياة وظروفا افضل، فقد كان في أيام الفقر يوزع رب العائلة الخبزة الواحدة بينه وبين جيرانه، ولقمة العشاء يدع نصفها لابنائه ونصفها للامام الحسين (سلام الله عليه) حتى يطعم الزوار، اليس هذا الافضل؟.. النعم قد اقبلت عليكم اخواني في العراق ولكن لا تبددوها وتهدروها؛ فالانسان حينما تقبل عليه النعمة تقبل بصورة تدريجية فاذا شكر النعمة زادها الله واذا كفر بها ولم يشكر الله عليها فإن النعمة تتوقف وتتلاشى، يقول تعالى: "وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ"، إن هذا اعلان ووعد إلهي، كيف نشكر ربنا وماهي النتيجة المرجوة، فتعالوا ننشر في مجتمعنا ثقافة العطاء والانفاق والتراحم وليس ثقافة البحث عن المال والاثراء بأي طريقة ممكنة مهما كان فسادها، وهنا مسؤولية الكل، مسؤولية الاب في تربية ابنائه ومسؤولية المعلم في تربية الصغار ومسؤولية الاستاذ الجامعي والموظف الكبير والحديث في دائرته، مسؤولية الرؤساء ومسؤولية اعضاء البرلمان ومسؤولية العلماء الخطباء، وإن من صفات المجتمع الاسلامي انه مجتمع التواصي يتواصون بالحق والمرحمة، الكبير يوصي الصغير والصغير يوصي الكبير والزميل يوصي صاحبه، الكل يوصي بعضهم بعضاً لكي يعملوا جميعا من اجل الله، من اجل انفسهم ومجتمعهم ومستقبلهم، من اجل رضا الرب وأن لا يسخط علينا، ولا يسلب النعمة من جديد، وقد رأينا وعرفنا كيف ان الانسان يعاني حينما يبتليه الله او يعذبه ببعض اعماله.. تعالوا نعود الى الله سبحانه وتعالى وندعوه ونستغفره ونربي مجتمعنا ونبنيه على قيم العدل والاعتدال والحق، وانا كلي أمل ان المجتمع العراقي، المجتمع الذي نجده والحمد لله قد امتزج بثقافته ورؤاه بولاية اهل البيت عليهم السلام وبحب النبي صلى الله عليه وآله وبمعرفة ودراسة القرآن الكريم، كلي امل في ان هذا المجتمع يصير مجتمعاً نموذجياً، ومثالا صالحا، لا يكتبون عنه في العالم بأنه الافسد في دول العالم بعد الدولة الفلانية.. لا ينبغي لنا ان نكون كذلك، بل بالعكس في يوم من الايام سوف يقول العالم: هذا المجتمع مجتمع اهل البيت، مجتمع التآخي والتحابب والتهادي، يقسمون الفائض بين المستضعفين في الارض بروح منفقة ومعطاءة.

اسأل الله سبحانه وتعالى ان يرزقنا نفحة من نفحاته لكي تسود حياتنا الرحمة والتعاون وثقافة العطاء وزيادة في تمسكنا بأهل البيت والنبي والقرآن وتعاليمه، أسأل الله سبحانه وتعالى ان يوفقنا لذلك وها نحن في رحاب ايام رجب ومن ثم شعبان ورمضان المباركة، التي نسأل الله ان يجعلها ايام رحمة وبركة وعطاء وتحول جذري في مجتمعنا وحياتنا وعلاقاتنا. انه ولي التوفيق