من هم الشيعة ؟ (1)
من هم الشيعة ؟ ومن ابتكر التشيع ؟ وهل أن الشيعة هم من ابتكر التشيع ، ثم طبعوه بطابع الدين وصبغوه بالإسلام تمويهاً لغايات سياسية أم غير ذلك ؟ وتفاصيل ذلك ليس محله هنا .
أما ما يرتبط بموضوعنا هنا فنقول : أن التشيع عقيدة إسلامية بمعنى أن الإسلام أصل التشيع فليس التشيع أجنبي عن الإسلام بل هو لب الإسلام .
وخلافنا مع بقية المذاهب الإسلامية في أن التشيع في جوهره وحقيقته يتلخص بكلمة واحدة وهي : الإيمان بأن الإمام المنصوص عليه يتولى الحكم ويحكم بإرادة الله لا إرادة الناس ولذا رفض أمير المؤمنين الحكم بسيرة الشيخين .
أما من الذي جاء بالتشيع ، وحمل الناس عليه ؟ وهل يرجع إلى أصل من أصول الإسلام كآية من القرآن أو رواية من السنة النبوية الشريفة ؟ فنقول:
أن النبي هو الذي بعث عقيدة التشيع وأوجدها ودعا إلى حب علي وولائه ، وأول من أطلق لفظ الشيعة على أتباعه ومريديه ولولاه لم يكن للتشيع عين ولا أثر. وسيأتي بيان ذلك.
- معنى الشيعة
التشيع لغة : هو المشايعة أي المتابعة والمناصرة والموالاة .
فالشيعة بالمعنى اللغوي هم الأتباع والأنصار فشايعه يعني تابعه وناصره .
وبهذا المعنى اللغوي استعمل القرآن الكريم لفظة الشيعة كما في قوله تعالى : * (وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ) * الصافات/83 وكقوله تعالى : * (هَٰذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ) * القصص /15.
وكذلك جاءت كلمات اللغويين :
قال الأزهري: " والشيعة أنصار الرجل وأتباعه ، وكل قوم اجتمعوا على أمرهم شيعة . . .
وقال ابن دريد: " وفلان من شيعة فلان أي ممن يرى رأيه " .
وقال الجوهري: " وتشيع الرجل ، أي ادعى دعوى الشيعة ، وتشايع القوم ، من الشيعة . وكل قوم أمرهم واحد يتبع بعضهم رأي بعض فهم شيع . . . قال ذو الرمة: استحدث الركب عن أشياعهم خبرا ، يعني عن أصحابهم " .
والمستفاد مما ذكر أن الشيعة والتشيع والمشايعة - لغة - بمعنى المتابعة والمناصرة والموافقة في الرأي ، ثم غلب هذا الاسم - كما عند ابن منظور - على كل من يتولى عليا وأهل بيته رضوان الله عليهم أجمعين ، حتى صار لهم اسما خاصا ، فإذا قيل : فلان من الشيعة عرف أنه منهم . وفي مذهب الشيعة كذا أي : عندهم ، وأصل ذلك من المشايعة وهي المتابعة والمطاوعة " .
- أما في الاصطلاح :
كما هو مشهور: من شايع عليا وأحد عشر من ولده ( عليهم السلام ) بوصفهم خلفاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والأئمة من بعده على الناس نصا ووصية .
فمن تابع علياً (عليه السلام) وقال بإمامته بعد الرسول بلا فصل , فهم الشيعة, يعني شايعوا علياً .
- الشيعة في الروايات :
لقد ورد المعنى الاصطلاحي للشيعة في مرويات رسول الله وأهل بيته عليهم السلام مما يعني حقيقة التشيع وجوهره لا أنه ابتكار من اصطلاح الشيعة أنفسهم ونذكر لذلك الآن جملة من الروايات التي وردت في كتب أبناء العامة منها :
1- قال الرسول(صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام) : ( أنت وشيعتك في الجنة ) .
2- وقال (صلى الله عليه وآله): ( إذا كان يوم القيامة دعي الناس بأسمائهم واسماء أمهاتهم , إلا هذا ـ يعني علياً ـ وشيعته , فانهم يدعون بأسمائهم واسماء آبائهم لصحة ولادتهم ) .
3- وقال (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام) : ( إنك ستقدم على الله أنت وشيعتك راضين مرضيين ) .
4- وقوله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام) : ( يا علي، إن الله قد غفر لك , ولذريتك , ولولدك , ولأهلك , ولشيعتك , ولمحبي شيعتك )
5- وقال (صلى الله عليه وآله): ( يا عليّ , إن أول أربعة يدخلون الجنة : أنا , وأنت , والحسن , والحسين , وذرارينا خلف ظهورنا , وأزواجنا خلف ذرارينا, وشيعتنا عن أيماننا وعن شمائلنا ) .
6- روى الكثير من مفسري أهل السنة وعلماء الحديث عندهم في تفسير قوله تعالى في سورة البينة آية 7 : ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية ) قال الرسول (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام) : ( هم أنت وشيعتك)
هذا من طريق أبناء العامة ، أما من طريق الشيعة فحدث ولا حرج، ومخافة عدم الإطالة نكتفي بهذا ، وسيأتي ذكر بعضها في طيات البحث.
هذا, وإن الإنسان لا يصدق عليه أنه من شيعة علي إلا إذا اتبعه وأخذ معالم دينه منه.
- ما هي صفات الشيعة ؟
نعم إن للشيعة الذين ورد ذكرهم في الروايات صفات خاصة وليس كل من يتسمى باسم التشيع فهو شيعي بل من تنطبق عليه تلك الصفات التي سنذكر جزءاً منها فهو شيعي بالمعنى الحقيقي وأما من لم تنطبق عليه فهو شيعي بالاسم فقط ، أي فليس له من التشيع إلا الاسم فقط.
وأما ما هي هذه الصفات؟! فقد وردت في روايات كثيرة جداً نذكر مقتطفات منها كما يلي:
خطبة وصف المتقين :
فقد ذكر فيها أمير الشيعة سلام الله عليه صفات المتقين والتي تنطبق على الشيعة بالمعنى الحقيقي وليس اللفظي نقتطف جزءاً منها:
قال ( عليه السلام ) بعد حمد الله والثناء عليه:
(إنّ المتقين في الدنيا هم أهل الفضائل ، منطقهم الصواب ، وملبسهم الاقتصاد ، ومشيهم التواضع ، خضعوا لله بالطاعة ، غاضين أبصارهم عمّا حرّم الله عزّ وجل ، واقفين أسماعهم على العلم ، نزلت منهم أنفسهم في البلاء ، كالذي نزلت في الرخاء ، رضى بالقضاء ، لولا الآجال التي كتب الله لهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين ، شوقاً إلى الثواب ، وخوفاً من العقاب .
وقال ( عليه السلام ): ... أمّا الليل فصافّون أقدامهم ، تالون لأجزاء القرآن ، يرتلونه ترتيلاً ، يحزنون به أنفسهم ، ويستثيرون به دواء دائهم ، وتهيج أحزانهم بكاءً على ذنوبهم ، ووجع كلومهم وجراحهم ، فإذا مرّوا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعاً ، وتطلعت أنفسهم إليها شوقاً ، وظنّوا أنّها نصب أعينهم ، وإذا مرّوا بآية فيها تخويف ، أصغوا إليها مسامع قلوبهم ، وظنّوا أنّ زفير جهنّم وشهيقها في أصول آذانهم ، فهم حانون على أوساطهم ، ومفترشون جباههم وأكفهم ، وأطراف الأقدام ، يطلبون إلى الله العظيم في فكاك رقابهم .
وقال ( عليه السلام ): ... هم لأنفسهم متّهمون ، ومن أعمالهم مشفقون ، إذا زكي أحدهم خاف ممّا يقولون ، فيقول : أنا أعلم بنفسي من غيري ، وربّي أعلم بي منّي ، اللهم لا تؤاخذني بما يقولون ، واجعلني خيراً ممّا يظنّون ، واغفر لي ما لا يعلمون ، إنّك علاّم الغيوب .
وقال ( عليه السلام ): ... الخير منه مأمول ، والشر منه مأمون ، إن كان في الغافلين كتب في الذاكرين ، يعفو عمّن ظلمه ، ويعطي من حرمه ، ويصل من قطعه ، لا يعزب حلمه ، ولا يعجز فيما يزينه ، بعيداً فحشه ، ليّناً قوله ، غائباً مكره ، كثيراً معروفه ، حسناً فعله ، مقبلاً خيره ، مدبراً شرّه ، فهو في الزلازل وقور ، وفي المكارة صبور ، وفي الرخاء شكور .
لا يحيف على من يبغض ، ولا يأثم فيمن يحب ، ولا يدّعي ما ليس له ، ولا يجحد حقّاً هو عليه ، يعترف بالحق قبل أن يشهد عليه ، لا يضيع ما استحفظ ، ولا ينابز بالألقاب ، لا يبغي ولا يهم به ، ولا يضار بالجار ، ولا يشمت بالمصائب ، سريع إلى الصواب ، مؤد للأمانات ، بطئ عن المنكرات ، يأمر بالمعروف ، وينهى عن المنكر ، لا يدخل في الدنيا بجهل ، ولا يخرج من الحق .
وقال ( عليه السلام ): ... نفسه منه في عناء ، والناس منه في رجاء ، أتعب نفسه لآخرته ، وأراح الناس من نفسه ، بعده عمّن تباعد عنه بغض ونزاهة ، ودنوه ممّن دنا منه لين ورحمة ، ليس تباعده تكبّراً ولا عظمة ، ولا دنوّه خديعة ولا خلابة ، بل يقتدي بمن كان قبله من أهل الخير ، وهو إمام لمن خلفه من أهل البر) .
هذه مقتطفات من خطبة أمير المؤمنين عليه السلام فأين مصاديق هذه الكلمات في واقعنا المعاصر ، أين هم الشيعة الذين يصفهم أمير المؤمنين في خطبته هذه !!
ليتساءل كل واحد منا عن تلك المصاديق ليعرف من يتصف بهذه الصفات ومن لا يتصف بها .
كيف يعرف الشيعي بمعيار الأئمة
هل كل من تسمى بالشيعة هو شيعي ؟
هل من قال أنه يحب أهل البيت هو شيعي ؟
فما هو المعيار للتشيع إذن عند أهل البيت ؟
المعيار ما جاء في رواية جابر الجعفي ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : قال لي : يا جابر أيكتفي من ينتحل التشيع أن يقول بحبنا أهل البيت ، فو الله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه وما كانوا يعرفون يا جابر إلا بالتواضع والتخشع والأمانة وكثرة ذكر الله والصوم والصلاة والبر بالوالدين والتعاهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة والغارمين والأيتام وصدق الحديث وتلاوة القرآن وكف الألسن عن الناس إلا من خير ، وكانوا امناء عشائرهم في الأشياء . قال جابر : فقلت : يا ابن رسول الله ما نعرف اليوم أحدا بهذه الصفة ، فقال : يا جابر لا تذهبن بك المذاهب حسب الرجل أن يقول : أحب عليا وأتولاه ثم لا يكون مع ذلك فعالا ؟ فلو قال : إني أحب رسول الله فرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) خير من علي ( عليه السلام ) ثم لا يتبع سيرته ولا يعمل بسنته ما نفعه حبه إياه شيئا ، فاتقوا الله واعملوا لما عند الله ، ليس بين الله وبين أحد قرابة ، أحب العباد إلى الله عز وجل [ وأكرمهم عليه ] أتقاهم وأعملهم بطاعته ، يا جابر والله ما يتقرب إلى الله تبارك وتعالى إلا بالطاعة وما معنا براءة من النار ولا على الله لاحد من حجة ، من كان لله مطيعا فهو لنا ولي ومن كان لله عاصيا فهو لنا عدو ، وما تنال ولايتنا إلا بالعمل والورع .
وهل يكفي الادعاء بحب أهل البيت ليسمى الفرد بأنه شيعي ؟
كلا! كما يقول الإمام بل أن الشيعي هو ذاك المتقي الذي يطيع الله ورسوله وأهل بيته عليهم السلام لا غير ذلك. ولو قال مليون مرة أنه يحبهم لم يفده ذلك شيء ما لم يكن تقياً .
وعلى كل حال اتضح من هذه الرواية عدة أمور :
1-إن جابراً لم ير أحداً يتصف بهذه الصفات التي ذكرها الإمام .
2-يقول الإمام ليس بين الله وبين أحد قرابة فأحب العباد إلى الله أتقاهم لا من تسمى باسم الشيعة فقط .
3-يقول الإمام أنه ليس معنا براءة من النار لأحد – شيعي أو غيره - .
ويختم الإمام كلمه بقوله (من كان لله مطيعا فهو لنا ولي ومن كان لله عاصيا فهو لنا عدو ، وما تنال ولايتنا إلا بالعمل والورع )
ولكي تعرف الشيعة أكثر -إضافة لما جاء من صفات في الرواية السابقة - عليك بما جاء في هذه الرواية :
روي عن أبي جعفر ( ع ) أنه قال لجابر يا جابر إنما شيعة علي ( ع ) من لا يعدو صوته سمعه ولا شحناؤه بدنه ، لا يمدح لنا قاليا ، ولا يواصل لنا مبغضا ولا يجالس لنا عائبا شيعة علي ( ع ) من لا يهر هرير الكلب ، ولا يطمع طمح الغراب ، ولا يسأل الناس وان مات جوعا ، أولئك الخفيفة عيشتهم ، المنتقلة ديارهم ان شهدوا لم يعرفوا ، وان غابوا لم يفتقدوا وان مرضوا يعادوا ، وان ماتوا لم يشهدوا ، في قبورهم يتزاورون قلت ، وأين أطلب هؤلاء قال في أطراف الأرض بين الأسواق ، وهو قول الله تعالى عز وجل أذلة على المؤمنين أعزه على الكافرين .
وعن حمران بن أعين عن أبي عبد الله ( ع ) قال كان علي بن الحسين ( ع ) قاعدا في بيته إذ قرع قوم عليهم الباب يا جاريه انظري من بالباب فقالوا قوم من شيعتك فوثب عجلان كاد ان يقع فلما فتح الباب ونظر إليهم رجع وكذبوا فأين السمت في الوجوه أين اثر العبادة ، أين سيماء السجود إنما شيعتنا يعرفون بعبادتهم وشعتهم قد قرحت العبادة منهم الآناف ودثرت الجباه والمساجد ، خمص البطون ، ذبل الشفاه ، قد هبجت العبادة وجوههم ، وأخلق سهر الليالي وقطع الهواجر جثثهم ، المسبحون إذا سكت الناس والمصلون إذا نام الناس والمحزونون إذا فرح الناس ، يعرفون بالزهد ، كلامهم الرحمة وتشاغلهم بالجنة .
أما كم أولئك الشيعة فنرجو كما يرجو الإمام أن يكون هنا أو هناك شيعة يعرفون بصفاتهم باعتبار تلك المصاديق التي يذكرها أئمة أهل البيت في رواياتهم كما روي عن المفضل بن قيس عن أبى عبد الله ( ع ) ، قال : كم شيعتنا بالكوفة قال قلت خمسون ألفا قال : فما زال يقول حتى قال : ترجو أن يكونوا عشرين ثم قال ( ع ) والله لوددت أن يكون بالكوفة خمسة وعشرون رجلا يعرفون أمرنا الذي نحن عليه ولا يقولون علينا إلا بالحق .
- الشيعة هم من أطاع الله
لقد ذكرت الروايات السابقة أن الشيعة هم أهل الطاعة بل ليس من الشيعة من لم يطع الله ، وأي طاعة هي ؟ الطاعة التي ترى فيها الإنسان في المكان الذي يحبها الله ولا تراه في عكسها .
فالشيعة هم من أطاع الله كما جاء عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : لا تذهب بكم المذاهب ، فو الله ما شيعتنا إلا من أطاع الله عز وجل .
- الشيعة هم أهل الورع
والروايات في ذلك كثيرة منها :
عن أبي الحسن الأول ( عليه السلام ) : قال : كثيرا ما كنت أسمع أبي يقول : ليس من شيعتنا من لا تتحدث المخدرات بورعه في خدورهن وليس من أوليائنا من هو في قرية فيها عشرة آلاف رجل فيهم [ من ] خلق [ ا ] لله أورع منه .
وكما جاء عن أبي بصير قال : قال الصادق ( ع ) شيعتنا أهل الورع والاجتهاد وأهل الوفاء والأمانة وأهل الزهد والعبادة أصحاب إحدى وخمسين ركعة في اليوم والليلة القائمون بالليل الصائمون بالنهار يزكون أموالهم ويحجون البيت ويجتنبون كل محرم .
الشيعة هم الذين يتواصلون مع السنة
من يتواصل مع الناس ؟
ومن هم الناس ؟
لقد ورد لفظ الناس في مرويات أهل البيت وهم يقصدون بها السنة ، فهل نحن ممن يتواصل معهم ؟
عن عبد الله بن زياد ، قال سلمنا على أبى عبد الله ( ع ) بمنى ثم قلت يا بن رسول الله انا قوم مجتازون لسنا نطيق هذا المجلس منك كلما أردناه فأوصنا قال ( ع ) عليكم بتقوى الله وصدق الحديث وأداء الأمانة وحسن الصحبة لمن صحبكم وافشاء السلام واطعام الطعام صلوا في مساجدهم وعودوا مرضاهم واتبعوا جنائزهم فان أبى حدثني ان شيعتنا أهل البيت كانوا خيار من كانوا منهم ، إن كان فقيه كان منهم، وإن كان مؤذن كان منهم ، وإن كان امام كان منهم ، وإن كان صاحب أمانة منهم ، وإن كان صاحب وديعة كان منهم ، وكذلك كونوا حببونا إلى الناس ولا تبغضونا إليهم .
وروي عن الإمام العسكري عليه السلام أنه قال لشيعته : أوصيكم بتقوى الله ، والورع في دينكم ، والاجتهاد لله ، وصدق الحديث ، وأداء الأمانة إلى من ائتمنكم من بر أو فاجر ، وطول السجود ، وحسن الجوار ، فبهذا جاء محمد صلى الله عليه وآله ، صلوا في عشائرهم واشهدوا جنائزهم وعودوا مرضاهم وأدوا حقوقهم ، فإن الرجل منكم إذا ورع في دينه وصدق في حديثه ، وأدى الأمانة وحسن خلقه مع الناس قيل : هذا شيعي فيسرني ذلك . اتقوا الله وكونوا زينا ولا تكونوا شينا ، جروا إلينا كل مودة ، وادفعوا عنا كل قبيح ، فإنه ما قيل فينا من حسن فنحن أهله ، وما قيل فينا من سوء فما نحن كذلك . لنا حق في كتاب الله ، وقرابة من رسول الله ، وتطهير من الله لا يدعيه أحد غيرنا إلا كذاب . أكثروا ذكر الله وذكر الموت وتلاوة القرآن والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله ، فإن الصلاة على رسول الله عشر حسنات . احفظوا ما وصيتكم به ، واستودعكم الله ، وأقرأ عليكم السلام .
و عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، قال : سمعت أبا عبد الله ( ع ) يقول : أوصيكم بتقوى الله ، ولا تحملوا الناس على أكتافكم فتذلوا ، إن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه : " وقولوا للناس حسنا " ثم قال : عودوا مرضاهم ، واشهدوا جنائزهم ، واشهدوا لهم وعليهم ، وصلوا معهم في مساجدهم : ثم قال : أي شئ أشد على قوم يزعمون أنهم يأتمون بقوم فيأمرونهم وينهونهم فلا يقبلون منهم ، ويذيعون حديثهم عند عدوهم فيأتي عدوهم إلينا فيقولون لنا : إن قوما يقولون ويروون عنكم كذا وكذا فنحن نقول : إنا برآء ممن يقول هذا ، فيقع عليهم البراءة .
وعن عمر بن أبان قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : يا معشر الشيعة إنكم قد نسبتم إلينا ، كونوا لنا زينا ولا تكونوا علينا شينا ، ما يمنعكم أن تكونوا مثل أصحاب علي - رضوان الله عليه - في الناس ، وإن كان الرجل منهم ليكون في القبيلة فيكون إمامهم ومؤذنهم ، وصاحب أماناتهم وودائعهم ، عودوا مرضاهم واشهدوا جنائزهم ، صلوا في مساجدهم ، ولا يسبقوكم إلى خير ، فأنتم والله أحق منهم به ، ثم التفت نحوي وكنت أحدث القوم سنا فقال : أنتم يا معشر الأحداث إياكم والوسادة ! عودوهم حتى يصيروا أذنابا والله خير لكم .
أما من يعود مرضى السنة ومن يشهد جنائزهم ويصلي في مساجدهم ومن يسبقهم إلى الخير فهو الشيعي الحقيقي ولكن أين هو ذاك ، لا بد أن نفتش كثيرا علنا نجد واحداً هنا أو هناك !!
وما أقوله هل نحن نمتثل لرأي وكلام أئمتنا ؟ أما يكفي حبنا لهم !! سؤال يحتاج إلى إجابة واقعية !
وقد سأل الإمام أصحابه كما في الرواية بقوله (ما يمنعكم أن تكونوا مثل أصحاب علي - رضوان الله عليه - في الناس ) وأنا أجيب الإمام : أنهم لا يمتثلون لرأيكم ولا يعيرون له أهمية ؟
إن الكثير منا إنما يتسمى بالتشيع ظاهراً لا باطناً فالتشيع الباطن والحقيقي هو كما في هذه الروايات :
من يعود مرضى السنة ويشهد جنائزهم ويصلي في مساجدهم ، ولا يتركهم يسبقونه بالخير فهو أولى .
من يطيع الله فإن من أطاع الله فهو الشيعي الحقيقي .
من كان ورعاً تقياً ، زاهدا عابداً ، بل هو أورع من عاشر .
من هو صادق الحديث (غير كذاب) ، مؤدٍ للأمانة ، حسن الجوار .....الخ
وباختصار: فإن الشيعي هو ذاك الفرد الذي تجتمع فيه كل صفات الخير وإلا ما معنى كون الشيعي شيعياً ولا فرق بينه وبين غيره من الناس ؟!
هذا وللموضوع تتمة