لليلة الأولى من فعاليات برنامج منقذ البشرية الثقافي الثالث لشهر محرم 1431هـ

الشيخ ميثم الجشي : عاشوراء .. الملحمة الخالدة

شبكة مزن الثقافية
سماحة الشيخ هيثم الجشي
سماحة الشيخ هيثم الجشي

ضمن فعاليات برنامج منقذ البشرية الثقافي الثالث لشهر محرم الحرام لعام 1431هـ كانت المحاضرة الأولى بعنوان " عاشوراء .. الملحمة الخالدة " لسماحة الشيخ هيثم الجشي .

  تطرق سماحة الشيخ في محاضرته  إلى أربعة محاور :

  • المحورالاول : كربلاء العزة والكرامة :

 تحدث سماحة الشيخ عن ذكرى عاشوراء المتجدد في كل سنة والتي يستعيد فيها المسلمون وعيهم وحياتهم كربلاء الحسين ، حيث إن هذه الذكرى السنوية العاشورائية تمد الأمة وتعطيها من حيويتها وتدفعها إلى المواقع المتقدمة في مسيرة الحياة الكريمة ، وتمنح من عطاءها إلى كل البلاد الإسلامية ، حيث أن كربلاء لم تعد محصورة  في نطاق معين أو في دولة معينة ، بل راحت تتفاعل في كل أرض يعيش فيها المسلم الصراع ضد الكفر والطغيان والاستبداد والاستكبار .

 وأشار سماحته إلى أن عاشوراء الحسين ليست مجرد تاريخ ، وإنما هي تحول حقيقي لتكون منطلقاً لكل زمن ، ولكل جيل تتمثل فيها مجالات الإنسان المسلم في كل مرحلة من مراحل حياته جهاداً من أجل العزة والكرامة .

وذكر سماحته عن دور كربلاء وما تحمله من معانٍ سامية ، تحمل معها عمق الأهداف التي عاشها أولئك الشهداء الذين ضحّوا بأنفسهم من أجل التطلعات الكبيرة التي كان يحملها الإمام الحسين ، والتي كان يستهدفها للحياة كلها من أجل النهوض بالأمة الإسلامية  .

 وأكد سماحته على أننا لابد وأن نعيش هذه الروح المخلصة لله عز وجل ، حيث إن كل شيء في كربلاء كان لله ، ولم يكن فيها شيء للذات أو للفئة . وأشار إلى ضرورة استحضار الأمة الإسلامية ذكرى الآلام التي خلفها الاضطهاد والطغيان في يوم عاشوراء ، وأن علينا أن نرتبط بتلك الآلام التي يعيشها الناس في كل مكان وفي كل بلد من بلدان العالم الإسلامي ، لذا فإن استقبالنا لعاشوراء بني على أساس ما نحمله من مسؤولية مع الله سبحانه وتعالى ، فيجب علينا أن نتطلع إلى الإمام الحسين في تلك الأرض التي واجه فيها الكفر والطغيان والاستبداد بكل قوة من أجل العزة والكرامة .

  • المحور الثاني : لماذا إقامة عاشوراء :

شدّد سماحته على ضرورة إقامة عاشوراء ، حيث كان أهل البيت يصرون على الخط العاشورائي ، لأنه يمثل خط الرفض الوثنية والاستبداد والجاهلية والظلم ويمثل الرفض لكل أعداء الله سبحانه وتعالى وأعداء الإنسانية ، وأشار إلى أن نهج عاشوراء هو نهج الموالاة لكل أولياء الله سبحانه وتعالى ، ولكل المناهج التي تنطلق من الله سبحانه وتعالى وتتحرك في خط الله الذي انطلق فيه الإسلام من خلال رسول وانطلق فيه علي والأئمة  من خلاله أيضا ، على أن هذا النهج يحتاج إلى قوة وإرادة صلبة تهز السائرين عليه في كل وقت وفي كل جيل ، ليقول للناس كلهم إن الدماء التي سالت في كربلاء هي سرّ شخصيتكم التي ركزت القاعدة الإسلامية المنطلقة في خط الله وخط رسوله وأولياءه من أئمة أهل البيت   ،  حيث كان أصحاب الحسين من عشائر تتوزع على مجمل الجزيرة العربية كانوا قبل أن يجتمعوا في كربلاء متفرقين حتى في خطوطهم وانتمائهم السياسية ولكن صوت الإمام الحسين هو الذي دعاهم وربطهم بالحقيقة الواحدة وبالرسالة الواحدة .

  • المحور الثالث  : ماذا طرح الإمام الحسين من شعارات في كربلاء :

 الإمام الحسين طرح عدة شعارات ومنها :

  " إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي أريد أن أمر بالمعروف وأنهى عن المنكر "
 " لا والله لا أعطيكم بيدي أعطاء الذليل ولا أقر لكم إقرار العبيد "
" ألا وإن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة "
" وإني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما "
أشار سماحته إلى أن الشعارات التي طرحها الإمام ( ع ) لم تكن شعارات الزمن الذي كان يعيش فيه الإمام لتكون المسالة مجرد مسألة غارقة في التاريخ ، لكنها شعارات الحياة كلها ، شعارات الإسلام في كل مواقعه  ، وذكر سماحته بعض مظاهر الانحراف في حياتنا المعاصرة على مستوى الفساد والإفساد في عدة جوانب كالفساد السياسي على مستوى الحاكم والمحكوم وعلى المستوى الإقليمي والمحلي ، وعلى المستوى الفردي والاجتماعي  .. وغيرها من الظواهر المنحرفة من خلال المتاجرة بالأخلاق ، وأن مثل تلك المشاكل التي نعيشها في هذا الزمان قد تكون أخطر من المشاكل التي عاشها الإمام الحسين ( ع ) ، وقال فيها إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي ، أريد أن أمر بالمعروف وانهي عن المنكر ، حيث كانت المشكلة السياسية في زمن الإمام الحسين ( ع ) هي مشكلة الحاكم الجائر والمنحرف  الذي يحاول إعطاء الشرعية الإسلامية في إدارة حكمه .

  •  المحور الرابع : ما الدروس التي نستوحيها من عاشوراء .

ركّز سماحته على أن الحزن على الإمام الحسين ليس حزناً ذاتياً ، وإنما هو حزن رسالي ينفتح على كل مواقع المأساة في حياتنا ، وذلك عندما تتحرك المأساة من خلال الذين يضطهدون الناس على أساس الإسلام وهم بعيدون كل البعد عن الإسلام ، لذا فإن الحزن والبكاء على الإمام الحسين في مضمونه الواعي هو صرخة غاضبة في وجه كل أولئك الذين صنعوا مأساة الحسين ، وكل الذين سكتوا ورضوا على قتل الحسين ، ومادام هؤلاء الظالمون يتكروون عبر التاريخ فالصرخة الغاضبة يجب أن تبقى في وجههم وذلك من خلال عاشوراء .

وذكر سماحته بأن الإمام الحسين أراد الإصلاح على مستوى الأمة كلها ليعيش الإنسان رسالية الإسلام في كل المساحات الإنسانية التي للإسلام فيها قضية وللرسالة فيها خط .
وفي نهاية محاضرته أشار إلى بعض الدروس التي نستلهمها من كربلاء بأن نثأر لله وحده ، وأن نعطي الدم من أجل بقاء الإسلام وحده وأن نعمل على حمل شعارات القرآن ، ونرفض الباطل والزيف والفساد وكل الانحرافات الأخلاقية والثقافية والاجتماعية .

 لأن كربلاء علمتنا أن نكون الصرخة التي تواجه الظلم والظالمين الاستكبار والمستكبرين .

 وعلمتنا أن نعيش الصمود والثبات ونحمل في فكرنا ووعينا شعارات الجهاد وأن نكون الصادقين في سبيل الله نجاهد بالكلمة وبالمال والروح ، وأن نكون المتدينين الحقيقيين الذين يملكون بصيرة الدين وبصيرة العقيدة وبصيرة الإيمان والمبدأ  .

نسأل الله العالي القدير أن يجعلنا من السائرين على خطى الإمام الحسين  

 "" السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين  ""