مزن تحاور الكاتب والصحفي الأستاذ ميرزا الخويلدي - حول المجلس البلدي
بسم الله الرحمن الرحيم
الانتخابات البلدية تجربة جديدة تمر بها المملكة العربية السعودية في الوقت الراهن، وكأي تجربة جديدة تتباين مواقف الناس تجاهها بين الحماس الشديد واللامبالاة المفرطة ومابين هذين الموقفين من طيف .
وكأي تجربة جديدة أيضاً تبقى الكثير من الأسئلة حولها تدور في أذهان الناس يبحثون عن إجابة عنها كي تتضح لهم الصورة أكثر .
وإسهاماً من شبكة مزن الثقافية في تسليط الضوء على هذه التجربة أجرينا هذا الحوار مع الأستاذ ميرزا الخويلدي عضو اللجنة الإلامية بلجنة الإشراف على الإنتخابات البلدية بالمنطقة الشرقية والصحفي بجريدة الشرق الأوسط السعودية .
- كيف تقيمون الإقبال على تسجيل الاصوات للإنتخابات البلدية في المنطقة ؟
- من حيث المبدأ، فقد كان الإقبال على التسجيل في الانتخابات البلدية في منطقة القطيف جيداً وهو يعكس بنسبة ما حجم التفاعل الكبير الذي حظيت به الانتخابات في المنطقة، لقد بذل الاهالي في القطيف جهوداً كبيرة لتشجيع التسجيل في الانتخابات، وقام الناس في تاروت وبجهود خاصة وفي العوامية وغيرها بتوفير حافلات لنقل المسجلين، كما وفرت بعض المحلات والمطاعم في سيهات جوائز تشجيعية، أما في قرى المحيط وصفوى والعوامية والقطيف فقد بذل الاهالي ولجان التنسيق جهوداً لتحفيز الناخب وترسيخ الوعي باهمية الانتخابات.
هذه الجهود وغيرها تستحق منا الشكر والتقدير والعرفان.
- إلامَ تعزو ضعف الإقبال في العديد من المناطق كما أشارت إلى ذلك الصحف السعودية ؟
- إلى امور كثيرة .. من بينها :
1- أن هذه هي تجربتنا الاولى التي ليس في ذاكرتنا او تجاربنا مثيلاً لها.
2- أن بعض فقرات النظام الانتخابي قدمت اولويات معكوسة في الانتخابات .. فتسجيل الناخبين يسبق تسجيل المرشحين.. وتقسيم الدوائر الانتخابية بعد تسجيل قيد الناخبين. إن الكثير من الناخبين كانوا سيندفعون للتسجيل اذا عرفوا مرشحيهم من البداية.
3- لاحظنا ان النخب الاهلية وخاصة رجال الدين لم يتفاعلوا مع الانتخابات ولم يبذلوا جهداً لإقناع الناس بالمشاركة.
4- هناك عناصر اخرى من بينها أن شكل المدينة قد طرأ عليه الكثير من التبدل والتغير، فالمدن الكبيرة استقطبت اعداداً كثيرة من الوافدين من بقاع المملكة وهم يشكلون (بيئات) مختلفة يحدث أحياناً ان تذوب (هوية) المدينة، من جهة، ويعجز المخططون عن إيجاد (هوية) اخرى، فيعيش الناس وكأنهم في (مدينة عمال) خليط من الاجانب او الاقليات .. هذا يجعل المبادرات المشتركة كالانتخابات البلدية ضعيفة .. هذا ما لا نلاحظه في الاحساء وحفر الباطن والقطيف التي سجلت حضوراً جيداً في الانتخابات.
- يرى البعض أن ثمة مبالغة في أهمية المشاركة في التصويت، خصوصاً إذا علمنا أن دور هذه المجالس البلدية
استشاري فقط ؟
- دور المجلس ليس استشاري فحسب هناك ادوار هامة تعتمد على وجود مرشحين واعضاء اقوياء وعناصر فاعلة.
لكن بعيداً عن الدور .. هل صحيح ان هناك ثمة مبالغات في اهمية الانتخابات.. ؟، بالنسبة لي أرى ان العمل الذي يقوم به الاهالي ولجان التنسيق الاهلية وحتى اللجان الحكومية كان ضرورياً مادمنا نتحدث عن تجربتنا الاولى .. ومع ذلك وبالرغم من كل هذه الجهود التي وصفت هنا بـ (المبالغة) فالتسجيل لم يكن مثيراً وكان (ضعيفاً) في أماكن معينة.
- هل توجد قناة أو آلية للتواصل بين أفراد المجتمع وأعضاء المجلس المزمع تشكيله لمعرفة همومهم وتطلعاتهم ؟
- نعم .. بما أن كل فائز (عضو المجلس البلدي) يمثل دائرة انتخابية فسكان الدائرة يتواصلون بشكل مباشر مع ممثليهم. وهنا علينا ن نبتكر وسائل مختلفة للتواصل .. على الفائزين أن يفتحوا لهم مجالس ومكاتب للاتصال بالجمهور.. وعلى الناس ان تتواصل وتنقل لهم الأفكار والمطالب والاقتراحات.
- ماذا تعكس نسب الإقبال المرتفعة في بعض المناطق والمنخفضة في مناطق أخرى ، هل تعكس تباين الوعي السياسي أم أن عوامل أخرى تتداخل في الموضوع ؟
- بالاضافة الى ما ذكرت، تعكس حجم النشاط الشعبي والاهلي.. اننا نلحظ أن الاحساء والقطيف كانت سباقة للتسجيل وبعدها حفر الباطن، ونعلم ان الناس في الاحساء والقطيف اعتبروا أن الانتخابات ونجاحها والتفاعل معها و(تجذير معانيها) في التنمية البشرية، قضية تمسهم بشكل مباشر.. ولذلك تفاعلوا.!
- هل يمكن أن تمثل هذه الانتخابات تمهيداً لانتخابات أكبر ، لمجلس الشورى مثلاً ؟
- بالتأكيد .. اذا نجحت الانتخابات البلدية، ونجحت هذه التجربة فلنا ان نؤسس عليها لما بعدها..
إن تجارب الشعوب تعتمد على تراكم الخبرات والتجارب.
- هل تعتقدون أن عملية تأهيل المواطن للعملية الإنتخابية كانت كافية ؟
- لا .. لم تكن كافية .. الانتخابات مفهوم تربوي .. سياسي .. إجتماعي.. الانتخابات تعني ان الناس جمعاً وأفرادا، (يحتكمون) لـ (التصويت) ويقبلون بنتائجه.. وبالتالي فلا وجود للمطلقيات والافكار الشمولية ..
لا وجود لقمع الرأي الآخر, ولا وجود لإقصاء الآخرين.
والانتخابات تقودنا بالضرورة الى (نسبية) الصواب والخطأ, وترشدنا الى وسائل (شعبية) عوضاً عن رأي الفرد واستبداد الجماعة. والانتخابات تجعل المرء مدفوعاً لكي يشرح وجهات نظره ويتقرب الى الناس لعرض مشاريعه وافكاره وان يقبل برأيهم ويعتبر ذلك القبول معيارات النجاح وليس الاعتماد على مشروعيات مختلقة كالمال والثروة والجاه والمقام الديني.
الانتخابات فلسفة تربوية تجعل الناس يتعايشون حقيقة مع الفكر الديمقراطي والشوروي.
- كيف سيتعرف الناخب على المرشحين ؟
- في 19 ذي الحجة يبدأ تسجيل المرشحين حتى 23 من الشهر ذاته، يعقب ذلك صدور اللائحة الأولى للمرشحين تليها اللائحة النهائية، وبعد العاشر من محرم يبدأ كل مرشح بالدعاية الانتخابية ولمدة عشرة ايام، ويستطيع الناخب ان يتعرف على المرشح في دائرته وفي الدوائر الاخرى من خلال :
1- ان يقوم كل مرشح بعرض نفسه وبرامجه على الناخبين.
2-أن يكون كل مرشح فريقاً انتخابياً يعرض مشاريعه وبرنامجه الانتخابي ويعرف الناس عليه.
3-ان يتحرى الناخب من بين المرشحين في دائرته من يصلح لتمثيله والتعبير عن تطلعاته، وعليه ايضاً أن يتعرف على مرشح واحد على الاقل في كل دائرة انتخابية ضمن نطاق المجلس البلدي.
4- يمكن الاستعانة بأهل الكفاءة وخاصة لجان التنسيق الاهلية للتعرف على المرشحين.
- هل من كلمة أخيرة ؟
ينطلق المفهوم الانتخابي الذي تقوم عليه الانتخابات البلدية في المملكة من مبدأ حق المواطنين في المشاركة برسم سياسات بلدهم على الصعيد البلدي، والمشاركة في صنع القرار.. وفي حين يعتبر الكثير أن النظام الانتخابي مؤهل للتطوير على نحو يحقق المزيد من الشفافية والدفع بمشاركة أوسع في صناعة القرار، فإن احداً أيضاً لا يغفل عن المعطيات الإيجابية لعملية الاقتراع والتصويت والانتخاب وأهمها بدون شك تعزيز ثقافة الانتخاب والمشاركة والمساهمة بإيجابية في تعميق مفهوم التنمية البشرية والعمل مع مختلف الاطياف لرسم وتحقيق المصالح المشتركة.
إن العملية الانتخابية تدفع نحو المزيد من تنظيم المجتمع وتعزيز بناء مؤسساته، وتحقيق قدر أوفى من التعبير عن الذات والسعي لبلورة طموح أكثر واقعية، وأكثر اقتراباً من الهمّ اليومي للمواطن.
وتعتبر الانتخابات البلدية اولى الخطوات التي تتيح للمواطن في هذه البلاد المشاركة والتعبير عن رأيه والإسهام في خدمة مجتمعه، وهي المجال الأول للمشاركة الواسعة في الشأن العام.
وتعتبر العملية الانتخابية أولى خطوات المشاركة والمساهمة في صناعة القرار، وتحقيق التنمية السياسية وتعزيز ثقافة المشاركة والتعاون لخدمة المصالح المشتركة.
أتقدم بخالص الشكر والتقدير، لكل مجالس التنسيق الاهلية التي عملت بكل جد وإخلاص لإنجاح هذه التجربة، كما أتقدم بالشكر لكل الفعاليات الاجتماعية في محافظة القطيف الذين بذلوا جهداً كبيراً لإقناع الناخبين، وأخص بالذكر أصحاب الفضيلة العلماء والسادة، واصحاب السعادة المثقفين والاكاديميين والناشطين الاجتماعيين.
كما اتقدم بالشكر للأهالي الكرام في محافظة القطيف الذين برهنوا على أنهم بحجم المرحلة وتحدياتهم وسجلوا حضورهم الفاعل والنشيط في التسجيل للانتخابات البلدية.
وادعوهم للحضور الفاعل ايضاً في الانتخاب .. والله اسأل أن يحفظ بلادنا والجميع من كل سوء