العلامة العوامي: يؤكد على الاهتمام بقيام الليل وإصلاح النفس
أكّد سماحة الشيخ فيصل العوامي على ضرورة الاهتمام بإصلاح النفس من خلال الالتزام ببرنامج رباني عماده المحافظة على قيام الليل والتهجد فيه، وعدم إهمال ذلك أو التهاون به تحت أي ذريعةٍ كانت، جاء تأكيده هذا في الخطبة التي ألقاها يوم الجمعة الفائت، والتي افتتحها بالآية الكريمة: (وَمِنْ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً) (سورة الإسراء/79).
الشيخ العوامي وفي معرض تفصيله لهذه الآية الكريمة أشار إلى أن الآية ومع كونها تتوجه بالخطاب إلى الرسول الأكرم إلا أن ذلك لا يعني اختصاصه به وحسب، بل إن الخطاب -أيضاً- موجَّهٌ إلى الناس كافّة دون استثناء. مع فارقٍ وهو أن النبي مطالبٌ في هذا الخطاب على نحو الوجوب، أي يجب على النبي قيام الليل، أما بالسبة لسواه فالخطاب فلا يتضمن الوجوب وإنما الاستحباب فقط، وذلك لعدة قرائن وأدلة تبين هذا المعنى، منها ما ورد في آياتٍ قرآنيةٍ أخرى ومنها ما ورد في روايات شريفة.
بعدها تناول الآية الكريمة بالشرح، فأضاف إن تعبير الآية بـ (ومن الليل) تشير إلى أن المطلوب قيام بعض الليل، وأن (التهجد) يقال للنوم، ويقال لترك النوم كذلك، حتى ذهب البعض إلى القول بأن الهجود من الكلمات التي تحمل المعنى وضده، ومن جانبٍ آخر أشار إلى أن تعبير الآية بـ (لك) تدل على الاختصاص الذي أشار إليه، ويمكن أن يُفْهَم منها أيضاً أن الثواب والأجر المترتب على إتيان هذا العمل عائد إليك في آخرتك ودنياك يا رسول.
وبالنتيجة فالآيات تؤكِّد على أهمية هذا الورد -ألا هو قيام الليل- في حياة الإنسان المؤمن، وما يتركه من أثر واضحٍ عليه، وأضاف بأن المحروم هو من لا يعطي أهمية لذلك، فيهمله ولا يدير لذلك بالاً؛ وذلك لسوء توفيقه. ولجهله بفضلها، ولذنوبه التي قد ارتكبها مما أدى إلى حرمانه من ثوابها. ولهذا عبّرت الآية عنه بقولها: (أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً)، وعبّر عنه القرآن في موضعٍ آخر بقوله: (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) (سورة سبأ/10). فالمقام المحمود والفضل يشيران إلى أن قيام الليل يؤدي إلى الوصول إلى ذلك المقام الشامخ، كما يؤدي إلى الحصول على الفضل والأجر الجزيل. هذا فضلاً عن الأثر الذي يمكن أن يتركه على حياتنا من خير وبركة في الدنيا والآخرة، وهذا ما تدل عليه العديد من الروايات، كأثره في زيادة رزق الإنسان مثلاً. كل ذلك لأن النبي خلا بنفسه آناء الليل بشكلٍ جعل منه مستحقاً للمقام المحمود.
وشدّّد سماحته في الختام على ضرورة إصلاح الإنسان المؤمن لنفسه ومحاسبتها، حتى يوفّق لهذا العمل الرباني، من خلال جعل قيام الليل عملاً مركزياً في برنامجنا اليومي.